رأي ومقالات

الصادق الرزيقي : إعادة تصنيع قضية دارفور !!

[JUSTIFY]محاولة إعادة تصنيع قضية دارفور من جديد بعد أن طواها الرماد وماتت جذوتها .. محاولة يائسة وليست مجدية لكنها خطيرة إن وجدت آذاناً صاغية.. وتتخذ أعراض النساء في قرية «تابت» وسيلة لنفخ الروح فيها، ويجب ألا تتصدى وزارة الخارجية وحدها لهذه المواجهة الجديدة، فالدولة كلها ووسائل الإعلام والمجتمع والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، تقع على عواتقهم مسؤولية مجابهة هذا المخطط الخبيث الذي تديره جهات دولية معروفة للبحث عن ذرائع جديدة للتدخل في الشأن الداخلي السوداني.
> إذا كان أهل منطقة «تابت» وخاصة النساء قد نفين وبشدة هذه المزاعم والدعاوى الكاذبة حول شرفهن وأعراضهن وعفتهن، فما الذي يجعل بعض أعضاء مجلس الأمن الدولي والمنظمات الأمريكية والأوروبية المشبوهة وشذاذ الآفاق أكثر حرصاً منهن على سمعتهن وكرامتهن؟!
> ولا يحتاج هذا الموضوع إلى كثير عناء لكشف ما وراءه، فإذاعة دبنقا التي بثت هذه الدعاوى الكاذبة يملكها يهودي هولندي يتلقى دعماً من بعض المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة وأوروبا، ويتكسب صاحبها وعائلته وبناته من هذه القضية، يساعده في ذلك بعض أبناء دارفور الذين يعيشون على المتاجرة بدعاوى اغتصاب نساء دارفور الحرائر، وهم يعلمون علم اليقين ما لهذه الدعاوى من حساسية لدى المجتمع المحلي وما تثيره من مشاعر ومهيجات، ولا يمكن أن يكون من يدعي مثل هذه الإدعاءات الكذوبة له ذرة انتماء لهذا الجزء من أرض دارفور.

> ولا يخفى على أحد أن قضية دارفور قد تراجع الاهتمام بها في الدول الغربية خلال الفترة الماضية، وقد تفرقت أيدي سبأ المنظمات التي كان نشاطوها يحركونها في أدوات الإعلام العالمي وفي الدوائر السياسية الغربية خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتبادل مؤسسو تجمع منظمات «أنقذوا دارفور» الذي أدار هذه القضية وأثار النقع والغبار منذ عام 2003م، الاتهامات بالاختلاسات المالية وتبديد مليارات الدولارات جمعت باسم ضحايا الحرب في دارفور وباسم اللاجئين والنازحين وسكان المعسكرات، وتقدم عدد كبير منهم باستقالاتهم من قيادة هذه المنظمات، ولم يستطيعوا مواجهة التهم بأنهم قاموا بتحويل هذه المبالغ الضخمة إلى مصالحهم الشخصية أو نفي ما يُثار من معلومات وأخبار عن تمويل إنشاء المستوطنات الصهيونية في فلسطين المحتلة حول مدينة القدس وفي الضفة الغربية من عائدات التبرعات والأموال التي جمعت من أجل قضية دارفور!!
> فمع تراجع الاهتمام بما يدور في دارفور، شعرت جهات كثيرة وناشطون غربيون خاصة المنظمات والجمعيات الصهيونية، وبعد اندلاع الصراع العنيف في دولة جنوب السودان، وتحول أنظار العالم إلى هموم وقضايا أخرى مثل أوكرانيا وسوريا والحرب على تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، شعرت هذه الدوائر الصهيونية بأنه إذا ماتت قضية دارفور فقدت أهم وسائل الضغط على السودان واستهدافه وإضعافه، كما ستفقد أهم مورد يستقطب الأموال والتبرعات، ويفقد المشروع الصهيوني في المنطقة عنصراً من عناصر تفتيت ومحاصرة الدول المارقة كما توصف لدى الصهاينة وغلاة الغربيين.

> ولذلك كان أسهل الطرق لإثارة الرأي العام الغربي ومن بعده العالمي، هو العزف على وتر الأزمة الدارفورية من جديد، ومن خلال مسألة حساسة للغاية هي العنف ضد المرأة والاغتصاب، فإذا كانت قضايا مثل مقتل المدنيين أو قصف القرى لا يمكن إثباته بسهولة بعد الهدوء والاستقرار الذي تعيشه دارفور وتوجد ألف طريقة لنفيه، فإن إثارة قضية ذات أبعاد إنسانية حساسة للغاية كان هو المطلوب لشحن العاطفة وجلب التعاطف الدولي من جديد.. فقصة مثل الاغتصاب الجماعي لمئتي امرأة بواسطة جيش حكومي، لا تستطيع حتى هوليوود تخيلها وإنتاجها بسهولة، فمثل هذه المزاعم تقيم الدنيا ولا تقعدها ولا تحتاج إلى دليل دامغ، فقط تكفي الشبهات والغبار الكثيف.. وهذا هو السياق الذي جاءت فيه هذه الأزمة ووظفت بعثة اليوناميد لهذا الغرض الدنيء وكان ما كان.
> ومن المستعجب والمستغرب له.. أن بعض الجهات الداخلية تروِّج لهذه المزاعم، وتصب الزيت على النار.. فعلى الحكومة والمجتمع جميعاً.. عدم التساهل على الإطلاق في هذه القضية لأنها ليست «لعب عيال» ولا تهمة عابرة.. فما وراء الأكمة ما وراءها.. فالمخطط كبير!!

صحيفة الإنتباهة
ت.أ [/JUSTIFY]