الطاهر ساتي

أخي سالم : لك الله ..!!

[ALIGN=JUSTIFY][ALIGN=CENTER]أخي سالم : لك الله ..!! [/ALIGN] ** ويسألني صديق الصبا عما يحدث في الدوحة وعما سيحدث فى الخرطوم عقب انتهاء الدوحة ، وهل سيأتي خليل نائبا أم مساعدا أم وزيرا أم وكيلا ..؟..ثم يسترسل في تلك الأسئلة المسماة زورا وبهتانا بالسياسية ، يسأل وينتظر الإجابة ، وحتما سينتظر طويلا .. وعذرا يا صديقِ ، لا تستهويني سياسة : دخلت نملة وأخذت حبة وخرجت ..وهكذا الدوحة وشقيقاتها ، أبوجا وأسمرا .. أو هكذا السياسة فى بلدك ، وللأسف تلك هي السياسة التى تنشدها وتترقبها هنا تحليلا وشرحا .. لا يا صديقِ ، ليس من العقل ولا العدل أن نهدر الزمن والمداد والجهد فى تفسير الماء بأنه ماء ، وأصدق تقرير سياسي للحال الراهن هو حال تلك النملة التى تأخذ حبتها وتخرج لتدخل الأخرى وهكذا.. فلندع تلك الفارغة لأهلها وهواتها ، وهيا إلي دنيا الناس فى بلدي ، وكما تعلم فالناس في وادٍ و الساسة في وادٍ ..وإليك ياصديق الصبا ، وإليكم يا أصدقاء الزاوية هذه ال…حكاية …!!
** سالم موسى عبد الحميد ، مزارع سوداني من دار حامد بكردفان ، فى العقد الرابع من عمره ..زوجته ، فاطمة الهادي ، من ذات الديار الطيب أهلها ..أكرمهما الله بمولودة يوم الثلاثاء قبل الفائت ، وسعدا بها وبابتسامتها النضرة أيما سعادة ، وكذلك الأهل والمعارف بأبي حراز ، إحدى ضواحي محلية شيكان ..ثم شاءت إرادة الله أن تصاب الأم بنزيف حاد بعد أسبوع من فرحتها بمولودتها ، نزيف أفقدها البصر ، فذهب بها الأب والأهل إلى مستشفى الأبيض التعليمى لتلقي العلاج وإعادة البصر ، وكان ذلك يوم الثلاثاء الفائت ..وظلت هناك تحت الرعاية الطبية بقية ساعات الثلاثاء ثم يوم الأربعاء وسط دعاء زوجها وأهلها بأن يرد الله بصرها ..ولكن منتصف نهار الخميس الفائت ، أي بعد اثنتين وسبعين ساعة من وصولهما إلى المستشفى فقد الأب والأم مولودتهما .. لم تمت ، فهى بصحة جيدة والحمد لله ..ومع ذلك فقدها الأب والأم .. فقداها بالسرقة .. نعم والله ، فى عنبر النساء القابع فى قلب المستشفى تعرضت الأم والأب إلى حادثة سرقة ..سرقة مولودة من حضن أمها فى أكبر مستشفى حكومى بولاية شمال كردفان .. هكذا الحدث ..!!
** الأب المكلوم ، سالم موسى ، هاتفني عصر أمس قائلا : جاءت إمرأة إلي زوجتي منتصف نهار الخميس ، وزعمت بأنها ممرضة مكلفة برعاية الطفلة لحين شفائك ، والطفلة الآن بحاجة الى فحوصات ، فسلمتها الأم واستلمتها وخرجت بها من العنبر والمستشفى ولم تعد حتى اليوم « أمس الأربعاء »..وبلغنا إدارة المستشفى والشرطة يوم الحادث ، ولكن لا الإدارة ولا الشرطة عثرتا على طفلتي ، واليوم هو اليوم السادس على فقدنا لمولودتنا ..هكذا حدثنى الأب بحزن يعجز قلمى عن وصفه ..فاتصلت بمصادر هناك ، وتأكدت من الحادث ، بل وتأكدت بأن لهذا المرفق الحكومى أبواب محروسة بحرس يحرص على استلام رسوم الدخول من كل زائر .. ينتبه بيقظة كاملة فى رسوم الدخول حتى ولو جاء الزائر منتصف ليلة ظلماء ، ولكن لا ينتبه بخروج سارقة بطفلة .. تلك ليست كل الحكاية صديقي القارئ ، بل إليك هذا المشهد التالي ..!!
** في محاولة يائسة وغير أخلاقية للتهرب من مسؤولية ماحدث للأم والأب ومولودتهما ، أصدرت إدارة المستشفى أمراً للأم بالمغادرة ، وجاء الأمر مصحوبا بحرس المستشفى وتوجيهاتهم الداعمة للإدارة .. هكذا حاصرت الإدارة الأم والأب بمغادرة المستشفى ، وهى لا تزال تنزف دما ودموعا.. تأمل كل هذا القبح ، صديقي القارئ .. وأسال : أين كان هذا الحرس الحريص على تنفيذ أمر الإدارة فى لحظة سرقة الطفلة ..؟.. ولكن الأب والأهل بوعى كامل تمسكوا بحق البقاء حتى يكتمل الشفاء ، وهم الأن .. الأن .. فى ذات المستشفى ، يبكون دما ودموعا على مصير طفلتهم المفقودة ذات الأسبوع عمراً …!!
** تلك هى الحكاية .. فأقرأها يا مسؤول …!!
إليكم – الصحافة الخميس 19/02/2009 .العدد 5620 [/ALIGN]