رأي ومقالات

الطيب مصطفى : يا أهل الإنقاذ هلاّ رجعتم إلى مرجعياتكم المتسامحة؟!

[JUSTIFY]إذا كُنا قد قذفنا بزفراتنا الحرى يوم أمس على الإمام الصادق المهدي مُنكِرين عليه تخلِّيه عن إنجازه التاريخي المتمثل في إعلان باريس الذي استطاع من خلاله حمل الجبهة الثورية على الموافقة على وقف الحرب، ومنتقدين انخداعه لأبو عيسى وعرمان من خلال التوقيع على اتفاق هزيل انحطَّ به من علياء إنجازه الكبير إلى درك سحيق سُمِّي بنداء السُّودان، الأمر الذي زاد من الاحتقان السياسي وفاقَم من أوجاع السُّودان، فإنني اليوم أتوجَّه بنداء جديد إلى أهل الإنقاذ طالباً منهم ما ظللْتُ أدندن حوله بل وأكورك.. أن هذا الوطن المأزوم في أشد الحاجة إلى إعمال قيم العفو والتسامح والتنازل في سبيل إزالة الاحتقان الذي يُمسك بخناقه، فما من شيء يوغر الصدور ويعمِّق الخلافات ويزيد التوتّر بل ويشعل الحروب أكثر من الإجراءات الاستثنائية والاعتقالات والتضييق على الحريات مما تمارسونه اليوم على خصومكم السياسيين.

أعجب والله أن تكون المرجعية التي يستند إليها المؤتمر الوطني مردداً شعاراتها التي يجهر بها إعلامه آناء الليل وأطراف النهار قائمة على الإسلام والذي لا يُعلي عند التخاصم أكثر من كظم الغيظ والعفو عن الناس! بربِّكم هل رفع القرآن الكريم إلى مقام الإحسان إلا هذه القيم النبيلة (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، وهل من مقام يعلو على الإيمان غير الإحسان الذي يعتبر أعلى مدارج السالكين إلى الله تعالى؟

هل فعل من يُقتلون ويُزج بهم في السجون هذه الأيام بل ومنذ أن قامت الإنقاذ.. هل فعلوا بأهل الإنقاذ معشار ما فُعِل بهم وما يُفعَل حتى اليوم؟ هل اعتقَل السيد الصادق المهدي، وقد حكَم عدة مرات، أياً من أهل الانقاذ؟ هل فعل بحرائرهم أو نسائهم كما فُعل بمريم الصادق المهدي؟ ألم يوقّع الترابي وقد كان خارج الحكم اتفاقاً مع قرنق؟ ألم يوقّع الميرغني اتفاقاً مع قرنق في عام 1988 وقد كان المهدي رئيساً للوزراء؟ هل أُعتقل الميرغني يومها؟

لن يستطيع أحد كائناً من كان أن يقيم الحجة على المهدي في مخاشناته للحكومة لأنه لم يبدأ المخاشنة، فقد كان على الدوام سمحاً متسامِحاً كريماً نبيلاً ويكفي أن المهدي.. رئيس الوزراء الذي أطاحت به الإنقاذ بانقلاب عسكري كان على الدوام كريماً متفاعلاً مع أية مبادرة لجمع الصف وتوحيد الكلمة.. أذكر على سبيل المثال هجره للتجمع الوطني الديمقراطي وعودته إلى حضن الوطن ثم لقاءاته الودية مع الرئيس البشير في بيت الضيافة مروراً بموقفه من الجنائية الدولية ومن غزو أم درمان المناقِض لموقف (أبو الإنقاذ) الترابي المؤيد (سراً) للغزاة ثم انخراطه في الحوار الذي لولاه لما وجد تلك الدفعة القوية في بدايته.

كل ذلك يُنسى في لحظة غضب مُضرية ويُعتقل لأنه عبَّر عن رأي (مجرد رأي) ولم يرفع سلاحاً في وقتٍ كان فيه مفاوضو الإنقاذ يتحاورون مع عرمان الرافع للسلاح حتى الآن، القاتل لشيوخ القرآن ولنساء أب كرشولا وأطفالها وشيوخها.. أين هذا من قِيَم الوفاء التي حضَّ عليها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (ما يدريك يا عمر لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)؟! الوفاء للأسف تمارسه حتى بعض الحيوانات!

أصحاب المرجعية الإسلامية الذين نجد صعوبة كبيرة في محاكمتهم بهذه المرجعية التي تنكَّروا لها بالرغم من أن شانئيهم، خاصة من بني علمان، بدلاً من الإنكار عليهم يقدحون في تلك المرجعية الوضيئة رابطين بينها وبين هؤلاء الذين نكلوا بها بدلاً من توجيه سهامهم إلى مشوِّهيها الذين ينتسبون إليها زوراً وبهتاناً.

لو أعملوا قيم الإسلام التي ينتسبون إليها لتذكَّروا الرسول الرؤوف الرحيم وهو يخاطب مشركي مكة يوم الفتح متجاهلاً ما فعلوه به وبأصحابه حين أخرجوهم من موطنهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء).

ماذا بربكم يضيف إلى الإنقاذ اعتقال أبو عيسى وأمين مكي مدني وقد تجاوزا الثمانين من العمر؟! وهل يضر ذلك أم ينفع؟!

إنه دين يدعو من ينتسبون إليه إلى مثال عظيم كم نحن بعيدون عن عليائه.. دين يدخل امرأة النار في هرّة لمجرد أنها حبستها مقيِّدة من (حريتها) في أن تأكل من خشاش الأرض فكيف بالقتل العمد الذي يقول الله تعالى في تنزيله حوله: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا).

ذكّرت في مقال سابق بما فعله الملك حسين عاهل الأردن وهو يزور غريمه ليث شبيلات في السجن ويأخذه بسيارته إلى منزله مما سُطر بماء الذهب في سيرة ذلك الملك الكريم، فأين نحن من ذلك العاهل (العلماني) الذي لم يزعم انتساباً لشريعة الأسلام في يوم من الأيام؟!

خريطة الطريق التي أُجيزت من قبل القوى السياسية بل والمشهد السياسي بصورة عامة بل وما يشهده محيطنا وجوارنا العربي من حروب.. كل ذلك يدعو إلى خطاب سياسي وفعل على الأرض يتسق مع قيم الإسلام وما من أحد مطلوب منه ذلك وبمقدوره أن يغيِّر واقعنا المضطرب والمأزوم وينقلنا إلى بر الأمان إن توافرت الإرادة السياسية غير الرئيس البشير، فهل يفعلها متجاوزاً من يحرِّضونه على غير ذلك؟

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة
ت.أ[/JUSTIFY]

تعليق واحد

  1. لماذا لا تريد التطرق لاوضاع الناس الداخلية لماذا لا تكتب عن ضيق المعيشة التي يعاني منها الشعب لماذا هذه السطحية والمواضيع الهايفة الصادق المهدي اختار طريقه وفعل رآه صوابا ياايها الهجين الشعب السوداني وصل مرحلة الانتحار في الشوارع وتقول لي الصادق المهدي لماذا لا توجه قلمك وكل امكانياتك لانتزاع حقوق اصحاب الحقوق لماذا تغمض عينيك عما يحصل ام انك لاتريد خسارة اموالك وقصورك وعرباتك هناك اسئلة كثيرة لاتريد اجابتها لماذا لا تملا الدنيا ضجيجا عندما اردت انفصال من اسميتهم (ما بشبهونا )لماذا لا تنتصر لهذا المسكين الذي لم يجد ما يقدمه لابناءه ختي لحم الكلاب والحمير والخنازير اعزكم الله التي انتشرت بسرعة البرق ووجدت قبولا لدي المعسرين والمعدومين من ابناء شعبي لذلك اختار ان يضع حدا لحياته بهذه الطريقة المؤسفة التي جعلت كل من في وجهه رمق من الحياء ان يقول كفا كل يوم تطلعنا بمقال عن ياسر عرمان او الصادق المهدي ياخي علي الاقل ياسر عرمان واضح التوجه والاهداف انت اتجهت الي اين تطبل مع النظام تارة وتطبل مع المعارضة الداخلية الضعيفة تارة اخرى والله لم نعرف لك اتجاه ولو انو معروف انك انقاذيا قلبا وقالبا