الطيب مصطفى: مأساة “الزيود” و”أولاد عمران”.. ما أرخص الدماء في السودان؟!
ها هو التاريخ يعيد نفسه ونرجع القهقري إلى العصر الجاهلي قبل الاسلام لتندلع الحروب من جديد حول داحس والغبراء..
قبل ذلك بيومين تقريبا شهدنا مأساة حفظة القرآن الذين قتلوا غيلة وغدراً بجنوب دارفور قبل ذلك بنحو شهر إنفجر القتال بين المعاليا والرزيقات ومات المئات في حرب (جاهلية) أخرى وقبلها ولسنوات سالت أنهار الدم بين أهل السودان في نزاعات قبلية طاحنة وكأن الشيطان يقيم في ديارنا.
جبل عامر بشمال دارفور شهد قبلها مأساة أخرى لن يغفل التاريخ عن تسطير صفحاتها المؤلمة كشاهد على تخلفنا وعجزنا.
والله إنه لأمر عجيب أن نبلغ ذلك القاع من الانحدار الذي يجعلنا نسترخص الدماء بأكثر مما كانت قبائل حرب البسوس تفعل أيام الجاهلية الأولى .
لست أدري هل قرأ هولاء القتلة والمتقاتلون في يوم من الأيام القرآن الكريم وهو يزأر (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)؟.. هل قرأوا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يحدثهم: (لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً) ؟!
أخاطب جبريل إبراهيم والذي يصدر عن مرجعية إسلامية وأسائله: أما آن الأوان يا رجل أن تحتكم إلى شيء من الورع ولو على سبيل اتقاء الشبهات؟
لست أدري هل يحق لي أن أخاطب كذلك الآخرين من الذين لا يصدرون عن مرجعية إسلامية؟ هل يحق لي أن أخاطبهم بالمرجعية الإنسانية أو الوطنية وهم يملأون الإعلام صباح مساء عن حقوق الإنسان التي اتخذوها قرآناً يتحاكمون إليه؟
أنا حزين والله وأشعر أن السُّودان بعيد كل البعد عن مرافئ السلام والاستقرار؟ أهل وأبناء عمومة ينحدرون من نفس الآباء والأجداد وينتسبون إلى نفس القبيلة لكنهم ينسون ذلك ليُعمِلوا أسيافهم وأسلحتهم في رقاب بعضهم البعض.!
العالم يتقدم في مراقي التقدم والنهضة ونحن نتقاتل وكأن ما يفعله المتمردون من الحركات المسلحة لا يكفي.
السلاح يباع في العراء داخل مدننا الكبرى بتراب القروش على مرأي ومسمع من السلطات الحكومية!
ماذا دهانا وأي شيطان ذلك الذي يتلبسنا؟!
أنني أدعو إلى حل جديد يتصدر فيه المشهد هذه المرة الدعاة الذين غاب خطابهم حول قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ولذلك أقترح على د. عصام البشير الذي قاد بعض المبادرات الناجحة لمراجعة بعض الشباب المعتقلين في عدد من القضايا مثل شباب خلية الدندر..أقترح عليه أن يصحب معه ثلة من العلماء منهم د. عبد الحي يوسف وكمال رزق وغيرهما للذهاب إلى القبيلتين المتحاربتين ومخاطبتهم بالدين الذي يجهلون فقهه في شأن النزاعات والقتال بين الطوائف المسلمة..نعم اوقن أن هؤلاء المتقاتلين حول المرعى المتحاربين حول قطعة أرض تافهة يجهلون أن زوال الكعبة أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم واحد ناهيك عن أنهار من الدماء ينبغي أن نستصحب معنا عبر التاريخ وأخص تجربة المهدية التي إستطاع فيها الامام المهدي الكبير القادم من الشمال الأقصى للسودان أن يجمع حوله الأنصار من غرب السودان بالدين ولا شئ غير الدين.
إنفعل أبناء غرب السودان يومها وكانوا أقل فقها وأكثر شراسة من أحفادهم المتقاتلين اليوم..إنفعلوا بفقه الجهاد ضد العدو المحتل وإنحازوا لرجل لا تربطهم به رابطة غير الاسلام.
الضلع الثاني من الحل يتمثل في السياسيين الذين عليهم أن يتكفلوا بدفع الديات وحل المشكلات السياسية لكن التخويف من غضب الله جراء ما يقترف هؤلاء المسترخصون لدماء اهليهم أو قل لدماء المسلمين يجب أن ينهض به العلماء أصحاب التأثير والبيان.
أما الضلع الثالث في إنهاء القتال بين الشقيقين قابيل وهابيل فأنه يتمثل في هيبة الدولة التي ينبغي أن تدخل جيشها بدباباته لينهي هذه المهزلة ويفرض الأمن والسلام على الجميع
كذلك فأني أدعو قادة المسيرية بمن فيهم مهدي بابو نمر وعبد الرسول النور والدرديري محمد أحمد والخير الفهيم وغيرهم..أدعوهم جميعاً إلى بذل الجهد في سبيل رتق فتوق قبيلتهم التي تمزقت أيدي سبأ فبدلاً من حل مشكلة أبيي ها نحن ننحدر إلى مأساة أخرى ربما لا تقل عن الصراع حول أبيي
الطيب مصطفى- الصيحة
أحسنت وأجدت بارك الله فيك … ولعل هذه الكلمات الصادقة و المنبعثة من ” صيحة الحق ” يوصلها الله الى من ذكرت و تلامس فيهم نخوة المعتصم .