مزمل ابوالقاسم :الذئاب الشاردة
* (الرعب جمّعهم، والخوف وحّد قلوبهم)!
* ذلك يمثل أبسط وصف يبرر تدافع ملايين الفرنسيين، للمشاركة في المسيرات التي انتظمت باريس وكل أرجاء الدولة الفرنسية أمس، استنكاراً للحوادث التي ضربت فرنسا بقسوة، وأسالت دمها بلا رأفة، ووجهت أعنف رسالة للغرب كله، مفادها أن الاستهزاء بالمعتقدات الدينية له ارتدادات وعواقب.. وثمن!
*الخوف من نقمة (الذئاب الشاردة) يرج أوروبا، ويقض منام أمريكا.
* خوف على مصير أمم، وسلام مجتمعات ظنت أنها باتت بمأمنٍ من مثل تلك الأحداث، حتى ولو شاركت حكوماتها في حروبٍ داميةٍ، على بعد آلاف الكيلومترات من مواطنها الأصلية.
* مصطلح (الذئاب الشاردة) بات الأكثر تردداً في وسائل الإعلام الغربية هذه الأيام، وهو يطلق على مواطني دول أوروبية، انضموا إلى تنظيم الدولة الإسلامية، وعادوا إلى بلدانهم الأصلية لاحقاً، ليندمجوا في مجتمعاتهم، انتظاراً للحظة الانقضاض على أهداف محددة، بتكتيكاتٍ جديدةٍ، تستخدمها (داعش) بذكاء أشاع الرعب في أوساط كل أجهزة الاستخبارات الغربية.
* تكتيكات مؤثرة، تخالف تلك التي اشتهر بها تنظيم القاعدة، الذي ظل يستهدف مصالح غربية مؤثرة، ويخطف رعايا غربيين لإعدامهم، رداً على سياسات بلدانهم.
* إن كان للغزوة الداعشية التي نفذها الأخوان كواشي ضد صحيفة (شارلي إيبدو) الفرنسية (التي تباهت بنشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم) وجه إيجابي، فإنه يتمثل في صحوة الضمير التي انتابت عدداً من أكبر الصحف وأبرز وسائل الإعلام العالمية.. أحجمت كلها عن إجابة دعوة الصحيفة المنكوبة، الرامية إلى إعادة نشر الرسوم، دعماً لما يسمى (حرية التعبير).
* مساء أمس الأول استمعت إلى مسؤول بارز في صحيفة (صن) البريطانية يتحدث مؤكداً أنهم اختاروا عدم نشر الرسوم، معتبراً الرفض ذاته نوعاً من حرية التعبير، ومعللاً إياه باحترام مشاعر ملايين المسلمين في بريطانيا وغيرها.
* لغة جديدة، ومنطق غير معهود في صحافة الغرب، أنتجته الضربة التي أدمت أنف فرنسا، وأرعبت صويحباتها في كل مكان.
* على ذات النهج سارت صحف نيويورك تايمز، وول ستريت جورنال، فلادليفيا إنكوريرر، ووكالة أسوشيتدبرس الشهيرة، التي رفضت جميعها إعادة نشر الرسوم المسيئة، بطريقةٍ دعت بيل ماريمو، رئيس تحرير صحيفة فيلادلفيا إنكوايرر الأمريكية لتعليل قرارهم بكلماتٍ قاطعة، قال فيها: (لن ننشر الرسوم، فكرة إهانة معتقدات عشرات الملايين من المسلمين دون مبرر بدلاً من وصف شيء بالكلمات غير واردة)!
* أما رد الفعل الأقوى فقد صدر من رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق دومنيك دو فليبان، الذي تحدث بجرأة غريبة في مقابلة تلفزيونية، مؤكداً أن تنظيم الدولة الإسلامية يمثل (الطفل الوحشي لتقلب وغطرسة السياسة الغربية)، معتبراً أن التدخل العسكري في أفغانستان والعراق وليبيا ومالي ساهم في مضاعفة أعداد من سماهم (إرهابيين)، كانوا يمثلون بضعة آلاف في ما مضى، وأصبحوا يعدون بأكثر من ثلاثين ألف مقاتلٍ حالياً، مطالباً الغرب بالوقوف أمام الحقيقة المؤلمة التي شارك في صنعها.
* أوروبا تدفع ثمن انسياقها خلف سياسة (محاربة الإرهاب) بالعنف.
* سياسة جامحة، ابتدعها الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، متناسياً أن العنف يولد العنف والضغائن، وأن الاستهزاء بالمعتقدات الدينية يمكن أن يحول أناساً كانوا مصنفين في عرف مجتمعاتهم بأنهم (مواطنون صالحون) إلى حملة سلاح، يطلقون النار بلا تردد، ويقتلون من دون أن يهتز لهم جفن.
* أوروبا تعيد مذاكرة قانون نيوتن الثالث، (لكل فعلٍ رد فعل)، بعد مضي ثلاثة قرون من تاريخ وفاة صاحبه!
اليوم التالي
خ.ي
نفس المقياس فى الصحافة الرياضية
التعصب والاساءة للمنافسين تولد فيهم ردة فعل ايضا