خالد حسن كسلا : «الميرغني» بين «ميادة» ومذكرة الألف
فقد كان رد الفعل لقرار خوض الانتخابات عنيفاً خاصة من المندسين من اليساريين الذين كل همهم ألا تستفيد حكومة الإسلاميين من مواقف الحزب التي تكون إيجابية في جانبها.
وفي وقت واحد حدث العجب.. أخبار تتحدث عن تيار عريض منشق من الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بزعامة الميرغني يتفق مع حزب اسمه «الديمقراطي الليبرالي» تقوده امرأة اسمها ميادة سوار الدهب، ولا ادري إن كانت حفيدة الشيخ حسن سوار الدهب صاحب الخلوة التي درس فيها آباؤنا في ام درمان القديمة، ومنهم الرئيس جعفر محمد نميري ـ اضافة إلى من يسمون انفسهم «مجتمعاً مدنياً».. على أن يتحوّل جميعهم إلى حزب موحد باسم «الاتحادي الديمقراطي الليبرالي». هذا من جانب في رد الفعل.. أما الجانب الآخر فهو ما يسمّى مذكرة الألف.. وقيل إنها تدعو لتنحي السيد الميرغني عن زعامة الحزب بعد أن انتخب في المؤتمر العام الذي انعقد استثناءً بالخارج في منطقة القناطر الخيرية بالقاهرة.. وكان ذلك أيام عضوية الحزب في التجمع المعارض بالخارج، وقبل أن تغادره الحركة الشعبية إلى المفاوضات النهائية مع الحكومة. لكن تلك المفاوضات ما عادت نهائية بعد الانفصال، فحتى الآن تفاوض الخرطوم الحركة الشعبية سواء قطاع الجنوب أو قطاع الشمال. ويبدو أن ضرس الأزمة الذي عاد «للنتيح» لم يتم خلعه، بل كان محشواً بمؤامرة أجنبية إلى حين انفصال الجنوب وتحويل عائدات نفطه من الحكومة السودانية إلى الحركة الشعبية، ليكون دعم التمرد الآخر ضد البلاد من عائدات نفط استخرجته حكومة البلاد.. إنه المثل القائل «من دقنو وأفتلوّ». المهم في الأمر هو أن الميرغني وحزبه بعد الموافقة على خوض الانتخابات واجها أمرين: انشقاق مجموعة انضمت إلى «ميادة» ومذكرة محامين يزعمون أن عددهم ألف.. لكن المشرف السياسي على الحزب في محلية كرري السيد علي نايل يقول إن محامي الحزب لا يصلون إلى نصف هذا العدد. إن مذكرة العشرة وسط الإسلاميين أبعدت الترابي بكل بساطة واثبتت أن الحركة الاسلامية لا تعرف تقديس وتبجيل الأشخاص. لكن هل ستنجح مذكرة الألف أو نصف الألف أو ربع الألف في ما نجحت فيه مذكرة العشرة وسط الإسلاميين؟! إن مذكرة الألف قد أُحيطت وحوصرت تماماً بتصريحات قوية من السيد علي نايل، حيث قال معلقاً عليها: «هذه مؤامرة ودسيسة وخيانة، نحن لن نصل هذا المستوى القبيح، ومن يدعو لذلك سواء أكان شخصاً أو جماعة فهم مخربون مدسوسون ويجب استئصالهم فوراً».. انتهى.
إذن يبدو أن المذكرة تمضي في طريق الفشل. أما اذا كانت هناك مجموعة تريد أن تهدد تماسك الحزب لذلك أعلنت انشقاقها وانضمت إلى «ميادة»، فلن يكون حجمها أكبر من التي انشقت مع الراحل الهندي أو التي انشقت مع الراحل محمد الأزهري التي تنشط الآن مع السيدة جلاء الأزهري. ولو لم يكن المقصود هو تنحي «الميرغني» بالفعل وإنما الضغط عليه ليتراجع عن موقفه الموافق لموقف المؤتمر الوطني من إجراء الانتخابات في ميعادها الدستوري، فإن هذه الوسائل المستخدمة في الضغط عليه تخلو من الذكاء السياسي لأنها تخدم احتفاظ المؤتمر الوطني بالرقم الانتخابي الأعلى. فالانشقاق يعني ـ ولو قليلاً ـ تشتيت العضوية وبالتالي تشتيت الأصوات. فمن سيفوز بالانتخابات ويكتسحها اكتساحاً غير المؤتمر الوطني إذا كان هو يكسب كل يوم عضوية جديدة وسمهم ما شئت، وفي نفس الوقت يستمر الانشقاق في الأحزاب الكبيرة التي كانت حاكمة قبل ربع قرن وقبل نصف قرن؟!
صحيفة الإنتباهة
ت.أ