منوعات
الطريق السليم لتنشئتهم وتعزيز الثقة في أنفسهم
والعلاقات القائمة على الحوار تنظر للأطفال على أنهم شخصيات مستقلة بذاتها، وتنمي عندهم حرية الرأي وتعزيز الثقة في أنفسهم باعتبار أنهم شريحة هشة وما زالوا في طور النمو وتنشيط قدراتهم المعرفية، كما يعودهم على تبادل الأدوار.. ولأهمية هذا الموضوع استطلعت (المجهر) شريحة عشوائية مستصحبة رأي علم الاجتماع.. فكانت هذه الحصيلة..
“إيثار آدم خاطر” (طالبة- مستوى ثالث ثانوي) قالت إنها تعامل شقيقها الصغير “أيمن” بطريقة هادئة وتحاوره بأسلوب أمثل لأنه أضحى جزءاً مكملاً داخل الأسرة، لأن ذلك يتيح له مبدأ الحرية لمناقشة احتياجاته، ويساهم في تقوية دوره الاجتماعي بعيداً عن (الصراخ) غير المجدي في حل الأمور. لكنها عادت وقالت إن بعض الأفعال تجبرك أن تنتهج معه الخشونة بهدف تقليل (الدلع) الزائد الذي تعود عليه باستمرار في تلبية طلباته والإصرار على تنفذها له في أي وقت، مما يجعل أفراد الأسرة ينفرون من تصرفه ويتبعون مسلك التأديب اللفظي والجسدي أحياناً.
ومن وجهة نظر “أم عبد الله” (ربة منزل) فإن التربية السليمة التي تتجلى فيها روح الحوار والتفاهم مع الأطفال تقلل من العنف الذي يؤثر على شخصياتهم، وأشارت إلى أهمية مساعدة أطفالنا على كيفية التعامل مع الآخرين واحترامهم، إضافة إلى إرساء ثقافة التربية الصحيحة وترسيخ دور الترابط الأسري القائم بمنطق التوجيه العقلاني، مضيفة إن إتباع سلوك الضرب يعدّ قمعياً وقد يؤثر تأثيراً بالغاً في تكوين حياتهم الاجتماعية، ويضعف مستواهم الأكاديمي، لذا فإن ثقافة الحوار بادرة طيبة تعمل على إزالة الحواجز كافة التي تعيق وتمنع التجاوب بيننا وأطفالنا.
ومضت “أم عبد الله” بالقول إن الانفتاح المجتمعي الحديث يتطلب منا أن نفكر في تنشئة أبنائنا وأجيالنا بصورة إيجابية، ليكونوا أكثر قدرة على تحمل المسؤولية، فضلاً عن تفجير طاقاتهم الإبداعية، مشيرة إلى أن بعض الأسر تستخدم أسلوب الأمر والنهي والانصياع بالقوة القهرية.. ووصفتها بالاستبدادية لتعطيل نمو الطفل وحركته في الحياة، وهو في حد ذاته إجحاف في حقه وفي عملية الاستكشاف المعلوماتي والتواصل مع الأفراد، وأمنت على أهمية الإصغاء للأطفال وتقبل آرائهم ونشر ثقافة الحوار وسطهم.
الأستاذ “مدثر النور” أقر بوجود اختلاف بين الشعوب، بحيث إن الأسرة الأوروبية تتعامل مع الأطفال أسوة بالراشدين، يستمعون إلى وجهة نظرهم ويبادلونهم الأفكار لمناقشة مشكلاتهم وقضاياهم بعيداً عن سياسة القبول والطاعة والإذعان التي تكاد تقضي على شخصياتهم وطموحاتهم، وأضاف: (يجب أن نترك الطفل يبوح بمكنوناته، وتقييم دوره الأسري حتى لا نجعله يعيش في دوامة الحرمان وبراثن التخلف العلمي الذي يحد من درجة الوعي والإدراك عنده)، واستشهد “مدثر” في حديثه بنماذج حية من المجتمعات والحضارات، مشيراً إلى ضرورة الاستفادة من تجاربها وخبراتها في مجال تربية الأطفال عبر الحوار.
“الحاج الفاتح” (صاحب بقالة) قال في حديثه لنا إنه يتعاون مع أولاده بصورة هادئة ويقترب منهم لمعرفة ما يدور حولهم وإقامة علاقة مثمرة تعتمد على الأخذ والعطاء، لأن الكلمة الطيبة مع الحوار تشجعهم لكشف طبيعة علاقتهم مع أصدقائهم، ومن الأهمية بمكان أن لا نفرق في الحوار بين الجنسين.
فيما ترى “سارة إبراهيم” (خريجة إعلام) أن هناك استلاباً من بعض الثقافات خاصة الوافدة، مما يستدعي الوقوف عندها وأخذ الحيطة والحذر والتعامل معها بجدية، لأن التربية تعدّ صفة تأهيلية ناتجة ومستمدة من جذور الأسرة، وأردفت “سارة”: (أحياناً يصر الطفل مثلاً على مشاهدة قناة بعينها لكنها غير مقبولة للآباء فينتهي الأمر بردة فعل عنيفة، ما يستدعي دخول الحوار للسيطرة على الموقف).. وفي ختام حديثها قالت: (الأطفال قيمة عظيمة يجب أن لا نتجاهلها في ظل التيارات الجارفة).
الباحثة الاجتماعية “ثريا إبراهيم” أكدت ضرورة الحوار في حياة الطفل لأنه يعطيه مساحة لحرية التعبير عن نفسه في حال انفعالاته النفسية في الحزن والفرح، إضافة إلى غرس روح العاطفة والحب والثقة بالنفس فيه لأنها تحميه من الأخطار، مثمنة أهمية التجاوب مع الأطفال عند أسئلتهم كلٌ حسب سنّه، وعلينا أن لا نتهرب من آرائه.
وأضافت “ثريا”: (لابد من توجيه أطفالنا إلى الطريق السليم باحترام الخصوصية في ظل الثقافات الجديدة، وأن يحافظ على جسده من التحرش). وقالت إن الحوار أهميته تكمن في الاستماع للطفل جيداً وتحديد المشكلة، وهذا بمثابة مؤشر يحميه من أي عنف قد ينجم.
المجهر السياسي
خ.ي