منوعات

حِــنَّة العرِيس والحريرة والضريرة

وفي يوم الجمعة المباركة، أضع بين يدي قراء العمود الكرام إجابة للعلامة الفقيه الشيخ محمد العثيمين رحمه الله عن أحد أسئلة الإخوة السودانيين، انتقاءً من كتابي المعنون بــ «أجوبة الشيخ ابن عثمين عن أسئلة السودانيين» والذي جمعتُ فيه حوالي مائتين وخمسين فتوى رتّبتها على الأبواب الفقهية، وهي أجوبة على أسئلة أرسل بها أصحابها من السودان لبرنامج نور على الدرب الذي يُبث بإذاعة القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية، والسؤال الذي أنتقيه لهذه الجمعة عن عادات موروثة في المجتمع، إذ يضع الشخص القادم على الزواج الحناء على يديه ورجليه ويوضع له هلال وخرزات ويربط له حريرة ويسكب على رأسه الضريرة، ولمّا كان في إجابة الشيخ الفقيه محمد العثيمين رحمه الله إجابة شافية في هذا الأمر الذي يقع في جهات عديدة في بلادنا، أردت أن أتحف بها إسهاماً في نشر العلم في هذه القضية المهمة، وآمل أن تجد النصيحة آذاناً صاغية ممن ابتلوا بهذا الأمر.
(السؤال): يقول عندنا بالسودان عادات إذا تزوج الرجل أول مرة وضع له خيطاً من الحرير في يده اليمنى وهلال من ذهب خارج الجيب إلى الأمام وقبل ثلاثة أيام من الزواج يوضع له مسحوق من ثمار الحنة على يديه وقدميه فهل هذه العادات صحيحة أم لا؟
فأجاب الشيخ محمد العثيمين رحمه الله تعالى بقوله:
(هذه العادات باطلة وليست بصحيحة ولا أصل لها ولا تأثير. والتحلي بالذهب على الرجل محرم ولا يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الذهب على ذكور أمته. وثبت في الصحيح أنه رأى على رجل خاتماً من ذهب فأخذه وطرحه وقال (يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيلقيها في يده). وعلى هذا فإنه لا يجوز أن يلبس هذا الهلال من الذهب لأنه ذهب ولا يجوز للرجل. أما بالنسبة لهذا الخيط من الحرير فإنه لا يخلو بما يفعله به من اعتقاد باطل وهو أنهم يعتقدون أن هذا رباط بين الرجل وزوجته وهذا لا أثر له، بل هو نوع من الشرك الأصغر لأن كل إنسان يجعل شيئاً سبباً لشيء، والشرع لم يجعله له، وكذلك لم يكن سبباً له عن طريق حسي معلوم، فإن هذا نوع من الشرك الأصغر. وأما التحنن بوضع الحناء باليد أو بالرجل، فإن هذا من خصائص النساء وليس مما يتحلى به الرجل أو يتزين به.
انتهت الفتوى.
أقول تعليقاً على الفتوى : إن المشابهة المحرّمة هي التي تكون في الخصائص، فإن وضع الحناء في اليدين والرجلين لغير استشفاء وإنما لمجرد الزينة هو من خصائص النساء، وما كان من خصائص النساء فإنه لا يجوز للرجال فعله لعموم النهي الوارد في الحديث النبوي الصحيح وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام : (لعن الله المتشبهين من النساء بالرجال ولعن الله المتشبهات من النساء بالرجال). ولا أظن أن شخصاً سيقول إن وضع الحناء في الأيدي والأرجل للزينة ليس خاصاً بالنساء، فالأمر في غاية الوضوح كما أننا لم نسمع برجل بعد زواجه بسنتين أو ثلاث وضع الحناء في يديه ورجليه لأجل الزينة.
ولذلك يقع الرجل المُقدم على الزواج في كبيرة من كبائر الذنوب بهذا الفعل الذي استحق اللعن والعياذة بالله، كما أنه يتنافى هذا العمل وكمال المروءة التي يجب على الرجال التحلي بها، ومن العجيب أن تنتشر قبل فترة على بعض الوسائط صور رسم الحناء لدى بعض الرجال!! ضمن بعض الأعمال التي يفعلها بعض الفساق من المتشبهين بالنساء، هداهم الله وعافى المجتمع منهم.. كما ظهرت حديثاً حنة الخريج !! وهذه وتلك مظاهر للانفلات الأخلاقي الذي يعيشه مجتمعنا في هذه الفترة وينتظر هؤلاء وغيرهم من صرعى الهوى من يأخذ بأيديهم وهي مهمة جهات كثيرة منها وسائل الإعلام التي يسهم بعضها في زيادة الطين بلة !!!
وأما عادات ربط الحريرة ولبس الخرزات فقد ارتبطت بعادات يبدو أن بعضها له صلة بعادات فرعونية، إذ يقوم الأمر على ربط الفأل بها، واعتقاد أن الأمور لن تسير على ما يرام إن لم يفعلها العريس أو الطفل عند الختان!! ولذلك تصر بعض النساء على أن يفعل أبناؤهن في زواجهم تلك العادات واشتهر مصطلح (حتى لا تحصل له الكبسة) وهو نوع من التشاؤم المحرم الذي به ربط أحداث بهذه الأمور التي لا تنفع ولا تضر..
والواجب التحرّر من هذه العادات المنكرة والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم، وإن واجب محبة النبي صلى الله عليه وسلم يعني الاقتداء به والسير على طريقه، ولم يعهد عنه ولا عن صحابته إتيان مثل هذه الأمور.. أسأل الله الهداية للجميع، كما أسأله أن يوفق العلماء لما فيه خير أمتهم.

الانتباهة