رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : «عرمان» المطرب السياسي والمعارضة ترقص!!

[JUSTIFY] إذا كانت الحكومة تتهرب فعلاً من التفاوض كما يقول ياسر عرمان، فإن هذا يعني بوضوح إنها حسمت أمر الحرب أو كادت، ولم تبق لها إلا كاودا، وأن «تهربها» هذا الذي يتحدث عنه عرمان، يعني انشغالها في هذا الوقت الذي يقول الرويبضة إنها تشتري فيه بالتقدم نحو كاودا لاستكمال عملية الصيف الحاسم «صيف العبور2». ونحن هنا نعارض الحكومة نعم.. لكن من منطلقات تختلف عن منطلقات الأحزاب الطائفية واليسارية والمتمردين، فهؤلاء لا يفهمون معارضة الحكومات كيف تكون.. ويظنون إنها تتأسس على أجندة أطماع واشنطن وإسرائيل، لجلب الدعم، أياً كان المعارضة أو التمرد ينبني على محددات العلاقة بين واشنطن والدول الأخرى من الجانب الأمريكي.

> ولكن ليست هناك محددات موحدة لواشنطن.. حتى تراهن عليها المعارضة والتمرد. وواشنطن علاقاتها جيدة مع دولة سلفية تطبق الشريعة الاسلامية بالكامل كقوانين هي المملكة العربية السعودية، وعلاقتها جيدة مع دولة ديمقراطية بصورة أفضل من فرنسا، وهي لبنان.. والآن تتعامل مع تركيا بروح جيدة رغم أن الحكام فيها من جماعة الإخوان المسلمين ويجمعهم بالإسلاميين في العالم «التنظيم الدولي» والمؤسسات والمراكز الدعوية. ثم إن واشنطن تكره جداً أن تتهيأ مجموعة متمردة تدعمها هي للتوقيع على اتفاق يعيد الأمن والاستقرار. وواشنطن تبقى واقعية جداً وتفهم بواسطة مراكز دراساتها الاستراتيجية أن البلاد إذا كان فيها واقع معين اتخذه البعض سبباً لحمل السلاح، فإن تغييره لن يكون بمجرد التوصل إلى اتفاق مع المتمردين، وإلا كانت الحكومة قد عالجت الأمر، فالمتمردون لن يأتوا إلى قاعة التفاوض بمليارات الدولارات، وإنما بمطالبات إن كان فيها القابل للتنفيذ، فإن الحكومات لا تنتظر أن يطالبها به أحد. ولكن رغم ذلك فإن قبول الحكومة التفاوض والمضي فيه باتجاه مواز للمضي باتجاه عمليات الدفاع يرسل رسالة للمجتمع الدولي تقول لا أحد يرفض التفاوض. ولذلك ليس من مصلحة عرمان أن يقول إن الحكومة تتهرب من التفاوض وإنهم هم في قطاع الشمال وكل الجبهة الثورية يسعون للتفاوض معها، ألا يفضح هذا إدعاءاتهم ويؤكد انتصار القوات الحكومية عليهم؟! إن قادة قوات الدعم السريع اذن سيقولون إن المتمردين هربوا من الميدان واتهموا الحكومة بالتهرب من قاعة التفاوض. وإذا صح تهرب الحكومة أو تأنيها في التفاوض حتى لا تأتينا بكارثة مثل كارثة نيفاشا التي تعمقت بها مشكلة «أبيي»، فقد يؤكد ذلك من ناحية أخرى صحة هروب المتمردين من الميدان، إذن ليس من مصلحة عرمان أن يقول إن الحكومة تتهرب من التفاوض، لأن المنهزم في الميدان يلهث وراء التفاوض ولا يتهرب منه.. ولا يلوك الصبر، ولن يوجد عنده صبر يبل «الآبري». وقد شربنا «آبري» نيفاشا من قبل وهو غير محلول بطريقة جيدة مثل «آبري» رمضان. إن عرمان يريد تجاوز استكمال تطبيق بروتكول المنطقتين كأولوية في قائمة المشكلات، ويقول إن الكل أتى إلى أديس أبابا لسلام للجميع والاتفاقيات للجميع وليس حجراً على أحد.. ويقول إن الحضور هم كل طوائف المعارضة والمؤتمر الشعبي وآلية الحوار ومجموعة «سائحون».

> والسؤال هنا: هل كل هؤلاء ينضوون تحت لواء حلف الجبهة الثورية؟! وهل أبناء دارفور داخل وخارج الحركات المسلحة يرتضون جميعهم أن يقود حلول قضاياهم ويفاوض باسمهم عقار والحلو وعرمان؟! إن عرمان هرب طالباً الى التمرد، لذلك ليس بالضرورة أن يكون سياسياً ذكياً، وقد أثبت غير ذلك بالفعل وهو يريد أن يصل الى اتفاق مع حكومة المؤتمر الوطني رغم استمرار الخصومة والعدوان بين الحركات المسلحة. وواشنطن الذكية في المحافظة على استمرار انفجار الأوضاع الأمنية منذ انسحاب قوات وسلطات الاحتلال الأوروبي، وتوريث بعضه لليهود ليستمر بواسطتهم في فلسطين، تنظر الآن الى تهافت ولهاث قطاع الشمال نحو التفاوض في أديس أبابا، والحركات المسلحة الدارفورية التي تريدها الحركة الشعبية ضمن الوفد المفاوض وبعيداً عن وثيقة الدوحة تتقاتل وتتناحر شرق الجبل. فكيف يجمع وفد تفاوضي موحد حركات مسلحة تتناحر؟! وماذا سيحدث منها بعد أن تنقل جزءاً من قواتها الى الخرطوم بعد التوصل الى اتفاق تذوب فيه قضية المنطقتين وتتمزق ورقة بروتكولهما؟! ان الطبيعي الآن أن تحاور القوى المعارضة التي تذهب الى أديس أبابا بغرض الأنس السياسي، تحاور الحكومة بالداخل، وتترك المتمردين يتحاربون بواسطة الأجانب بالخارج. أما عرمان فهو المطرب السياسي لها طبعاً وهي ترقص كيداً.

تنويه:
> بالأمس وقع خطأ تصميمي في هذا العمود، حيث كان العنوان هو «القوى الخفية يا غندور هي تلك» واستبدل بعنوان مقال للدكتور ربيع عبد العاطي.. وليتنا نكتب بمستوى ما يكتب به ربيع.

صحيفة الإنتباهة
ت.أ[/JUSTIFY]