رأي ومقالات

عبدالباقي الظافر: مستشفى الفكي جيب الله..!!

يوم الخميس الماضي حكى لي أحد أصدقائي طرفة بطلها واحد من بلدياتنا في منطقة مروي.. الطرفة تقول: إن هذا الرجل استثمر في حديقة حيوانات صغيرة، جمع فيها حيوانات مفترسة.. لمدة خمسة أيام كان الإقبال ضعيفاً ولا يغطي المصروفات.. السنجك أعلن- عبر مكبر صوت جاب أطراف المدينة ومركزها- أن الدخول سيكون يوم الجمعة مجاناً.. في اليوم الموعود تدافع الناس نحو الحديقة.. بعد أن امتلأت الحديقة أغلق قريبنا الأبواب، وأطلق سراح نمر مفترس.. حينما هم الناس بالهروب فتح الرجل باباً، ولكن جعل تذكرة النجاة مئة جنيه.
لم أضحك على النكتة البايخة إلا مساء أمس حين أعلن مفوض الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي افتتاح أكبر مستشفى في البلاد في مدينة مروي.. الفكي جيب الله أكد أن المستشفى سيكون الأفضل من حيث الأجهزة والمعدات.. كان ذاك الفكي يفتي في أمر المشافي.. الدكتور كمال عبد القادر وكيل وزارة الصحة الأسبق، ونائب الفكي أكد أن مستشفى مروي الجديد أفضل من أي مستشفى في القطاعين العام والخاص.. أضاف الوكيل الأسبق أن المشفى الجديد سيقدم خدماته في مجال جراحة القلب والمخ والأعصاب.
مستشفى مروي الجديد سيقوم بافتتاحه السيد رئيس الجمهورية.. بداية وباعتبار الميلاد والنشأة الأولى أنا أعرف هذه المنطقة جيداً.. لن ينجح هذا المستشفى في جذب المرضى إلا إذا كان الفكي جيب الله هو بطل الطرفة المسرودة في أعلى هذه الزاوية.. الولاية الشمالية عدد سكانها المقيمين في أرضها أقل من مليون مواطن.. مدينة مروي تبعد عن الخرطوم- ذات الثقل السكاني- نحو أربعمائة كيلو متر.. لا يوجد طريق معبد يربط مروي بالولايات المجاورة، مثل نهر النيل، وشمال دارفور، وشمال كردفان.. حتى إذا جاء الأثرياء من الدول المجاورة ليستشفوا في هذا المشفى الفخيم فلن يجدوا فنادق تأوي مرافقيهم.
سوء التخطيط ليس قاصراً على هذا المشفى.. قبل أيام تم افتتاح مركز لغسيل الكلى في مدينة الدامر بنهر النيل.. مركز الدامر سعته ثماني ماكينات بينما من يحتاجون الخدمة مئة وخمسة وثلاثون مواطناً.. الغريب أن- في عطبرة المجاورة للدامر- يوجد مركز لذات الغرض.. والأغرب أن هنالك مواطنين في الخرطوم يموتون؛ لأن الماكينات الموجودة لا تستطيع توفير الخدمة المطلوبة؛ بسبب العدد الكبير من المرضى.. الدامر يا سادة تحتاج إلى مركز متخصص في علاج أمراض الجهاز التنفسي التي فاقمتها صناعة الأسمنت.. هذه المصانع التي تنتج هذه السلعة الحيوية تصدر معها غباراً قاتلاً يستنشقه المواطنون- كرهاً.
عقلية الفكي جيب الله- هي ذاتها- التي بنت في مروي مطاراً دولياً.. في هذا المطار يمكن للموظفين أن يأتوا إلى عملهم عند الطلب بسبب قلة الطائرات التي تغشاه.. الخدمة الطبية تمضي إلى المستهلك في مكانه، أليس هذا ما يقوله البروفسور مأمون حميدة؟.. إنه المستشفى الصحيح، ولكن في المكان الخطأ يا سادة.. لتصدقوا زعمي أطلبوا من القطاع الخاص مشاركتكم.
بصراحة.. جيب الله لا يدفع من جيبه.. إنها أموال المعاشات يا سادة.. حينما تدلف إلى المعاش- أيها القارئ الكريم- لن تجد شيئاً بسبب هذه السياسات.

عبدالباقي الظافر- التيار

‫2 تعليقات

  1. هل تعلم ان مروي عطبرة تقطعها العربة في 3 ساعات بطريق مسفلت ومروي بورتسودان في 8 ساعات ومري دنقلا في 3 ساعات ثم ان خلق الله دي كلها تسافر للاردن وانتم الي امريكاللعلاج لكن سفر مروي يبقا حار .

  2. ياسبحان الله !!! يعني انتو اصـلو مــافي شئ يـرضـيكـم في البلد دي
    مفروض تشيد وتطالب بالمذيييد . لكن المعارضه من اجل المعارضه وبس
    والشئ بالشئ يذكر زي الطرفه اللي قالت بعد افتتاح كبري توتي
    واحد قال هسي بتاع المعديه المسكين ده تاني ياكل عيش من وين ؟!