خالد حسن كسلا : حقوق المعلم غير موجودة .. فقط حقوق الانتهازيين من حواشي الأنظمة الاستبدادية
2014/12/21
[JUSTIFY]أول عملية تعليمية في التاريخ قام بها (الغراب) ذاك الذي علّم ابن آدم الأول كيف يواري سوأة أخيه بعد أن تأثر (بالتعليم) الشيطاني السلبي طبعاً. والحياة إذن بنيت على التعليم.. وهذا وحده يكفي للاهتمام بالقائمين عليه. الاهتمام بالمعلم.. لماذا؟!. هذا ما أجابت عنه وثيقة ميثاق شرف المعلم التي عكفت عليها أربع مؤسسات هي اللجنة الوطنية للتربية والعلم والثقافة والاتحاد المهني للمعلمين السودانيين واتحاد المعلمين العرب والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم. وكل هذه الجهات استشعرت ضرورة اعداد المعلم بالصورة التي تليق بالدور الذي يقوم به. وقد كان السودان المكان المناسب لانطلاق اجتماع تحديث ميثاق شرف المعلم العربي وتطويره، لأن العضو السابق للمكتب التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الراحل الدكتور المعتصم عبد الرحيم هو من أثار موضوع حقوق المعلم حينما قال في دورة انعقاد المجلس التنفيذي بتونس عام 2010م، إن المعلم له حقوق لا تكافئ الواجبات التي عليه، أو هكذا كان يقصد. ويبدو أن أي ممثل لأية دولة في هذا المجلس التنفيذي إذا ما أطلق مبادرة لأمر ما تكون الفرصة للتداول حولها في دولته.. لكن السودان بغض النظر عن أن صاحب مبادرة حقوق المعلم الأخيرة التي طرحت عام 2010م هو منه وهو الراحل (المعتصم)، فهو بلد يتمتع بمرونة وتيسير لأية نشاطات إقليمية، وهذا طبعاً يبقي محسوباً لصالح حكومته.. حتى ولو كانت هناك مآخذ عليها.. فهي تحترم وتقدّر وترحب بكل الأنشطة الإقليمية. ومعلوم أن هناك دولاً كانت وأخرى مازالت تضيق ذرعاً باستضافة الجهات التي تطرح ضمن أنشطتها المطالبات بالحقوق. لكن أية حقوق؟! انها حقوق المعلم. فهل يا ترى لم تجد التجاوب لأن من يستحقها لم يجد القداسة المهنية؟! وهل مهنة التعليم تبقي شبه طوعية ومتاحة ممارستها لكل شخص؟! اذا كان الأمر كذلك فإن الحقوق تضيع فعلاً، وتثبت الواجبات وحدها وتبقى معادلة ضيزى تجاه التعامل مع المعلم. والخرطوم التي تشهد هذه الأيام في الفترة بين20 إلى 25 ديسمبر اجتماع خبراء لمناقشة (ميثاق شرف المعلم العربي المحدّث) بعد أن أثار في عام 2010م الراحل الدكتور المعتصم عبد الرحيم قضية حقوق المعلم مع الواجبات الملقاة على عاتقه، فهي تستضيف شخصيات عربية محور اهتمامها هو (المعلم العربي).. وطبعاً العربي لساناً.. الذي يمارس مهنة التعليم باللغة العربية. لذلك عبارة (المعلم العربي) تدخل فيها حتى القوميات غير العربية التي تدرس التلاميذ والطلاب باللغة العربية مثل الأكراد والأمازيغ والنوبة والبجا والأقباط وغيرهم. فإن الاسلام جعل اللغة العربية لغة العرب وغير العرب، وبعد ذلك أصبح لا ميزة للعرق العربي على غيره باللغة العربية فهي لغة المسلمين ومن عاش في مجتمعات المسلمين. ونعلم أن من رووا الكثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم مثل البخاري ومسلم ليسوا من العرب. إن ميثاق شرف المعلم قد بدأ عام 1976م، لكن لم يطرح بالقوة التي يجدها اليوم، لأن في ذلك الوقت كل الدول العربية تقريباً كانت تخضع لحكم الاستبداد، وفي ظل الاستبداد تضيع كل الحقوق بما فيها حقوق المعلم. وتكون موجودة فقط حقوق الانتهازيين من حواشي الأنظمة الاستبدادية. ولكن الآن ومن تونس التي انطلقت منها الثورة الأولى للربيع العربي، تنطلق أيضاً المطالبة بحقوق المعلم. انه ربيع عربي ينطلق أيضاً بطريقة خاصة لصالح المعلم العربي من تونس أيضاً قاده الراحل المعتصم. وها هي راية المطالبة يحملها الآن ممثل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم البروفيسور يحيى عبد الوهاب الصائدي الذي يزور البلاد ضمن وفد (خبراء ضبط ميثاق شرف المعلم). إن البروف الصائدي لم يكتف في حديثه بالحقوق فقط بل تعدى ذلك الى أخلاقيات المهنة. وطرح مطالبة مهمة وملحة بأن تكون مهنة التعليم بضوابط شاملة حتى لا تكون مفتوحة بدون ترخيص.. والطرفة هنا انه قال إن من يقود السيارة يُلزم باستخراج رخصة قيادة، فلماذا يكون من يقود البشرية بدون رخصة مهنة؟! الموضوع مهم جداً طبعاً. ومن خلال المعلم المؤهل الذي يقع عليه الاختيار على أساس الضوابط المهنية التي تحمي شرف مهنة حساسة كهذي يمكن أن تأتي أجيال واعية ومؤهلة تستطيع قيادة المجتمع والنهوض به. إذن الرحمة والمغفرة للراحل صاحب المبادرة المعتصم عبد الرحيم. والتحية والشكر الجزيل للوفد الزائر الذي يريد لأبنائنا وبناتنا في الوطن العربي من خلال معلم يستطيع أداء واجباته بهمة وقوة مكتسبتين من تمتعه بحقوقه كافة، يريد لهم كل خير تربوي وأخلاقي وتعليمي.