المتشردون.. وجوه بائسة ترسم معاناة مستمرة
وتعاني ولاية الخرطوم من التشرد وهو في زيادة مستمرة ليتحول من ظاهرة كما يطلق عليها إلي مشكلة حقيقية تستوجب الحلول السريعة والعاجلة حتى لا تصبح هناك فجوة اجتماعية تتسبب فى ظهور مشاكل كثيرة أخطرها انتشار الجريمة في المجتمع وفقدان التوازن في نسيجه الاجتماعي.
نظرة مختلفة
يرى أكرم بلال أن المتشردين يبدون بمنظر مرعب للعامة خاصة النساء اللاتي يتحاشين حتى الذهاب من الطريق الذي يتواجدون فيه، فيما هم أناس سهل التعامل معهم بل ويتمتعون بروح الدعابة التي تختبئ خلف ملامحهم القاسية ومناظرهم البشعة، وعكس ما يتخيله معظم الناس أنهم خطيرون ويقومون بأعمال قذرة من عمليات النهب والسلب وهي مفهوم خاطئ كلياً لأن معظمهم يشعر بالخوف من الناس العاديين الذين كثيرا ما يضطهدونهم ويسلبونهم حقوقهم الآدمية.
وقال حاتم عبد القادر أن المتشرد هو شخص رمت به الظروف للعيش في الشارع، وهم أغلبهم قادمون من أماكن بعيدة بحيث يحاولون تجنب الوقوع في المشاكل وعدم الزج بأنفسهم في أي نوع منها، لأنهم يعلمون مسبقا أنهم مدانون قبل أن يفعلوا شيئاً ولو وقع أي منهم في مشكلة مع أي شخص فسوف يدان تلقائيا ويرمى باللوم عليه حتى ولو لم يفعل شيئاً.
و اعتبرت سلوى محمد أن الظروف هي وحدها التي جعلت منهم مشردين، فكثير منهم كان ينعم بالأسرة والحياة الكريمة ولهذا هم أناس مسالمون حتى أنهم لا يسألون مثل المتسولين الذين يبدو حالهم أفضل منهم ولو أعطيتهم مالا لا يأخذونه. في مرة حاولت أن أعطي متشردا يبدو أنه قد تعرض لحادث أو ضرب وكان ينام لمدة طويلة والدماء تغطي وجهه مبلغاًِ من المال يشتري به طعاماً ولكن أول ما رآني اتجه نحوه قام من مكانه وذهب، وطالبته أن يتوقف ولكن لم يقف بل زاد سرعته رغم أني شرحت له ماذا أريد أن أعطية ولم أنس ضحكته الساخرة عندما أخبرته أني أريد أن أعطيه مالاً.
وقالت سارة عمر إن الإدمان وتعاطي المواد المخدرة من أكثر الأشياء فتكا بالمتشردين وخصوصاً المواد الكيماوية مثل السلسيون الذي قد يتسبب بموتهم. فمعظم المتشردين يتعاطون هذا النوع الفتاك من المواد لانه يساعدهم أكثر في تحمل وضعهم الصعب بل ويزيد من مقدرتهم على تحمل الجوع والعطش بما يقوم به من تخدير شامل لجميع أجزاء جسدهم.
خطورة كبيرة على المتشرد
ويصف الدكتور محمد إبراهيم فقيري أن المتشرد تتعرض حياته للخطر عشرات المرات في اليوم الواحد، حيث معظم المتشردين يموتون في أعمار أصغر من الأشخاص العاديين وهو ما توضحه الوقائع، فمن خلال عملي في الحوادث يموت كل يوم عدد من المتشردين بحوادث سير خاصة في الليل هذا غير المشاجرات الدموية التي تتسبب بالأذى الجسيم والموت أحيانا وموت بعضهم بأمراض عادية مثل الملاريا والحميات.
وفرق عبد الله عباس بين التشرد والتسو،ل فقال المتشردون هم لا يأخذون أموالا من شخص بل لا يطلبون ولا يتكلمون مع الناس في الشارع بينما المتسولون أكثر جرأة منهم حيث يدخلون بيوت الناس وخاصة التي بها مناسبات ويقومون بالتسول وفي بعض الأحيان عندما تواتيهم الفرص يسرقون، وأما الفرق الكبير هو وجود مأوى للمتسولين عكس المتشرد الذي لا يملك أي شيء.
وقال أحمد بكري إن الحروب التي تدور في دارفور وجنوب السودان قد خلفت الكثير من المتشردين الذين يجوبون شوارع العاصمة، ونبه للتسريع في حل مشاكلهم وخلق وضع وبيئة تسمح لهم بالعودة لحياتهم الطبيعية والاستفادة منه في بعض المهن والمشاريع التي تتطلب مجهودا بدنيا، مشيرا الي أن أكثر هؤلاء المتشردين يتمتعون ببنية جسمانية وطاقة هائلة قد تفيد في كثير من المواضع العملية مثل الزراعة والتشييد.
وقالت آمنة محمود الناشطة في مجال التشرد إن الخرطوم من العواصم التي بها أكبر عدد من المتشردين، وأضافت أن الحروب الدائرة في الأقاليم المختلفة تزيد في تفاقم المشكلة، ففي كل يوم تزيد أعدادهم منهم من ينجوا من التشرد ومنهم من ينغمس في حياة التشرد وبصورة أقل الوضع الاقتصادي الذي يتسبب في تشرد الأطفال.
صديق على _ صحيفة الإنتباهة
ت.أ