حوارات ولقاءات

المتعافي: (1-2) إنتو ليه ما عايزين تريحوني حتى بعد ما خليت الوزارة

والطائرة على وشك الانفجار تصورت أن لا حل لنا إلا بالإسراع في الخروج، ولحسن الحظ كان الشهيد البروفيسور الطاهر صديق أول من نهض وهشم زجاج “الشباك” الذي كان بجواره، وكذلك فعل الأخ جمعة بعده، و(طلعنا) بهذه الطريقة. القصة كلها كانت في الوقت ما بين انفجار الطائرة والخروج من “الشباك”.

يواصل المتعافي، وزير الزراعة السابق، تداعياته، ويذهب إلى موضوع آخر، متعلق باشتباك المصلحة الشخصية مع العامة، فيقول: لأن الناس في السودان غير مستوعبين لقضية أن تستغل نفوذك وأن يكون لك عمل وأنت تمارس السياسة. وهاتان قضيتان مختلفتان وأنا بشتغل منذ أن كان عمري (11) سنة، وأول مزرعة عملتها بعد أول أسبوع من التخرج، وظللت أعمل كل هذا الوقت حتى وأنا طبيب ولم يكن لدي عيادة في ذلك الوقت وكنت أستمتع جداً بأنني أعمل وأنتج، وهذه القضية ملازمة لي في عمري كله وهي جزء من طبيعتي الشخصية.

كل تلك الموضوعات وغيرها، تجدونها على متن هذا الحوار مع إسماعيل عبد الحليم المتعافي، رجل الأعمال ووزير الزراعة السابق.

الابتسامة دائماً عندك؟

نعم أسال الله أن يديمها

هي ابتسامة جينية أم طبع شخصي؟

أفتكر إنها ابتسامة جينية وقبل ذلك قال لي المرحوم سر الختم الخليفة عندما أراك أتذكر المتعافي الكبير “جدنا”، وقال لي كانت له ذات الابتسامة والحركة والنشاط.

فوجئ الناس مع أول صورة لك وأنت خارج من الطائرة بعد سقوطها بذات ابتسامتك؟

طبعاً هذه الصورة بعد أكثر من ساعة عقب انتهاء الصدمة، وكانت محاولة من أحد الإعلاميين أن يأخذ تصريحاً ليبدد مخاوف الناس.

أنت شخصياً خفت؟

والله لا أستطيع أن أقول لك خفت أم لا ولكن مشاعري الحقيقية كانت (50 % -50%) بمعنى أن نمرق من الحكاية هذه أو لا نمرق ولذلك كنت أهيئ نفسي للاحتمالين.

أكثر لحظة أحسست فيها بالخطر كانت في هذا الحادث؟

بمثل ما قلت لك أنا كنت شاعر بأن الحكاية (50% إلى 50%) لأنني كنت أشعر أن الطائرة تم تزويدها بالوقود قبل خمس دقائق وهي سقطت والماكينة كانت “مدورة” وأنا كنت فاهم أنها ستنفجر.

ماهي الفكرة التي كانت تسيطر عليك في تلك اللحظة؟

الفكرة كانت أن الطائرة ستنفجر وأن السرعة في الخروج من الطائرة أفضل لنا ولحسن الحظ البروفيسور الشهيد الطاهر صديق علي كان أول من نهض وقام بتهشيم زجاج “الشباك” الذي كان بجواره والأخ جمعة حينما رآه كسر “الشباك” الذي كان بجواره ونحن طلعنا به وكانت القصة كلها في الوقت ما بين انفجار الطائرة والخروج من “الشباك”.

ماذا يفعل المتعافي الآن بعد مغادرته وزارة الزراعة؟

(ضاحك) – إنتو ما عاوزين تريحوني حتى بعد ما أطلع بره – طبعاً بعد نطلع بره بنمشي الحياة العامة وأنا لم تتغير حياتي كثيراً عما كنت عليه وأعمل في الأنشطة التي كنت أحبها أصلاً من زمان.

وما هي؟

أنا كنت قريباً جداً من الزراعة وقريباً جداً من النشاط المرتبط بالإنتاج منذ تخرجي ولم تكن لي علاقة بالسياسة وأنا تخرجت في يوم الخميس الموافق الثلاثين من يوليو عام 1980 وفي عام التخرج بدأت مشروع أول مزرعة وأنا مرتبط جداً بالأرض والإنتاج والزراعة.

لكن وجودك في وزارة الزراعة واستثماراتك ظلت محل لغط واتهامات كثيرة حول الجمع بين العمل الخاص والعمل العام والذي ظل مستمراً طوال فترة بقائك؟

لأن الناس في السودان غير مستوعبين لقضية أن تستغل نفوذك وأن يكون لك عمل وأنت تمارس السياسة وهاتان قضيتان مختلفتان وأنا بشتغل منذ أن كان عمري (11) سنة، وأول مزرعة عملتها بعد أول أسبوع من التخرج وظللت أعمل كل هذا الوقت حتى وأنا طبيب ولم تكن لدي عيادة في ذلك الوقت وكنت أستمتع جداً بأنني أعمل وأنتج وهذه القضية ملازمة لي في عمري كله وهي جزء من طبيعتي الشخصية .

المشاريع الزراعية هل هي كبيرة أم مشاريع محدودة؟

بدأت صغيرة عندما بدأت صغيراً وأنا في العشرينيات تركتها لفترة طويلة وعدت إليها عقب عام 2005، وحقيقة عندما عملت مشروع “النيل الأزرق” -المشروع الذي عمل لي مشكلة – أنا لم أكن وزير زراعة.

ولكن هل توسعت الزراعة عندما كنت وزيراً للزراعة؟

أبداً ونشاطي الزراعي تقلص وجزء من الأرض التي كنت أقوم بزراعتها تركتها ولكن قبل دخولي لوزارة الزراعة كنت بزرع أكثر.

حتى عندما كنت والي الخرطوم كان هناك حديث كثيف عن أن لك شركات تعمل مع الولاية في مجال الطرق وغيرها هل كانت لك بالفعل أنشطة عندما كنت والياً..؟

شوف أنا مستوعب جداً لحقوقي كسياسي وكمواطن وأتحدى أي زول في السودان ده قال أنا عندي شغل مع الحكومة، أنا لم أشتغل مع الحكومة ولم أتقدم لها بتعاقدات.

لكن أنت قلت أمام الناس إنك لست “كيشة” حتى تفعل ذلك؟

كنت أقصد بذلك أنني أعرف القانون جيداً، ولا يمكن أن أقع في خطأ قانوني بحيث يستمر عملي من غير أن أستمر مع الحكومة وكم في المائة من الناس يشتغلون مع الحكومة؟ (80%) من الشعب السوداني ما بعرف الحكومة ويشتغلون أنشطتهم خارج الدوائر الحكومية ويكسبون وفيهم أثرياء ومتوسطو حال وفيهم فقراء وليس بالضرورة حتى يكون لك “بزنس” ناجح أن تكون مرتبطاً بالحكومة.

عبارة (ما كيشة) هذه أدت إلى إحساس بأن المتعافي يعرف كيف يتحايل على القانون واللوائح؟

في بلد مكشوف جداً مثل السودان صعب إنك تتحايل على القانون لأن السودانيين يراقبون أي حركة لأي شخص دعك أن يكون هذا الشخص سياسياً معروفاً، وهم يراقبون بعض “كويس” ويعرفون بعض “كويس” ولا يمكن أن تقوم بعمل مرتبط بأي شبهة ولا يكتشف في السودان وأنتم في الإعلام “الما كشفتوه شنو” لماذا لم تجدوا شَغلَة أو كونتراكت للمتعافي؟ وما جبتوه بي كثرتكم هذه وما شاء الله.

احتمال أن المتعافي يلم أوراقه جيداً؟

يعني المتعافي لديه كل هذه القدرة الهائلة ليسوِّف كل الشعب السوداني وفي الدولة والسياسيين وخصومه وأحبابه والصحافيين هذا يعني أنني شخص لديه قدرة هائلة جداً جداً ولو كانت لي القدرة …

(مقاطعة) هل تنزعج من هذه الاتهامات؟

كبشر بنزعج طبعاً خاصة إذا اتهمك شخص من غير مبرر، وكنا نقول “إن شاء الله ربنا يغفر لهم”.

في الفترة الأخيرة بدأت تستاء وتشتكي من بعض الصحف وترد بتعبيرات بها قدر من العنف؟

في خمسة عشر عاماً افتكر كانت مرتين بالرغم أنني في الإعلام أصبت بعشرات الأسهم لكن في المرتين اشتكيت وعفيت والحمد لله كانت الأولى مع المرحوم سيد أحمد خليفة وبعد أن أدانت المحكمة المرحوم لم أواصل بعد ذلك.

هل كان لديك شعور أنك مستهدف من قبل الإعلام؟

مش ماعندي شعور، أنا لديّ ما يثبت وهناك أناس جاءوني وطرحوا عليّ تسويات معهم (نحن مستعدون نوقف الكتابة…)

في مقابل؟

أيوه وأنا لا أتحدث معك وقاطع هذه الحكاية من رأسي.

أن يسكتوا عنك في مقابل؟

في مقابل نعم.

في مقابل ماذا يعني؟

(ضحك) في مقابل وأنت يمكن أن تفهم في مقابل شنو .

رفضت هذه المسألة أنت؟

أنا فقط لا أريد أن أتكلم عنها احتراماً لأشياء كثيرة وهذا الكلام بشهوده والجرأة بلغت ببعض الإخوة أنهم لم يقولوا لي هذا الحديث لوحدي وقالوه أمام ناس مكتبي.

طيب ما كان تحرك إجراءات قانونية ضدهم؟

ما قلت ليك في خمس عشرة سنة وقفت في المحكمة في قضية واحدة والقضية الثانية لم أقف فيها أنا.

إحقاقاً للحق أنك عندما تتعرض لمحاولة ابتزاز مكشوفة للحصول على مقابل كان من المفترض أن تحرك إجراءات قانونية؟

يعني هذا ليس طبعي وأنا لا أعرف الذهاب للمحكمة وأنا ذهبت للمحكمة اضطراراً لأن القضية التي ذهبت فيها إليها كانت تمس البلد.

ما هو أكثر ما يغضبك؟

الظلم طبعاً.

إنت حاسي إنك مظلوم؟

إلى حدٍ في بعض المواقف مظلوم طبعاً.

مثل؟

القناعة العامة لدى كثير جداً من الصحافيين خاصة الذين يكتبون في “الأسافير” يكتبون ويأخذون راحتهم ونحن بنقول والله هذه الأسافير خارج إطار الصحافة المكتوبة والتلفزيون وبنغض الطرف عنها ولكنهم يكتبون كلاماً كثيراً ليس له معنى.

يؤلمك؟

طبعاً.. ما بشر في الآخر، وأنا شخص لدي أسرة وأطفال ولكن في النهاية أنا لدي مقولة شهيرة للوالد –الله يرحمه- وأنا كنت مسؤولاً من الإغاثة في الثمانينيات واتهمت اتهاماً مريراً جداً في الإغاثة.

الاتهامات منذ ذلك الوقت تطاردك؟

أيوه.. أيوه.. أصلاً أي شخص يشتغل بكون لديه مشاكل، ناس عايزين مكان هو شغال ده يكونوا فيه والمنافسة السياسية في ذلك الوقت ونحن كنا نشيطين سياسياً فقدم لي الوالد نصيحة قال لي عاوز تشتغل عمل عام “تصبر وتحتسب أو تترك العمل العام”.

طيب.. لديك شعور بالظلم من بعض الجهات أو من بعض الأسافير وبعض الأقلام وأنت في حالة نقد ذاتي ألا تشعر بأنك في مسيرتك الولائية أو الوزارية ظلمت ناس؟

(صمت برهة) ما في وأتمنى لو في زول ظلمته يتحدث عنها وأنا صحيح يمكن أكون ظلمته وما شاعر أو ما قاصد ولكن أنا ما أمرت فلانا لأظلم زول.. الحمد لله لم أفعلها.

ما حصل عملت خطأ تضرر منه شخص؟

كمسؤول سياسي أو تنفيذي قد تقع أخطاء طبعاً ولكن بقصد الحمد لله أنا راضٍ تماماً عن نفسي.

هل تمارس نقداً ذاتياً لنفسك؟

أي شخص سوي قبل أن ينام لازم يسأل نفسه ماذا فعل اليوم وإذا لم يعملها كل يوم فعليه أن يفعلها مرة في الأسبوع وإن لم يفعلها فعليه أن يفعلها مرة في الشهر.

هل هناك قرارات ندمت عليها؟

أهم قرار ندمت عليه وأنا وزير للزراعة أنني لم أسعَ سعياً حثيثاً جداً لإعادة شكل من الأشكال الإدارية للزراعة في الولايات وأنا كان عندي قناعة راسخة جداً بأن حل المؤسسات الزراعية في عام 1994 كان خطأ ولم يأتِ بديل ناجع بعده وحاولت لكن قدرت أن هذه المحاولات كان يمكن أن تكون أكثر جرأة وأكثر صبراً عليها حتى تعيد شكل من أشكال الإدارة في الولايات لأن بها أكثر من اثنين مليون فدان من الزراعة المروية وأنا غير مقتنع أن وزارات الزراعة في الولايات يمكن أن تقوم بهذا الدور.

ما هو الفرق بين المتعافي الوزير ورجل الأعمال؟

أولاً رجل أعمال هذه كلمة كبيرة وأنت تقول رجل أعمال فهذا يعني أن شخصاً يدير مؤسسات وأنا بعمل أعمال صغيرة حتى أكسب قوتي.

أنت قلت إن الأعمال الصغيرة كبرت معك؟

في رجل أعمال.. المبيعات السنوية له مليار دولار وآخر عشرة والأعمال سلسلة من المستويات الواسعة جدًا. وعندما تقول رجل أعمال لابد أن تكون له شركات ومؤسسات معروفة وكل الوقت الذي يتحدث فيه الإعلاميون هذا دعهم يخبروني بواحدة من المؤسسات المملوكة للمتعافي.

أنت في ظل هذه الاتهامات على الأقل كان يفترض أن تكون مؤسساتك أو نشاطك الاقتصادي ظاهراً في العلن؟

لو كان في كان حيظهر طبعاً ليس هناك نشاط يظل تحت الأرض.

نشاطك المحدود هذا لو كان ظاهراً للناس كانت الاتهامات ستنحسر؟

مزرعة في غرب النيل الأزرق وأي مزارع أو راعي هناك يعرف مزرعة المتعافي ولدي مزرعة في غرب أمدرمان وأي زول عارف هذه مزرعة المتعافي ولكن المؤسسات الأخرى والشركات موجودة في الأسافير وفي الواقع أنا لا أعرف محلها.

في فترة كانت هناك شركة المتعافي التجارية؟

نعم المتعافي التجارية هذه شركة تأسست سنة 1980 وأسسها شقيقي الأكبر واسمه عبدالمحمود إسماعيل وهو رجل أعمال معروف.

إنت ما شريك معه؟

لا.. وشركته أسست منذ عام 80 وأنا لم أكن تخرجت في الجامعة وهو كان مغترباً في ليبيا عام 1976 وعاد عام 80 ليؤسس شركته ومنذ ذلك الوقت واسمها المتعافي التجارية.

بمعنى أن هذه الشركات المنسوبة لك…؟

(مقاطع) وروني واحدة فقط من الشركات التي يتكلمون عنها.

خرجت قائمة بمجموعة شركات المتعافي؟

القائمة قالت (32) شركة وروني واحدة مثلاً رجال الأعمال الحقيقيون شركاتهم معروفة وين شركات المتعافي ولو تحدثوا بعد ما تركت الوزارة أنا عملت شركة واحدة.

هي؟

شركة تشتغل في الزراعة الآن بصورة مختلفة من زمان وشركة تتعامل مع صغار المزارعين.

بعض الناس يقولون إنك حققت ثروة طائلة من طبيب صغير في السعودية وإلى عودتك إلى البلاد وفترة عملك الوزاري وفي الولايات؟

مره قدمت محاضرة في إحدى الجامعات قبل عشر سنوات وكان هناك شاب متحمس قال لي إنت حقو ما تتكلم لأنك أكثر زول صايط هذه البلاد مما جاءت الإنقاذ وكل شركات الطرق وعربات النفايات والبصات والدواجن وشركات الإنشاءات حقتك، قلت له أنا كوالٍ أنت عندك معاي مشكلة قال لي ليست لدي مشكلة معك كوالٍ للخرطوم مشكلتي معك في شركاتك دي قلت له إذا أنا قادر أسوي كل الحاجات الإنت قلتها دي طيب ما تبقوني الرئيس ياخ. وحقيقة الناس بتونسوا ساي.

اليوم التالي