قير تور
السباق
ونعود إلى تلك النوعية من الحكايات التي تبدأ غالباً بـ(كان يا ما كان) توجد دولة عظمى حضرنا جزءاً من هيبتها وجبروتها إسمها (الإتحاد السوفيتي). تلك الدولة كانت تقف بفخر وزهو على راس حلف صارت كلمة (كان) تسبقه وقت ما ذكرت في زماننا هذا والله أعلم إن كانت تعود إلى الحياة من جديد بنفس الاسم والملامح والشبه فنقول أنه (وارسو).لم يكن وارسو بالنائم ولذا كان له بالقرب منا مدن عريقة هي طرابلس وأديس ابابا وعدن..
في الوقت ذاك والنيل كما هو معروف بجريانه شمالاً سارت عاطفة الخرطوم مع المياه حتى القاهرة التي بدورها لها عاطفة جياشة نحو الحلف المضاد المكون في الغرب باسم شمال الأطلسي وفيها تقف كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا..
ايضاً من الأشياء التي اذكرها جيداً اننا وقفنا مع قائد حماية العروبة في البوابة الشرقية ضد المجوس ليس بالحديث فقط إنما كنا نرسل المتطوعين فيقاتلون ويستشهد منهم العديد.وكذلك لا ننسى حلفاءنا خاصة جيراننا فعندما تصالحت القاهرة مع تل ابيب لم تكن الخرطوم تريد القول بانها تعرف مصلحة القاهرة أكثر من غيرها ولذا وقفت بجانب الصديق…
وصديق الخرطوم في ذلك الوقت كان يعرف متى يساند الخرطوم ولذا لم تكن لطرابلس سطوة تظنها على الخرطوم…
وفي القاهرة سقط قائد عملية السلام، وهو في الوقت نفسه يعتبر خائناً عند البعض الآخر، في دماء سالت بواسطة سلاح الضباط المصري خالد الإسلامبولي في إحتفالات معركة أكتوبر والعبور..
وتم نقل الجثمان إلى مثواه الأخير بينما اسم من نفذ العملية في القاهرة إختلف الناس على اللقب المستحق: فهو في بلده قاتل الرئيس وفي الوقت نفسه كان هناك شارع في إيران صار يحمل (الإسلامبولي) بإعتباره بطلاً يستحق التخليد.
وإلى اليوم فطرابلس لم تفارق طهران أو دمشق… كذلك فالخرطوم لم تفارق القاهرة بل تزداد المودة كل صباح…وما حدث فقط ان المياه الدافئة صارت تتدفق بين طهران والخرطوم بسهولة ويسر ونفس الأمر مع طرابلس….لكن في هذه المعادلات البسيطة لا نجد نفس السهولة لجريان المياه بين طهران والقاهرة…..والقاهرة يهمها أمر الخرطوم ولذا كانت اول عاصمة عربية تخرج صحيفة منها بتقرير عن مكان صنع الأسلحة التي أستخدمت في العاشر من مايو الماضي بامدرمان من قبل حركة العدل والمساواة.
والشئ المؤكد الذي لا اظنكم تختلفون معي فيه ان القاهرة وهي حريصة على مصالح الخرطوم، فإن مصالح الخرطوم ليست كلها في القاهرة.وليس كل ما يضر الخرطوم يضر القاهرة وإلا ما كانت شركة الشفاء للأدوية ما تزال ركاماً حتى يومنا هذا.. واللبيب بالإشارة يفهم بأن العكس هو الصحيح إذا قلبت المعادلة..
والإشارة القاهرية توضح مكان الصنع فقط، والخرطوم لا تتهم سوى إنجمينا فقط… بدأ المتنافسون في السباق.[/ALIGN]
لويل كودو – السوداني-العدد رقم 931- 2008-06-16