تحقيقات وتقارير
الحصار الأمريكي والدين الخارجي .. تحديات في واجهة الاقتصاد
محافظ البنك المركزي كشف أمس عن مؤشرات مبشرة حدثت في الأداء في العام الماضي، حيث بلغ التمويل الممنوح للحكومة بموجب بند الاستدانة المؤقتة من بنك السودان (7.13) مليارات جنيه خلال العام سددت منها وزارة المالية ما قيمته (4.63) مليارات جنيه خلال نفس العام ليصبح المتبقي في إطار سقف المديونية التي يسمح بها قانون البنك المركزي وهي (2.5) مليار جنيه، مشيراً إلى أن البنك نفذ عمليات غير مباشرة لصالح الحكومة شملت تقديم ضمانات بالعملة المحلية بقيمة (3.452) مليارات جنيه و(638.64) مليون دولار بالعملات الأجنبية. ولفت المحافظ إلى أن الجزء الأكبر من الموارد قد تم توجيهها لتمويل سلع البرنامج الثلاثي القمح السكر زيت الطعام والأدوية لإحلال الواردات، مشيراً إلى أن البنك المركزي ساهم بمبلغ (165) مليون جنيه في محفظة تمويل زيوت الطعام والقطن بنهاية ديسمبر العام 2013 بجانب مساهمة البنك في رؤوس أموال بعض الشركات والمصارف بما قيمته (164) مليون جنيه، كما بلغت قيمة الودائع الاستثمارية التي دعم بها البنك المصارف التجارية (892) مليون جنيه، هذا فضلاً عن تقديم قروض حسنة للبنوك والمؤسسات المالية بقيمة (85) مليون جنيه، مضيفاً أن خطابات الضمان غطت عمليات السوق بين المصارف في حدود (143) مليون جنيه. وقال إن انتشار الخدمات المصرفية ساعد في تعبئة المدخرات بزيادة عدد ماكينات الصرف الآلي من (865) في العام 2012 إلى (905) في العام 2013، ونمو البطاقات المصرفية بنسبة (224.7%).
تحسن أداء ميزان المدفوعات..
أما في ما يختص بسياسات القطاع الخارجي للبنك المركزي قال المحافظ إنها استهدفت توحيد سوق النقد الأجنبي مع تحقيق المحافظة على استقرار ومرونة صرف الجنيه مقابل العملات الأخرى، حيث قام البنك بجهود متواصلة للوفاء بالتزامات الدولة بالنقد الأجنبي، مبيناً أن جملة صادرات البنك من الذهب بلغت (20.2) طناً حتى ديسمبر 2013 بقيمة (879) مليون دولار. أما خلال هذا العام فقد بلغ الصادر حوالي (25) طناً وكذلك تحسن أداء ميزان المدفوعات خلال العام الماضي مقارنة بعام 2012 حيث شهد انخفاضاً ملحوظاً في عجز الميزان الكلي من (24.1) إلى (17.6) نتيجة لتحسن الميزان التجاري من سالب (4065) مليون دولار إلى سالب (1641) مليون دولار نسبة لارتفاع صادرات البترول بمعدل (74.3%) والسلع الأخرى غير البترول والذهب.
تعثر (4) بنوك
تقرير محافظ بنك السودان المركزي أمام البرلمان أمس عن الأداء أشار إلى ارتفاع رصيد التمويل المصرفي بنهاية ديسمبر من العام الماضي إلى أكثر من (37) مليون جنيه مقارنة بـ(30) مليون جنيه في ديسمبر من 2012 بنسبة ارتفاع بلغات (23%)، كما أن التمويل للقطاع الخاص ارتفع من (33.8) مليون جنيه إلى (37.1) مليون جنيه من جملة (46) مليون جنيه.
واعتبر المحافظ أن تنفيذ البنك لحزمة من الضوابط والإجراءات أسهمت في ترشيد الاستيراد وزيادة موارد النقد الأجنبي حيث اشتملت على الاستمرار في منع الاستيراد بدون تحويل قيمة وتشجيع التحويلات الورادة من الخارج وذلك من خلال السماح للمستفيدين بخيار استلامها نقداً أو تحويلها لحساب لدى أي مصرف آخر.
واحتوى التقرير مؤشراً جيداً لتحسن موقف المصارف، حيث ارتفعت الودائع لديها إلى (44.5) مليار جنيه بنهاية العام الماضي، بينما كانت (39.9) مليار جنيه في العام السابق له أي بنسبة زيادة بلغت (10.8%).
ولعل مشكلة التعثر المصرفي كانت تمثل معضلة ضخمة للاقتصاد لكن تقرير البنك المركزي أورد نزول التعثر إلى (8.4%) في العام الماضي مقارنة بنسبة (11.9%) في العام السابق له بانخفاض قدره (3.5%) ومن ثم إلى (8%) في العام الجاري. وأشار التقرير إلى انخفاض إجمالي أرباح المصارف انخفاضاً طفيفا إلى (3.113) مليون جنيه مقارنة بمبلغ (3.052) مليون جنيه بمعدل انخفاض (1.2%). وأوضح التقرير أن (4) مصارف لم تتمكن من الإيفاء بالحد الأدنى المقرر لرأس المال مقارنة بـ(14) مصرفاً في العام الماضي.
وكشف المحافظ عن استهداف (12%) من المحافظ الاستثمارية في كل مصرف لتوجه التمويل الأصغر واستحداث آليات وسياسات لتنمية القطاع، مشيراً إلى أنه خلال العام الجاري بلغت حصة التمويل الأصغر (5%) من المحفظة الاستثمارية، بإضافة مشروعات البعد الاجتماعي تصل النسبة إلى (8%) من إجمالي المحفظة الاستثمارية. وفي إطار سياسات التمويل الأصغر وضع البنك خطة إستراتجية لتطوير وتنمية قطاع التمويل الأصغر في السودان امتداداً لإستراتيجية البنك السابقة.
هذا بجانب إنشاء مؤسسات التمويل الأصغر حيث بلغت (23) مؤسسة بواقع مؤسسة واحدة على الأقل في كل ولاية وبلغت هذا العام (28) مؤسسة، مشيراً إلى أن تجربة التمويل الأصغر بالسودان وجدت إشادة دولية من المؤسسات المالية وأصبحت أنموذجاً يشارك به السودان في المنابر الدولية.
تزايد في نسبة الدين الخارجي وعقبات في الحصول على ميزات ..
ولعل النقطة المهمة التي أوردها تقرير المحافظ تمثلت في مواصلة الدين الخارجي في الارتفاع، حيث زاد بمقدار (800) مليون دولار وبلغ (43,8) مليار دولار بنهاية العام الماضي. ويقول المحافظ إن الأصل يشكل (17.7) مليار دولار بنسبة (40%) من إجمالي حجم الدين القائم بينما تمثل جملة الفوائد التعاقدية والتأخيرية (26.1) مليار دولار بما يعادل (60%) من إجمالي الدين، موضحاً أنه يلاحظ ارتفاع نسبة الدين إلى الصادرات من السلع والخدمات، حيث بلغت (617%) بينما المؤشر العالمي لا يتعدى (100%).
مؤكداً أن اللجنة العليا للديون واصلت جهودها الحثيثة حيث تم إعداد خطاب رئاسي بتوقيع رئيس الجمهورية ورئيس دولة جنوب السودان لحث المجتمع الدولي للإسهام في إعفاء الديون خاصة وأن استجابة السودان لتمديد فترة الخيار الصفري مع دولة الجنوب قد أعطى انطباعاً مميزاً لموقع السودان الداعم لتغطية كل سياسات حسن الجوار مع الجارة جنوب السودان. وأقر المحافظ بان تراكم الدين الخارجى قد حرم البلاد من الاستفادة من فرص التمويل الخارجي الميسر، فضلاً عن أن عبء خدمة الدين بات يحوز على موارد مقدرة البلاد في أمس الحاجة إليها، أما خارجياً فقد أكد المحافظ أن خارجياً كانت أهم المؤثرات استمرار الحظر الأمريكي على البلاد وتداعيات ذلك أثر سلباً على الاقتصاد، كما أن الظروف السياسية التي تمر بها دولة جنوب السودان حالت دون اكتمال حلقات التعاون الاقتصادي والتجاري وتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع السودان في المجالات المختلفة.
نواب البرلمان رحبوا أمس بتقرير المحافظ لكنهم رفضوا التعليق للصحفيين بينما خصص البرلمان جلسة قادمة للتداول حوله، فضلاً عن منح النواب وقت أوسع للاطلاع عليه.
المجهر السياسي
خ.ي