تحقيقات وتقارير

ديبي يتخبط.. والسودان يحذر

[ALIGN=JUSTIFY](شهر لك، وشهر عليك) هكذا تسير الامور بين الخرطوم وانجمينا، فمايو الاسود الذى هز الخرطوم، اعقبه يونيو الجارى وهو يزلزل انجمينا، وينذر بقدوم خطر تاتشرات التغيير.

وكعادة الامور بين البلدين المجاورين على طول الـ(1350) كلم وقتما ساءت الامور، طفت برك الاتهام والوعيد. فتشاد بعد الهجوم القوى الذى شنته معارضتها بشرق البلاد منذ الحادى عشر من الشهر الجارى، بهدف اسقاط نظام ديبى، اعلنت حالة الاستعداد الكامل، واتهمت بالامس فى بيان رسمى الحكومة السودانية بمهاجمة اراضيها، وتوفير غطاء جوى لقوات المعارضة. فقالت فى البيان الذى سلمه وزير الاتصالات محمد حسيني لرويترز (الجيش السوداني نفسه نشط صباح الثلاثاء وهاجم حامية للجيش التشادي في منطقة إيدي بقوات برية مدعومة بطائرات هليكوبتر). وأضاف (رد الجيش التشادي سيكون على مستوى يتماشى مع اسلوب النظام السوداني).

وفى ذات الوقت نفت الحكومة السودانية صلتها بما يحدث فى تشاد، وقال السفير علي الصادق الناطق الرسمي باسم الخارجية رداً على الاتهام التشادي إنه اتهام غير مؤسس ولا علاقة له بالحقيقة. وقال في تصريحات صحفية إن هذا الإتهام ليس هو الأول من نوعه ولن يكون الأخير الذي تختلقه الحكومة التشادية من أجل الزج باسم السودان في مشاكلها الداخلية، واضاف ايضاً أنه اصبح من الانماط المعروفة أنه كلما قويت شوكة المتمردين في شرق تشاد، وحققوا إنتصارات على صعيد العمليات العسكرية او تقدموا نحو العاصمة. كلما علا صوت الحكومة التشادية وجهر بالشكوى بأن السودان وراء ما تتعرض له من هزات أمنية مضيفا أن تشاد تجرأت هذه المرة على أن تتهم ليس السودان وحده وانما اتهمت قوات اليوفور الأوروبية بمساعدة المتمردين التشاديين.

وقال الناطق الرسمي إن السودان لا يتدخل في شؤون تشاد الداخلية مهما تعالت أصوات الاتهامات ضده لكنه قال محذراً إذا تجرأت تشاد على عبور الحدود الدولية إلى داخل الاراضي السودانية فإن رد السودان في هذه الحالة سيكون حاسما.

ويؤكد الخبير الاستراتيجى د. محمد عباس الامين ان تهديدات انجمينا للخرطوم غير منطقية، ويضيف ان القوات التشادية لن تخرج عن مواقعها لحماية القصر والرئيس التشادى، ويبرر ذلك بقوله ان النظام سيتغير فى اىة لحظة، لذا فان القوات التشادية تبقى فى انجمينا، والقصر الرئاسي وبقية المرافق على اهبة الاستعداد، وفى حالة اىة محاولة سحب قوات خارج المرافق الرئاسية فان ذلك يضعفها.

ومن اللافت للانتباه اكثر، ان الخرطوم لم تعد محور الاتهامات فقط، بل تعدتها لتصل لقوات اليوفور المنتشرة شرق تشاد. ففي كلمة متلفزة اعلن الرئيس التشادي ادريس ديبي مساء الاثنين (ان من حق بلاده ان تتساءل حول فعالية قوات اليوفور والفائدة من انتشارها في تشاد)، ولم يقف الامر عند هذا الحد بل وصل لحد اتهام اليوفور بدعم المعارضة التشادية بالسيارات، والمؤن.

غير ان على قيدي الناطق باسم التحالف الوطني المعارض قال ان سلطات انجمينا تقول ما يروق لها للتضليل وتتهم اليوفور، انها في وضع يائس.

ويضيف عبد الرحمن غلام الله احد قادة التحالف ايضا ان قوات الحكومة منتشرة في ابشي وانجمينا. لم تعد هناك قوى اخرى في البلاد ونحن نتجول كما نريد، ومقاومة ديبي ليست قوية كما يقول.

ويعتبر د. الامين ان نجاح المعارضة التشادية فى تغيير النظام، رهين برفع فرنسا وامريكا ايديهم عما يجرى بتشاد. خاصة بعد ان احترقت ورقة ديبى كحافظ للاستقرار بالمنطقة.

غير ان الامين ينوه الى ان تغيير ديبى ربما يعنى تغيير نظام الحكم بأكمله فى انجمينا، بما فى ذلك المجئ بحاكم من الجنوب المسيحى المستقر، الذى يشهد حالة من الاستقرار. الامر الذى يعد مؤشراً لتغييرات هائلة فى المنطقة خاصة فى الدول المشابهة لتشاد (السودان، مالى والسنغال).

ويرى مراقبون ان اتهامات ديبى تنبع من قناعته الراسخة بفاعلية التغيير القادم من الشرق، فهو نفسه اتى من هناك. ويضيفون لا يمكن من ناحية عسكرية ومنطقية ان تتوغل القوات السودانية داخل الاراضى التشادية الا فى حالة اعلان الحرب، وهو الامر الذى لم يحدث.

غير ان عسكريين يرون ان تشاد ليست قادرة على مواجهة مباشرة مع القوات المسلحة السودانية التي تعتبر من اقوى جيوش المنطقة، بفضل تجهيزاتها وفاعلية وسائلها الجوية. فتشاد تملك ست مروحيات قتالية قامت احداها بهبوط اضطراري الخميس الماضي في مطار ابشي. ويضيفون ربما تعمل حركة العدل والمساواة على اعادة ترتيب اوضاعها، وترميم جراحها بما يتلاءم مع دعم ديبى. الذى لو سقط فان الحركة ستجد نفسها مطرودة، ومطاردة فى السودان.

ويرى د. الامين ان قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين اضر بالموقف كثيرا، فهى كانت تحفظ شيئاً من المرونة، الامر الذى تسبب فى قطع شعرة معاوية بين الطرفين.
محمد عبد العزيز :الراي العام [/ALIGN]