عالمية

البعض يدافع عن مبارك وإنجازاته والآخر يطالب بمحاكمته بتهمة التعاون مع المخابرات الأمريكية لتعذيب المعتقلين

[JUSTIFY] حملت صحف السبت والأحد الكثير من الموضوعات والأخبار، التي تجعل النظام يحس بالنشوة، فقد استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي كلا من رئيس الديوان الملكي السعودي وخالد بن عبدالله بن عبد العزيز السكرتير الخاص للملك عبدالله بن عبدالعزيز، ومعه مبعوث أمير قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وفي هذا دليل أكيد على انتهاء الأزمة بين مصر وقطر، وترحيب السيسي بإعادة العلاقات إلى طبيعتها بين البلدين ومطالبة وسائل الإعلام بدعم هذا التحول.

كما أصدر الديوان الملكي السعودي بيانا آخر أعاد فيه التأكيد على ضرورة دعم الإعلام للمصالحة والحفاظ على العلاقات بين البلدين، تلاه بيان من قطر يؤكد وقوفها بجانب مصر ودعمها، وبهذا تكون الخطوة التالية والمتوقعة هي اجتماع بين الرئيس السيسي وأمير قطر في السعودية برعاية الملك عبدالله.
كما اجتمع السيسي مع عدد من الكتاب والأدباء والمثقفين، الذين طلب أن يكون من بينهم شباب، وتحدث الكثيرون منهم، وعلق السيسي في بعض الأحيان.. وكان اللافت في كلامه ليس التذكير بحجم المشاكل الاقتصادية التي تواجهها مصر، ولا الأخطار على أمنها القومي ومحاولات كسر الدولة وإفشال كل هذه المخططات، لأنه سبق وذكر ذلك مرات عديدة، لكن اللافت كان رده غير المباشر على محمد حسنين هيكل، الذي تساءل يوم الجمعة قبل الماضية في أولى حلقات حواره على قناة «سي. بي. سي»، مع زميلتنا الإعلامية البارزة والجميلة قبل هذا وذاك لميس الحديدي عن برنامج السيسي وخطته فقال بالنص ضمن كلامه: «البعض يسأل قل لنا رؤيتك أيه؟ أقول ببساطة الحفاظ على الدولة، المصريون فقدوا الثقة بالثوابت نتيجة لأفعال الإخوان و«داعش» الشعب كلفني بمهمة مقدسة أوعى مصر تقع منك، الرئيس عبد الناصر كان محظوظا».
وكان الرئيس قد استقبل هيكل بعد عودته من جولة له في عدد من الدول الأوروبية، وإذا كان السيسي قد ربط الإجابة على سؤال هيكل بالإشادة بخالد الذكر، فإنه تعمد وأنا أؤكد أنه تعمد مهاجمة مبارك بأن جدد ما سبق وقاله بأنه كان عليه أن يعتزل الحكم قبل خمس عشرة سنة من ثورة يناير/كانون الثاني 2011.

أيضا أشارت الصحف إلى تلقي الرئيس مكالمة من الرئيس الأمريكي أوباما واستعداده لزيارة الصين غدا الثلاثاء، على رأس وفد اقتصادي ضخم للتوقيع على عدد من الاتفاقيات الاقتصادية ووصول أعداد كبيرة من السائحين.
وأصدر صديقنا العزيز اللواء هاني عبد اللطيف المتحدث باسم وزارة الداخلية بيانا بأن الوزارة انتهت من وضع خطة تأمين الاحتفالات بأعياد الكريسماس بالنسبة للطوائف المسيحية غير الأرثوذكسية، وكذلك احتفالات رأس السنة الميلادية بأن قامت بتوجيه ضربات استباقية لعدد من العناصر الإرهابية.
كما أعلن عن قيام الرئيس بزيارة إلى قبرص في يناير /كانون الثاني المقبل، وإصدار القوات المسلحة بيانا قالت فيه، إنه تمت تصفية ستة من العناصر التكفيرية في شمال سيناء بواسطة قوات النخبة من الجيش والشرطة، والقبض على ثلاثة وعشرين، وحضور رئيس الوزراء حفل افتتاح المسرح القومي بحديقة الأزبكية بالقاهرة بعد تجديده، وكان العمل فيه قد توقف منذ ست سنوات وتكريم عدد من الفنانين والفنانات من رموزه. كما تفقد رئيس الوزراء المساكن الجديدة في طريق القاهرة ـ الإسماعيلية الصحراوي التي سيتم نقل بعض سكان العشوائيات إليها وانعقاد المؤتمر العام لحزب الجبهة الوطنية وإعادة انتخاب الفريق أحمد شفيق رئيسا له. وبدأت الملاهي والكازينوهات الاستعدادات لحفلات رأس السنة الميلادية، واستمرار النشاط من الآن في إعداد مسلسلات شهر رمضان القادم. وإعلان جهاز الرقابة على المصنفات الفنية حذف مشاهد كثيرة خادشة للحياء من عدد كبير من الأفلام.
ولم يتم نشر شيء عن نتائج التحقيقات في قضية قيام سلطة حي عابدين بالقاهرة بغلق مقهى الملحدين، والعياذ بالله، في شارع الفلكي، غير أن الرسام خفيف الظل هاني شمس أخبرنا يوم السبت في ملحق «النهاردة إجازة» الذي يشرف عليه في جريدة «أخبار اليوم» القومية، بأنه ذهب لرؤية مقهى الملاحدة فوجد ضابطا يتكلم مع قيادته قائلا:
– تمام يا باشا طربقنا القهوة والعيال الملاحدة كلهم هربوا على قهوة الشواذ اللي في أول الشارع. وإلى بعض مما عندنا.

يوميات مبارك : رئيس احترم مؤسسات بلاده وقضاءها العادل والشريف

ونبدأ بالمعارك التي لا تزال مستمرة حول الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بعد حكم محكمة جنايات القاهرة بتبرئته هو واللواء حبيب العادلي وستة من مساعديه من تهمة قتل المتظاهرين أثناء ثورة يناير/كانون الثاني 2011، بادئين من يوم الأربعاء، حيث قام زميلنا وصديقنا رئيس تحرير «الأهرام» في عهد مبارك أسامة سرايا بالدفاع عنه في جريدة «الشرق أونست»، التي تصدر كل أربعاء عن شركة أونست للعقارات ويرأس تحريرها الآن زميلنا وصديقنا كرم جبر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة روز اليوسف عند قيام ثورة يناير. أسامة قال دفاعا عن مبارك: «أرى أن عصر مبارك بنى مصر الحديثة وجنبها الصراعات والاضطرابات والحروب العبثية والشطحات التي صاحبت العصرين الملكي والجمهوري، وما حدث في آخر عصره من فوضى وثورة، كان نتيجة للصراع على السلطة، أشعلته الأيادي الخارجية والمغرضة والجماعات المتطرفة لضرب مصر في مقتل، ولكن الله ستر وتحركت القوة الحية في مصر، بل في المنطقة العربية لحفظ الوطن والدولة ومحاصرة وإجهاض مؤامرات القوى الخارجية والمتطرفة، من عبث وجهل تلك الشراذم التي تدعي القوة والثورة.
إنها أرادت أن تلصق التهم بأطول حاكم مصري وأكثرهم عملا، وله باع طويلة في تاريخنا الحديث، طيار مقاتل ومنتصر في الحرب الوحيدة التي انتصرنا فيها عام 1973، وفي عهده استعدنا أرضنا وعادت علاقاتنا بالأشقاء، ورغم ذلك فإن خصومه حاولوا أن يلصقوا به تهما تمس الشرف والضمير الإنساني والعسكري.
ولكن شجاعة مبارك وتاريخه ووطنيته وحبه لبلاده فوتت الفرصة على الجميع، وتحداهم وعرض نفسه للمخاطر وأصر على البقاء في مصر هو وأسرته، وصمد للمحاكمة رغم كبر سنه ومرضه ومقامه الرفيع وعظمة تاريخه ودوره محليا وإقليميا وعالميا، فاحترم مؤسسات بلاده وقضاءها العادل والشريف. وقف شامخا محترما الوطن ومؤسساته، مدافعا عن شرفه العسكري والإنساني وتاريخه المشرق، وحصل على البراءة وأصبح حكمه في ذمه التاريخ. فهل ضميرنا الإنساني وحسنا الوطني يمنعنا من إعطاء الحق لصاحبه؟».

نظام مبارك يحاول غسل يديه
من دماء الشهداء وفساد ثلاثين عاما

هذا أبرز ما جاء في مقال أسامة ولا نملك إلا إبداء الإعجاب بوفائه وثباته على موقفه، ولكن هل من الأمانة اعتبار مبارك صاحب نصر أكتوبر/تشرين الأول والمنتصر فيه، وكأنه لم يكن هناك رئيس وقائد للجيش هو أنور السادات، ولا قادة للأسلحة البرية والبحرية والدفاع الجوي ورئيس للأركان، هم الذين وضعوا خطة الحرب وأشرفوا على تنفيذها، هل هذه هي الأمانة أن تتم سرقة النصر في حرب جهارا نهارا، هكذا استمرارا لما حدث أثناء حكمه من دون حياء بالتركيز على أن الحرب كانت في الأساس هي الضربة الجوية التي حققت النصر؟ ومع ذلك فإن هناك إشارة مهمة لأسامة عن أن الثورة كانت نتيجة الصراع على السلطة، وكان عليه أن يوضحها، خاصة أنه كان من المقربين جدا من جمال مبارك.. صراع بين مَنْ ومَنْ داخل النظام؟
ويبدو والله أعلم أن أسامة ضايق في اليوم نفسه زميلنا في «الوفد» محمود غلاب، ما دفعه لأن يصرخ قائلا: «لم يصدر حكم قضائي بائن ضد مبارك وأعوانه، ما زالت هناك درجة تقاض شاغرة أمام محكمة النقض، فإذا جاء بالبراءة أي تأييد حكم محكمة الرشيدي فهو حكم نهائي وبات ويغلق ملف القضية أمام القضاء الجنائي، وإذا حكم النقض بالإدانة فهو حكم نهائي بات أيضا وينفذ. وبراءة مبارك حتى لو أيدتها محكمة النقض ليست براءة للتاريخ، كما تدعي العصابة التي استفادت من حكمه الذي استمر أكثر من ثلاثين عاما، اختتمها مبارك بمخطط توريث الحكم لابنه بشكل يعيد الملكية من جديد. الآن نظام مبارك يحاول غسل يديه من دماء الشهداء وفساد ثلاثين عاما وإهدار كرامة المصريين والسلب وتهريب الأموال. هذا النظام المنحل الفاسد يحاول العودة مرة أخرى إلى الحياة السياسية عن طريق مجلس النواب القادم».

مصر تحولت في عصر مبارك إلى عميلة لـ«سي آي أيه»

وإذا انتقلنا إلى «المصري اليوم» يوم الأربعاء أيضا سنجد أن زميلنا وصديقنا الكاتب الساخر الكبير في مجلة «روز اليوسف» عاصم حنفي يخرج لسانه لأسامة ويذكره بما أذاعته أمريكا بأن مخابراتها كانت ترسل المعتقلين إلى مصر ليتولى نظام مبارك تعذيبهم وقال: «الخيبة أن مصر الرسمية لم تنتفض أو تتحرك، وحجتها أن التعذيب وقع في عهد مبارك، مع أن التهمة مست مصر كلها، والمسؤولية تضامنية. وما حدث في عهد مبارك البريء بحكم المحكمة هو الوكسة الحقيقية. إن مصر التي كانت زعيمة في الدنيا وبطلة من أبطال عدم الانحياز، وقد خاضت المعارك العاتية ضد الاستعمار الأمريكاني بالذات، تحولت بالتدريج على يد مبارك إلى عميلة «سي آي أية»، ومن محاسن الصدف أن التقرير الأمريكاني عن التعذيب وضلوع مصر في عهد مبارك فيه يأتي في الأسبوع نفسه الذي حصل فيه على البراءة، ومن الواجب والأصول أن يقدم للمحاكمة».

أيمن سلامة ينفي عن مبارك تهم الفاسد

لا.. لا.. عاصم يبالغ كثيرا لأنه ناصري ولا يعلم أن تعذيب نظام مبارك للضيوف الذين ترسلهم المخابرات الأمريكية هو خدمة إنسانية، ويا بخت من عذب واستعذب على طريقة المثل يا بخت من نفع واستنفع.
ولكن في اليوم التالي الخميس تلقى كل من محمود غلاب وعاصم حنفي صدمة بينما نزلت بردا وسلاما على أسامة سرايا، إذا نشرت صحيفة «البوابة» اليومية الخاصة مقالا للسيناريست أيمن سلامة نفى فيه عن مبارك تهم الفساد وقال مدللا على ما يقول:
«ذكروا أن مبارك كان متزوجا من فنانة، وقيل إنه تزوج شقيقة المهندس عبد المنعم عمارة، وإنه كان لا يفيق من الخمر، ونسوا أن الرجل كان رياضيا وأنه لم يكن مدخنا فكيف به سكيرا وإذا كنا نتحدث عن الفساد فتعالوا معا نبحث عمن كشف تلك القضايا وأمر بتحريك الدعوى الجنائية فيها. ولنبدأ بعام 1993 حيث عصف مبارك بعدد من المسؤولين، وعلى رأسهم مساعد رئيس الجمهورية، في ماعرف بقضية «لوسي أرتين» وكان مبارك قد شاهد وهو في مكتبه عبر الدائرة التلفزيونية مع مجلس الشعب العضو المستقل كمال أحمد وعاطف صدقي وسؤالهما عن هذا الاستجواب، ثم طلب من أسامة الباز التحقيق في هذا الأمر، ثم انتهى إلى ضرورة إحالة الأمر للقضاء مع إقصاء كل من ورد اسمه في الأمر من منصبه. وحين استأذنته أجهزة الرقابة في الكشف عن قضية ماهر الجندي محافظ الجيزة الأسبق، قال بالحرف الواحد لا أحد فوق المساءلة، وطلب من أجهزة الرقابة عدم الرجوع إليه في القبض على أي مسؤول يتم تورطه في قضية فساد، فتم القبض على محمد الوكيل رئيس قطاع الأخبار بوزارة الإعلام متلبسا بالرشوة، في ظل وجود الرجل القوي صفوت الشريف، الذي كان بمقدوره حماية الوكيل. وتم القبض على عبد الرحمن حافظ رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي ومحاكمته وتم القبض على وكيل وزارة الزراعة يوسف عبد الرحمن بتهمة المبيدات المسرطنة، ومن قبل هؤلاء تم الكشف عن قضية نواب القروض، وأيضا تم الزج بأحد رموز الحزب الوطني إلى السجن في قضية أكياس الدم الملوث، هذه القضايا وغيرها كشفتها أجهزة الرقابة في عهد مبارك الذي كان قادرا على منع النشر والتستر على كل هذه القضايا ولكنه لم يفعل».

فساد جمال مبارك ومجموعته

«هذا أبرز ما جاء في مقال أيمن سلامة وأما عن إشاعة تناول مبارك الخمر فقد تردد فعلا أنه يحب شرب الفودكا الروسية، منذ أن كان في دورة في الاتحاد السوفييتي. والفنانة التي قيل إنه تزوجها هي الجميلة والمطربة إيمان الطوخي، وإشاعة زواجه من أخت عبد المنعم عمارة محافظ الإسماعيلية وقتها انطلقت عندما كان يتوجه كثيرا إلى استراحة جزيرة الفرسان في المدينة، قبل أن يحول إقامته إلى شرم الشيخ، ولم يكن صحيحا ما قيل عن إيمان وشقيقة المحافظ. وقضية «لوسي أرتين» المقصود بها هو المشير عبد الحليم أبو غزالة، وعُزل بسببها اثنان من القيادات الأمنية في وزارة الداخلية برتبة لواء. أما قضية أكياس الدم الفاسد فقد فجرها في مجلس الشعب صديقنا حيدر بغدادي عضو الحزب الوطني عن الجمالية «عمال» وكان عضوا في المجلس عن الحزب العربي الديمقراطي الناصري، ثم انقلب على حين غرة إلى وطني وفجرها ضد صاحب شركة «هايدلينا» الدكتور هاني سرور عضو الحزب الوطني أيضا عن دائرة الأزبكية بالقاهرة. لكن أيمن تجاهل أن تفجير معظم قضايا الفساد والرشوة في وزارتي الإعلام والزراعة، وهي قضايا حقيقية، وكان هناك ما انتهى منها، لم تكن ضمن خطة مقاومة الفساد، إنما كانت في إطار الصراع بين جمال مبارك ومجموعته ضد من سموهم الحرس القديم في الحزب الوطني، حيث عمل جمال على التخلص من صديقنا صفوت الشريف ومن يوسف والي الأمين العام للحزب، ومن كمال الشاذلي أمين التنظيم. كما نجح في التقليل من قرب الدكتور أسامة الباز من مبارك، لكنه فشل في إنهاء نفوذ صفوت بسبب تمسك مبارك به، فبعد تركه وزارة الإعلام تولى منصب الأمين العام للحزب ورئيس مجلس الشورى، والذي يكشف عن ذلك أن أحدا لم يقترب من القضايا التي مست وزراء ومسؤولين من شلة جمال، رغم أن مبارك شخصيا وعلنا هاجم وزير الإسكان ورجل الأعمال أحمد المغربي، وطالبه بالتنازل عن صفقات حصل عليها، ولكنه لم يصدر قرارا بعزله، والأمر نفسه حدث مع وزير الزراعة ورجل الأعمال أمين أباظة، الذي منح أراضي مساحتها عشرون كيلومترا في سهل حشيش لرجل الأعمال وعضو الهيئة العليا للحزب الوطني إبراهيم كامل أبو العيون، وهو من مجموعة جمال وهكذا دواليك».

[/JUSTIFY]
[FONT=Tahoma] القدس العربي
م.ت
[/FONT]