مقطع إغتصاب آخر ..!!
:: مقطع فتاة الواتساب – أو هكذا أسمت الصحف حادثة إغتصاب شارك فيها بعض المراهقين – قد يشغل الناس والصحف لحين ( طامة أخرى).. ولكن، قبل أسابيع، عكست حكايات التي يرأس تحريرها صديقنا وجدي الكردي مقاطع من حياة بعض الناس في بلادنا.. مقاطع ظاهرها مضحك ومغزاها يبكيك دماً على ما آل عليه أخلاق بعض أفراد مجتمعنا..فالصبيان بمقطع الواتساب إكتفوا بإغتصاب تلك الفتاة فقط، ولكن الشيوخ والشباب بمقاطع حكايات يغتصبون وطناً بكامل شعبه، وهذا ما يجب أن تشغل أذهان الناس والصحف.. نعم، فالجرائم أيضا لها قوائم تنصيف تترواح ما بين (الخطيرة) و (الأخطر)..وفي تقديري، إن كانت جريمة مقطع الواتساب (خطيرة)، فان جرائم مقاطع حكايات هي (الأخطر )..!!
:: المقطع الأول، حسب خبر حكايات، يعكس تجارة رائجة بسوق ليبيا .. بنواة التمر، يصنع البعض علامة الصلاة وينحت وجه الزبون بخمسة جنيهات، أو هكذا يحترفون صناعة ( الإحتيال والنفاق )..وهناك مراعاة للزبون الدائم بحيث يتم تخفيض سعر نحت وجهه في حال عودة الزبون لتجديد العلامة وتحديثها.. والزبائن، كما يصفهم مقطع الخبر المفجع، هم بعض ذوي اللحى الذين يتاجرون بالخلاوى والمساجد.. أي من يمدون لك إيصال التبرع لدور العبادة، فيهم من ترى أثر السجود على وجهه، بيد أن ذاك الأثر قد يكون أثر ( نواة سوق ليبيا).. وكذلك، حسب مقطع الخبر المزعج، ينحت بعض الشباب جباههم بنواة التمر طمعاً في الوظائف الحكومة وشركاتها..علماً بأن تجارة صناعة هذه العلامة رائجة، ولها زبائن.. ولاحول ولاقوة إلا بالله ..!!
:: والمقطع الآخر، بذات الصحيفة الإجتماعية، يعكس إنتقال هذه الظاهرة من العاصمة إلى بعض مدائن البلد، ولكن بوسائل مختلفة ومواكبة للعولمة..على سبيل المثال، بشندي، حاضرة نهر النيل، تقدم بعض أستديوهات التصوير الفوتغرافي خدمات أخرى لبعض الشباب بجانب تصويرهم..ومن الخدمات رسم علامة صلاة مميزة – بالفوتوشوب – على صورهم الفوتغرافية، وذلك بغرض إرفاقها مع سيرتهم الذاتية ثم تقديمها إلى منافذ لجان وظائف الحكومة وشركاتها..وكذلك بعض السماسرة، كما يقول الخبر المحزن، يحرصون على نحت العلامة على وجوههم، لتكسبهم الوقار عند تعاملهم مع مرافق الدولة و شركاتها..حسبنا الله ونعم الوكيل ..!!
:: وراء كل جريمة دوافع ومناخات..فلنقل أن دوافع ومناخات الجريمة التي ارتكبها المراهقين بمقطع فتاة الواتساب هي المراهقة وعدم إتقان أسرهم مراقبتها وترشيدها، ولكن ماهي دوافع ومناخات جرائم الإحتيال التي يمارسها شيوخ وشباب (مقاطع حكايات)؟.. للأسف، مناخات النهج الحاكم التي يتنفسها المجتمع السوداني ويصطلي بها هي الدوافع التي دفعت شيوخ وشباب مقطع حكايات إلى نحت جباهم بالنواة و رسم ما يسمونها بعلامات الصلاة – بالفوتشوب -على صورهم.. نعم، هؤلاء المحتالين من الذين إقتنعوا بأن التنطع والإحتيال والنفاق حل محل الصدق و الكفاءة والنزاهة في تعامل مرافق الدولة وشركاتها مع الناس، ولذلك ( نافقوا، تنطعوا، احتالوا)، بالنواة والفوتشوب.. لإرضاء النهج الحاكم ..!!
:: كم من ذوي العلامة المصنوعة في سوق ليبيا نجح في إغتصاب منابر الناس ومناصب دولتهم ووظائف مرافقها؟..وكم من ذوي العلامة المنحوتة بسوق ليبيا نجح في خداع مشاعر الناس واغتصاب أموالهم، بحيث لم تذهب الأموال إلى الخلاوى والمساجد؟.. وكم من ذوي الصور الموسمة بعلامة الفوتشوب بشندي وغيرها نجحوا في شغل وظائف كانت بحاجة إلى الصدق و المؤهل والكفاءة؟..ولماذا يساهم مناخ التنطع العام في إرتكاب مثل هذه الجرائم بدفع أفراد المجتمع إلى الغش والخداع والإحتيال..؟..فالقدوة في أي زمان ومكان – مسؤولاً كان أو نهجاً حاكما- هي التي تغرس في نفوس المجتمع مقاصد الشرع وما في المقاصد من قيم العدل والرحمة والصدق والإخلاص والعلم و العمل، وليست من سلامة القدوة هجر المقاصد والتنطع بالمظاهر و تعليم أفراد المجتمع (فنون الإحتيال)..!!
الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]