تحقيقات وتقارير

قوائم الحظر .. أسرار مطاردة ناعمة قبل التحليق في الفضاءات الخارجية

[JUSTIFY] أعلن رئيس حزب (المؤتمر السوداني) المعارض “إبراهيم الشيخ”،أن السلطات الأمنية بمطار الخرطوم الدولي منعته صبيحة أمس (الأحد) من السفر إلى الخارج، وطلبت منه عدم الصعود للطائرة التي كان من المقرر أن تقله لمدينة “دبي” الإماراتية. وقال في بيانه الذي أصدره بخصوص الحادثة إنه (منع من السفر وصودر جوازه رغم أنه حاصل على تأشيرة الخروج من الشرطة، وتمت عملية ختم الجواز واستلم (البوردنق كارد) واستوفى كل إجراءات السفر). وزاد في بيان عقده لمؤتمر صحفي أقيم بدار حزب المؤتمر السوداني بحي شمبات ظهيرة أمس (الأحد)، قال فيه إن سفره لدبي بدولة الإمارات العربية المتحدة جاء (لأسباب متعلقة بالعلاج بجانب تجديد الإقامة التي يجب أن تجدد كل ستة أشهر).وأضاف “الشيخ” في حديثه قائلاً أمام الصحفيين الذين حضروا المؤتمر: (في الطريق إلى الطائرة جاءني شخص من الأمن وطلب جواز سفري ـ بعد فترة جاءني موظف الخطوط الخليجية وطلب مني البوردينق بطلب من الجهاز، وبعدها أتاني شخص من الجهاز وقال لي دايرنك بره، وشوف شنطك شيلها، وأخبرني أنهم صادروا جوازي وقال (تعال شيلو من الاستعلامات).
فالشاهد أن حادثة توقيف “إبراهيم الشيخ” في مطار الخرطوم وحظره من السفر إلى “دبي” أمس (الأحد) تكررت خلال الشهور الماضية بشكل لافت للأنظار، فقبلها بقليل وتحديداً في شهر سبتمبر الماضي منعت السلطات بمطار الخرطوم عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي “صديق يوسف” من السفر لأديس أبابا بغرض عقد لقاءات مع قادة الحركات المسلحة المكونة للجبهة الثورية بإثيوبيا، سبق ذلك توقيف رئيس هيئة محاميي دارفور ونائب رئيس حزب الأمة القومي “محمد عبد الله الدومة” من السفر للعاصمة الفرنسية “باريس”. وبررت السلطات منع “الدومة” من السفر (لدواع أمنية)، تلاه حظر القيادي بحزب الأمة القومي “الفاضل تيمان” من السفر للقاهرة، هذا علي الأقل خلال الأشهر القليلة الماضية، غير أن الذاكرة الحيّة لا تنسى أشهر حوادث التوقيف لسياسيين معارضين للحكومة، كان أبرزها وأكثرها إثارة منع الحكومة السودانية سفر المحكومة بالردة “أبرار” “مريم إسحق” التي تم توقيفها وهي تهم بالخروج من مطار الخرطوم والتوجه للولايات المتحدة الأمريكية برفقة زوجها وأبنائها، الأمر الذي أحدث ردة فعل عنيفة تجاه القرار واستدعت وزارة الخارجية السودانية سفيري دولة الجنوب “ميان دوت” والقائم بالأعمال الأمريكي، وقدمت احتجاجاً شديد اللهجة بسبب تقديم سفارة الدولتين بالخرطوم تسهيلات لـ”أبرار” حتى تستطيع مغادرة البلاد. وقبل ذلك بكثير حظرت السلطات بمطار الخرطوم ثلاثة من السياسيين الناشطين ضد الحكومة وهم “مريم الصادق المهدي”، “البخاري الجعلي”، “صالح محمود”) من السفر ليوغندا، للمشاركة في مؤتمر محكمة الجنايات الدولية الذي جرت فعالياته بكمبالا. وجاءت إجراءات الحظر بعد استيفاء المغادرين للخرطوم كافة شروط السفر، بدءاً من تأشيرتي الخروج والدخول ثم استلام التذاكر فالحجز على الخطوط الجوية المصرية، غير أن سلطات مطار الخرطوم أرجعت الثلاثي بعد إكمال إجراءات الشحن وتوجههم لموقع ضباط الجوازات الذين أمروهم وقتها بالخروج من المطار بعد استلام جوازاتهم. وتظل واقعة منع الحكومة للشيخ “الترابي” من السفر بغرض إجراء فحوصات طبية ومن أجل العلاج بالعاصمة الفرنسية “باريس” هي الأشهر، حيث حظرت السلطات وقتها زعيم الإسلاميين من مغادرة البلاد بعد حصوله على التأشيرة واستلام تذاكر السفر وتوجهه للمطار، حيث تم توقيفه هناك وأرجع من المطار إلى منزله بالمنشية.
المحامي والسياسي المعارض “ساطع الحاج” قال لـ(المجهر)،إن قرارات توقيف المعارضين والناشطين سياسياً من قبل سلطات مطار الخرطوم بعد اكتمال إجراءات سفرهم للخارج، سواء في مهام سياسية أو اجتماعية أو لتلقي العلاج أو المشاركة في سمنارات وورش عمل خارجية، هي قرارات تتنافى وتتصادم مع منصوص ومنطوق القانون ومخالفة تتعارض مع الحقوق الدستورية لدستور العام 2005م بالإشارة لوثيقة الحقوق المادة من (27 وحتى 44) بأن أي توقيف لمسافر في جولة أو زيارة خارجية عبر المنافذ المعروفة، يجب أن يتم بموجب أمر قضائي على أقل تقدير، لأن القانون كفل للمواطن حق السفر والتنقل والحركة، مشيراً إلى أنه وبالإضافة إلى الحالات المذكورة سالفاً تم من قبل توقيف الناشط السياسي “أيمن خالد” عضو الهيئة العامة لقوى الإجماع الوطني في مطار الخرطوم ومنعه من السفر دون إبداء أي مبررات أو أسباب موضوعية حيال قرار الحظ. وأردف “ساطع الحاج” بقوله إن هذه الإجراءات ترسل إشارات سالبة تجاه مشروع الحوار الوطني الذي يجري التداول حوله في الوقت الراهن، مضيفاً أن مثل هذه الإجراءات المتبعة تهدف لخنق المعارضين وتحجيم دور الناشطين. وعلى النقيض من المحامي “ساطع الحاج” يقدم القيادي بالمؤتمر الوطني “الفاضل الحاج سليمان” دفوعات وتبريرات تتعلق بالظروف الموضوعية التي تقتضيها مثل هذه الحالات، واعتبرها طارئة وعارضة وليست أصلاً في حد ذاتها. وقال إنها إجراءات استثنائية ربما يتعلق بعضها بالأمن القومي السوداني فهو خط أحمر لا يمكن تجاوزه وأمر تقدره الأجهزة الأمنية، باعتبار أنها جهة لها إلمام بتفاصيل ومعلومات قد لا تتوفر للسياسي، مشيراً إلى أن الأصل العام هو وجود أمر قضائي يحدد هذا الإجراء لكن لا بد من استصحاب الظروف الطارئة. وقال لـ(المجهر)، إن القضية قانونية وليست لها أي أبعاد سياسية وبالتالي يجب إبعادها من التصنيفات، بأن هذا سياسي معارض تم توقيفه وآخر مؤتمر وطني أو حليف له لم يتم حظره، مؤكداً أن الأمر في النهاية تقديري يخضع لاعتبارات تتعلق بأمن البلاد وحمايتها من المهددات والمخاطر.
ومع كل ما ذكر تبقى قضية حظر المسافرين والمغادرين سواء أكانوا مواطنين أو سياسيين أو مطلوبين عبر السلطات، ويطالب “الفاضل الحاج سليمان” بتحديد رؤية متكاملة يكون للقضاء فيها كلمة نهائية مع ترك الأمور التقديرية للأجهزة الأمنية لإحداث معادلة وموازنة، ما بين الحفاظ على الأمن القومي من جهة ولتحقيق سيادة حكم القانون وإتاحة الحريات المتمثلة في التنقل والتحرك والسفر من جهة ثانية.

المجهر السياسي
خ.ي[/JUSTIFY]