تحقيقات وتقارير

من جونسون وحتى غرايشون.. الخرطوم وواشنطن.. مفاجآت فى الطريق

باشر روبرت وايت هيد القائم بالأعمال الأمريكي الجديد امس الاول مهامه بالخرطوم خلفاً لسلفه البرتو، فرنانديز. ووايت هيد كان قد عمل بسفارة بلاده بالسودان خلال الفترة من 2004م إلى 2006م كنائب للقائم بالأعمال، كما تم تكليفه بافتتاح القنصلية الأمريكية بمدينة جوبا في العام 2006م.
وقد شهدت علاقات الخرطوم -واشنطن- منذ وصول الرئيس باراك اوباما وتعيين الجنرال اسكوت غرايشن مبعوثا للسودان تغيرات جوهرية، فتحت باب التفاؤل بتحسن مرتقب ، خاصة بعد اتفاق الجانبين على ارضية مشتركة رتبت اجندة الحوار بما يخاطب مطلوبات وهواجس البلدين. التقرير أدناه تضعه «الرأي العام» بين يدي القائم بالاعمال الجديد ، وينشر بالتزامن مع مجلة الخرطوم الجديدة.
………………………………………………………………………………………………………………..
(أنا أحب السودان، وسأعمل على تعزيز العلاقات بينه والولايات المتحدة الامريكية ، وسأنقل لاوباما صورة جديدة عن بلد عظيم) بهذه المفردات الغريبة على قاموس العلاقات بين الخرطوم وواشنطن انهي الجنرال المتقاعد سكوت غرايشون مبعوث الرئيس باراك اوباما زيارة ناجحة للسودان- فى التاسع من ابريل الماضي- رشحت العلاقات الثنائية الى تطورات ايجابية ربما انهت عقدين من المواجهة والقطيعة.
فإسناد منصب المبعوث الامريكي للجنرال غرايشون فى التاسع عشرمن مارس المنصرم وفَّر للمراقبين حيثيات كافية للاعتقاد بأن التغيير الذى اتخذه المرشح الديمقراطي باراك اوباما شعارا لحملته الانتخابية سيجد طريقه للخرطوم المنهكة بسداد فواتيرالقطيعة مع واشنطن، والمثقلة بآثار المواجهة الطويلة مع المجتمع الدولي لخروجها عن بيت الطاعة الامريكي.
فرصة للتفاؤل
ومبعث التفاؤل بتسمية غرايشون يعود الى تفوقه على الصقور الديمقراطيين الذين سعوا للامساك بالملف ،وقد كان اختياره بمثابة وضع لهؤلاء المتشددين فى سلة مهملات الرئيس الامريكي الجديد.
والمعروف انه ومنذ وصول اوباما للبيت الابيض فى يناير الماضي ظل منصب مبعوثه للسودان ساحة للتنافس بين عدد من المتشددين الديمقراطيين، لاسباب تتعلق بجاذبية ملف دارفوروتمثيله لجانب مهم فى اجندة الانتخابات الامريكية ،كما ان الامساك بمحور العلاقات السودانية يوفر نجومية مستمدة من تميز الخرطوم كعاصمة افريقية استثنائية ذات تقاطعات عديدة مع توجهات المجتمع الدولي.
لغة مختلفة
وكان واضحا للمراقبين ان الرئيس اوباما فى طريقه لانتهاج لغة مختلفة مع الخرطوم باختياره للجنرال غرايشون واقصائه لمرشحين من اكثر العناصرعداءً للخرطوم،فالمتنافسون لا يعبرون عن خط متشدد فحسب، وانما يمثلون مشروعات واستراتيجيات موجهة لتغييرالنظام فى الخرطوم، ومحاكمة مسؤوليه على خلفية ما يرونه جرائم ابادة وقعت فى دارفور، حيث كان ابرزهم (جون برندرغاست، وكولن باول وروجر ونتر).
وباستثناء باول (الجمهوري التائب) فان غاست وونترمن اكثر الامريكيين تشددا، وقد جاء اقصاء هذا الثلاثي لمصلحة جنرال متقاعد لم يكن فى دائرة الترشيح كمؤشر ايجابي ضاعف من فرص الخرطوم للتفاؤل بالقادم الجديد.
ابرز الدلالات التى حملها تعيين غرايشون تشير الى ان الرئيس اوباما بحاجة الى شخصية حديثة عهد بملف دارفور، لا تنطلق من ارث معلومات او رواسب سابقة.
تعيين سكوت ضيِّق كثيراً من فرص الاجندة التى تحملها سوزان رايس مبعوثة الولايات المتحدة الامريكية لدى مجلس الامن، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، والمعروف عن رايس انها اول من دعا لتوقيف الرئيس عمر البشير ومحاكمة المسؤولين السودانيين عبردراسة اعدتها للتعامل مع ما أسمته الابادة الجماعية فى دارفور طالبت خلالها باقامة منطقة حظر جوي واصدار عقوبات للتأثيرعلى قطاع النفط السوداني، وهيلاري كلينتون ايضاً قادمة الى الخارجية الامريكية بإرث صقور الديمقراطيين الذين توقفت عقليتهم فى التعاطي مع السودان عند محطة مصنع الشفاء، ابان رئاسة زوجها ويليام جيفرسون كلينتون.
اليد الممدودة
لم تعرف عن الجنرال غرايشون اية تصريحات سالبة تجاه السودان. وقد مثلت هذه الميزة دليل حرص من اوباما على تقييم الاوضاع فى دارفور وفقاً لحيثيات جديدة، ومن مسؤول اشتهر بحرفية عالية فى تنفيذ المهام الموكلة اليه وعرف بانه صديق شخصي للرئيس اوباما.
تصريحات غرايشون فى الخرطوم نزلت بردا وسلاما على المسؤولين والرأي العام السوداني وهو يفاجئ الجميع بالقول «اتيت ويدي ممدودة وعلى الحكومة السودانية ان تحدد كيف تريد مواصلة هذه العلاقة، وآمل ان يكون ذلك بطريقة ودية».
واضاف «الهدف من الزيارة هو التعلم واتيت الى هنا من دون اوهام ومن دون افكار مسبقة ومن دون حلول، اتيت الى هنا لأشاهد واتعلم وأرى».
تبديد الشكوك
لغة غرايشون المفعمة بالتسامح بددت شكوك الخرطوم التى اظهرت تحفظا ملموسا وهي تستقبل نبأ تعيين المبعوث، فقد أبدى على الصادق الناطق باسم الخارجية وعبد المحمود عبد الحليم مندوب السودان الدائم فى الامم المتحدة – قبل ان تطأ اقدام المبعوث ارض السودان- ترحيبا حذرا بالزيارة، واتفقا على ان الخرطوم تنتظر ما سيأتي به غرايشون فى لهجة لم تكن متفائلة بأن ثمة تغييراً سيحدث فى نهج الادارة الامريكية تجاه السودان.
ومن واقع تجارب الخرطوم المؤلمة مع المبعوثين الامريكيين، اتسم رد الفعل الحكومي بكثير من الحذر والارتياب من توقيت الخطوة المتزامنة مع تحركات المحكمة الجنائية الدولية ، ومن واقع التجارب المريرة مع نظرائه السابقين فان رد فعل الخرطوم جاء متحفظاً بعض الشئ، خاصة وان اجواء العلاقات مع الولايات المتحدة باتت ملبدة بكثير من الهواجس وغير قليل من الظنون.
ذكريات مؤلمة
الخرطوم تختزن ذكريات مؤلمة مع المبعوثين الامريكيين الذين بدأ عهدهم بالسيناتورهاري جونسون فى مهمة كان الهدف منها انهاء قطيعة بلغت مداها آنذاك بقصف مصنع الشفاء فى اغسطس 1998، ولابد من الاشارة الى ان ابتعاث الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلنتون لجونسون جاء متزامنا مع تصدير النفط السوداني. لكن المهمة انتهت بفشل ذريع جراء التشدد الذى كانت تبديه كلا الدولتين.
وشهدت ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش تعيين ثلاثة مبعوثين فشلوا فى احداث التقارب المنشود، وقد كانت تقاريرهم الختامية مكتظة بعبارات يائسة ابقت على العلاقة فى(غرفة الانعاش).
ثلاثة مبعوثين
فقد تم تعيين السيناتور جون دانفورث في 2001، ، وهو الذى ترك بصمة فى مسيرة عمل مبعوثي بوش بسبب جهود بذلها على صعيد تحقيق السلام بين الحكومة والحركة الشعبية توجت بتوقيع اتفاقية نيفاشا، لكنه لم يحدث اي اختراق على صعيد العلاقات الثنائية بين الخرطوم وواشنطن،واعقبه اندرو ناتسيوس في سبتمبر 2006، بهدف انهاء ازمة دارفور والمساعدة فى تنفيذ اتفاقية السلام التى شهدت كثيرا من التعثر بفعل التشاكس الذى كان مستمرا بين الشريكين، لكن تراكم الفشل فى مهمة ناتسيوس قاده الى تقديم استقالته الى الرئيس بوش دون ابداء اسباب، غير ان المذكرات التى كتبها بعد مغادرته المنصب اشارت الى انه كان على خلاف مع كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية السابقة، حول استراتيجية التعامل مع السودان، وقد مثلت الخلافات حول دخول القوات الدولية ابرز المحطات فى مسيرة التعامل بين الخرطوم وناتسيوس.
وفى العام 2008 تم تعيين السفيرريتشارد وليامسون السفير السابق لواشنطن فى الامم المتحدة واللجنة الدولية لحقوق الانسان. وليامسون كان افضل من سابقيه وشهد عهده تحريك الملفات الساكنة، لكنه بالرغم من ذلك فشل فى تحقيق اي تطور ايجابي فى مسار العلاقات الثنائية.
فطنة كيري
ويعزو مراقبون فشل المبعوثين السابقين للمفارقة الواضحة بين معلومات وتوجهات المسؤولين الامريكيين التى يتلقونها عبر التقارير المفبركة وجماعات الضغط وبين ما يجده المبعوثون على الارض فى الخرطوم ودارفور، وقد فطن السيناتور جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى الكونجرس الامريكي لهذا الامر، وهو يعلن فور وصوله واشنطن بعد زيارة للسودان ان الاوضاع فى دارفور مغايرة تماما لما هو رائج فى الولايات المتحدة.
تصريحات كيري الذى زار الخرطوم بعد اسبوع واحد من مغادرة غرايشون شكلت مدخلا صحيحا لبناء علاقات مستقبلية بين الخرطوم وواشنطن، خاصة وان الكونجرس الامريكي يعتبر حلبة المواجهة المقبلة باعتباره العقبة الوحيدة المتمترسة خلف مواقف متشددة تجاه السودان. السيناتور الامريكي لحظة وصوله الى الخرطوم فى السادس عشر من ابريل الماضي قال انه «من دواعي سروري ان اكون هنا في السودان واتطلع لاجراء مباحثات مكثفة للغاية. من الواضح ان هناك قضايا مهمة جدا نتحاور بشأنها». وقال الناطق باسم الخارجية علي الصادق حينها ان زيارة كيري « دليل واضح على توجه ادارة اوباما تجاه السودان». وجاءت زيارة كيري بعد اسبوع من زيارة غرايشون للخرطوم.
تصريحات جون كيري التى حملت ترجمة عملية لشريط زيارة المبعوث الامريكي عززت مبدأ الاعتدال، واكدت ان واشنطن عازمة على تغيير سياستها تجاه السودان، واشارت الى حدوث انقلاب كبير فى التعاطي الامريكي مع الشأن السوداني.
التعقيدات قائمة
وعلى الرغم من اللغة المعتدلة التى درج غرايشون على استخدامها تجاه السودان الا ان طريق تذليل عقبات العلاقة بين الخرطوم وواشنطن لن يكون مفروشا بالورود ، فالتعقيدات تظل قائمة طالما انه يخاطب ارثا متراكما من الازمات انتجته المواجهات الدائمة بين الخرطوم والادارات الامريكية المتعاقبة طوال الـ (20) عاماً الماضية.
ولابد من الاشارة الى ان اختيارغرايشون منذ البداية مثل (عدم اعتراف) بما سبق من تقييم للاوضاع فى السودان، وهو تطور ينسجم مع سياسة التغيير الامريكية المعلنة، فالرئيس الامريكي يمضي فيما يبدو باتجاه الاستفادة من نصائح المبعوثين السابقين لواشنطن والأمم المتحدة فى السودان، والذين ظلوا يؤكدون مراراً من ان سياسة (لي الذراع) لن تجدي مع السودان.
وتقول الخرطوم انها تتطلع إلى علاقات جيدة قائمة على الاحترام المتبادل، ويؤكد وزير الدولة بالخارجية السماني الوسيلة ، إن الضغوط لن تؤدي أبدا إلى حلول، مشيرا إلى الفشل الذي لازم الادارة الامريكية السابقة من خلال اتباعها لهذا المنهج. وتفرض الولايات المتحدة عقوبات احادية على السودان منذ العام 1997 وتتهمه برعاية الارهاب .
تحولات امريكية
ابرز تجليات التحول الامريكي تجاه السودان تتمثل فى وقوف واشنطن بمنأى عن اتهامات المحكمة الجنائية ضد الرئيس عمر البشير، فقد اعلن جون كيري ان توقيف الرئيس يعقد الامور فى اشارة الى تحفظ واضح تبديه واشنطن حيال تحركات مدعي المحكمة الجنائية ،علاوة على ذلك فان واشنطن اتخذت موقفا محايدا تجاه المطالبة الدولية للخرطوم باعادة (31) منظمة ، طردتها فى مارس الماضي، غرايشون اكد فى نهاية زيارته للسودان انه ليس هناك احتمال ولو صغير لعودة المنظمات الى دارفور مرة اخرى.
وعلى الرغم من اتفاق الجانبين السوداني والامريكي على ارضية للحوار المشترك ومغادرة محطة العداء والمواجهة، الا ان الخرطوم مازالت تنتظر رفع العقوبات وشطب اسمها من لائحة الارهاب وترفيع التمثيل الدبلوماسي، والاسهام فى حل مشكلة دارفورعبرالضغط على المسلحين.
جو ملائم
سفير السودان فى واشنطن أكيج كوج قال إن زيارة السيناتور جون كيري للسودان هدفت إلى خلق جو ملائم لرفع الحصار والعقوبات الاقتصادية على السودان، وشطب اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وكشف فى تصريحات نقلتها بعض صحف الخرطوم فى التاسع عشر من ابريل الماضي عن لقاءات عديدة بين السفارة في واشنطن واللوبي الاقتصادي في الولايات المتحدة بغرض الضغط على ادارة اوباما لرفع العقوبات، وأضاف: أن العمل يجرى الآن في هذا الاتجاه. وقال د. أكيج إن الضغط على السودان سياسة قديمة انتهجتها إدارات سابقة، تختلف عن سياسات الإدارة الحالية التي بدأت بالحوار والتفاهم.
وبدا واضحا أن المبعوث غرايشون والسيناتوركيري شرعا فى لقاءات داخل الكونجرس والادارة الامريكية بهدف تهيئة الاجواء لخطوات عملية مقبلة لاحت بوادرها مع وصول مسؤول امني رفيع المستوى الى الخرطوم.
وبدأ اريك بوراويل مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الأمن الدبلوماسي ومكتب البعثات الأجنبية فى الخامس والعشرين من ابريل الماضي زيارة للخرطوم التقى خلالها بعدد من المسؤولين بالدولة. وقال مسؤول بوزارة الخارجية حينها ان الزيارة تهدف إلى إجراء مباحثات مع بعض المسؤولين في الأجهزة الأمنية والشرطية حول السياسات الأمنية التي تنتهجها أمريكا، والسبل الكفيلة بالتعاون فى هذا الصدد.
وتزامنت زيارة المسؤول الامني الامريكي مع وصول محامين من المكتب القانوني بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) التقوا عائلات المحتجزين السودانيين في غوانتانامو لمناقشة سبل الإفراج عنهم. كما ان الوفد التقى بالاطراف السودانية المعنية في وزارتي الداخلية والعدل، وأجهزة الأمن والمخابرات وممثل من نقابة المحامين، الامر الذى اعتبره مراقبون واحداً من مؤشرات تراجع التوتر الدبلوماسي بين الخرطوم وواشنطن فى اعقاب زيارة كل من السيناتورالأمريكي جون كيري والمبعوث الأمريكي سكوت غرايشون.
بواعث اطمئنان
ومن بواعث اطمئنان الحكومة السودانية لنوايا الادارة الامريكية الجديدة تغير لغة الخطاب ازاء الاوضاع فى دارفور بمساراتها الميدانية والانسانية والتفاوضية ، فالسيناتور كيري قال ان الوضع فى دارفور مغاير لما ينقله الاعلام الامريكي ، واقترح ان ترعى واشنطن منبرا تفاوضيا لحل الازمة، وذهب الى ابعد من ذلك وهو يتحدث عن شروع بلاده فى اتصالات مع مسلحي دارفور لحثهم على الانضمام للمفاوضات مع الحكومة، وفى تطورلاحق زار مبعوث اوباما الدوحة فى زيارة تهدف الى تمهيد الاجواء لنجاح العملية التفاوضية قبل ان يعود الى السودان مرة ثانية لاستكمال تقرير ينبغي ان يقدمه للرئيس اوباما ووزيرخارجيته هيلاري كلنتون قبل ان يلتقي بالكونجرس لحثه على تغيير نظرته للسودان البلد الذى يراه غرايشون عظيما.
دوائر معادية
ويتوقع المراقبون تعرض المبعوث لضغوط من قبل الدوائر المعادية للسودان داخل الكونجرس وبعض القوى الناشطة، وتؤكد مصادر سياسية مطلعة فى واشنطن:أن النهج الذي اتبعه أوباما ومبعوثه في استخدام الدبلوماسية الناعمة في التعاطي مع قضايا السودان ربما يعرضه لانتقاد من قبل تلك الدوائر.
وحملت الانباء الواردة من واشنطن فى الثامن والعشرين من الشهر الماضي ان الشرطة اعتقلت خمسة من أعضاء الكونغرس خلال تظاهرة امام السفارة السودانية للاحتجاج على أبعاد عدد من المنظمات ومطالبة الرئيس اوباما بتشديد الضغوط على الحكومة السودانية، وقد جاء هذا التطور معززا للقناعات التى ذهبت الى ان معركة تحسين العلاقات السودانية الامريكية ستصطدم بعقبة الكونجرس لامحالة، وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية ان النواب الخمسة ومن بينهم النائب جون لويز اعتقلوا بتهمة العصيان المدني لعدم استجابتهم لاوامر الشرطة بالتفرق . واضافت ان الشرطة اعتقلت ثلاثة من منظمي التظاهرة من بينهم جيري فلور من تحالف انقذوا دارفور وجون بندرغاست المستشار السابق بوزارة الخارجية الامريكية واحد الذين سعوا بقوة لتسلم ملف السودان.
كلام طيب
الخرطوم عبرت من جانبها عن ما وصفته بإشارات لتحسين العلاقات من قبل الإدارة الامريكية وقالت على لسان د. غازي صلاح الدين العتباني مستشار الرئيس عمر البشير، ان هناك إشارات جديدة عبر عنها الرئيس أوباما في سياسته نحو التغيير وتابع : نحن قلنا للإدارة الجديدة إن أفضل ما قد تغيرونه في هذا الإطار هو سياستكم الخارجية وسياستكم باتجاه الشرق الأوسط والسودان، حتى الآن سمعنا كلاما طيبا من المبعوث الأمريكي والسيناتور جون كيري عندما زارا السودان، لكننا ننتظر ترجمة ذلك عمليا، فسياسة الولايات المتحدة سياسة معقدة، هناك فرع تنفيذي وآخر تشريعي والكونغرس والمنظمات والناشطون السياسيون. …
ومهما يكن من امر فإن الحيثيات المتوافرة تشيرالى تطورات ايجابية منتظرة على صعيد العلاقة بين الخرطوم وواشنطن، ربما يتطلب انجازها بعض الوقت، ولكن بالامكان القول ان التواصل بين البلدين نجح حتى الآن فى ايجاد ارضية مشتركة لحوار جاد يهدف الى انهاء حالة القطيعة، فالاوساط السياسية والاقتصادية فى السودان تترقب اجراءات من واشنطن متسقة مع النوايا الهادفة الى تجسير الهوة واعادة الثقة الهادفة لتواصل جديد، بينما تنظر الولايات المتحدة للسودان كواحد من الخيارات الواعدة لتنفيذ كثير من الاستراتيجيات فى المنطقة.

محمد عبدالقادر : الراي العام