قير تور
كلنا شركاء
ما أذكره عن الزميل ياي جوزيف، قيادته للقضايا الطلابية، فهو المتحدّث في المنتديات والمناسبات بقوة، حتى أنه اضطر في النهاية إلى الخروج من البلاد حفاظاً على حياته ولم يكن هذا الخيار منه بل دفع إليه دفعاً..
المهم في تلك الأيام لم تسكت جهود تحقيق اتفاقات السلام فكانت كل مرة تأتي فصيلة فلان معلنة انحيازها للسلام من الداخل ثم تأتي الفصيلة (ب) في اليوم التالي إلى الداخل لتخرج الأولى وقبل نسيان تلك تأتي (ج)… إلخ. وكان من المهارات المطلوبة جداً القدرة على شتم قرنق والمطالبة برأسه.
في تلك الأجواء ظلت ثروات الجنوب جميعاً تتناقص يومياً فالانسان يموت طبيعياً أو بفعل فاعل، والبنية التحتية تتدمّر والحيوانات تهاجر… إلخ.
ليس علينا العودة إلى الصورة القاتمة تلك.. لكن السؤال هل نحن فعلاً دقيقون إذا قلنا “العودة إلى تلك الصورة؟” فذلك يعني أن الصورة اختفت.. إذن، فعلينا تأمل تلك الصورة التي تم تكبيرها وزادت ألوانها وإطارها وقوة تحمل المادة التي صنعت منها.
لنعد إلى الفوضى التي تؤلم زميلنا ياي جوزيف اليوم وأود في هذه الكلمات أن نتحاور بهدوء ونناقش ما يحصل في الجنوب لأن أي نقد موجه لقادتنا في حكومة الجنوب يعني عندهم بدون لف ودوران أن المتحدث ينتمي إلى المخربين. لنعد بالذاكرة معاً إلى شهر أكتوبر من العام الماضي عندما أصدر معتمد مقاطعة جوبا قراراً بموجبه تم القبض على عدد من الشباب والشابات بسبب الملابس.. ألم تصدر قراراً فوقياً متجاوزاً حاكم الولاية التي يقع فيها المقاطعة؟ ألم يكن الأخ ياي جوزيف أحد المؤيدين للقرار الفوقي؟ ألم يكن هذا التصرف فوضى؟ لماذا لم تتصرّف حكومة الولاية بتوجيه من الرئيس متسلسلاً حتى تتم مساءلة المعتمد برلمانياً ليعرف المخطئ أم لا؟ هذا المثال البسيط أتيت به لأن ما يطلبه الأخ ياي جوزيف أكبر بكثير مما طرحنا فهو يتحدث عن عدم وجود نظام وانتشار لصوصية وأن (الكل في كفة الفساد.. والحكومة فشلت وهي غير قادرة على فرض أبسط الإجراءات هذا و”سوس الفساد” ينخر في عظامها). وأنا بدوري أقول الحمدلله أن هناك عظاما ما زالت باقية، وعليه فالسؤال الموجَّه لكل منا: ماذا نحن فاعلون؟ هل نظل نبكي والوضع يزداد يومياً سوءاً؟ هل الفساد والسوس بسبب غياب الدكتور قرنق أم بسبب غياب رؤية الدكتور قرنق؟
اللوم لا يجب إلقاءه على حكومة الجنوب وحدها دون تحميل مثقفي الجنوب النسبة الكبرى، فهم مصدر الفوضى، والمحسوبية التي نتحدث عنها تأتي من القمة والفوضى تسير بثقة تامة دون مساءلة تخافها لأن الحماية متوفرة لها والصراع على المصالح يجعل المواطنين هم الضحايا.[/ALIGN]
لويل كودو – السوداني-العدد رقم 1181- 2009-2-26