حوارات ولقاءات

سليمان حامد القيادي البارز بالحزب الشيوعي في حوار الراهن (3-1) : نحن ضد التصعيد العسكري في دارفور

إيديولوجية الحزب الشيوعي لم تفشل في كسب الجماهير

مصير أبوجا ينتظر مفاوضات الدوحة ولا حلّ بدون الحوار الدارفوري / الدارفوري

نحن ضد التصعيد العسكري في دارفور

مؤتمرنا الخامس كان رداً على كل من قال إن الشيوعيين انتهوا

قضايا كثيرة وشائكة في الشأن السوداني تنتظر الحسم وفي الوقت الذي تجرى فيه المفاوضات بالدوحة بتدخل أمريكي واضح لطي هذا الملف الضجة إلا أن تشاد فاجأت الجميع بشكوى رسمية لدى مجلس الأمن ضد السودان الذي رفض الإدعاءات، واتهم تشاد بمحاولتها لصرف أنظار العالم عن دعمها الصارخ لحركة العدل والمناهضة للنظام السوداني. حول هذه القضية وقضايا أخرى تتعلّق بتطورات الأوضاع السياسية على مستوى الأحزاب كان لـ (آخر لحظة) هذا الحوار مع القيادي البارز بالحزب الشيوعي السوداني الأستاذ سليمان حامد الذي تجاذبنا معه أطراف الحديث حول حزبه وتحالفاته وعلاقاته مع الأحزاب الكبرى وتطورات علاقته مع الحركة الشعبية والمنعطفات الخطيرة في هذه العلاقة وأثرها مع الوطني وقضايا عديدة أخرى ناقشناه فيها فكانت هذه الحصيلة:-

حوار: غادة أحمد عثمان – تصوير: سفيان البشرى

* بداية الأستاذ سليمان، آخر ما توصلت إليه قضية دارفور هو الشكوى التشادية ضد السودان وأن الأخير يحاول إسقاط نظام إنجمينا الأمر الذي نفاه ممثل السودان لدى مجلس الأمن في أن تشاد تعمّدت صرف الأنظار عن دعمها لحركة العدل فهل هذا يعطي حركات دارفور إشارات سالبة أم أن زمن الرسائل السالبة قد انتهى وأن التصعيد فقط يقتصر على النظامين فيما بينهما؟

– نحن ضد تصعيد العمل العسكري خاصة بعد نتائجه الأخيرة والمعارك ما زالت مستمرة ولن تتوقف ولكن الشيء السيء أن نتيجة ذلك وقوع العشرات من الضحايا من أبناء دارفور وقد يحدث إنفلات مرة أخرى ويصلوا حتى أم درمان كما حدث ذلك قبلاً ولذلك هذه قضية لا يستفيد منها الشعب السوداني أي شيء بل هو عراك بين طرفين يخسر خلاله الشعب السوداني الأموال والأرواح في القرى التي يتم حرقها، ولذلك نحن ضد استمرار هذا النزاع بين الطرفين ونعتقد هذا ضد الشعب السوداني وهو يطعن حقيقة في استقرار هذا البلد وفي أمنه حتى أنه مستقبلاً قد يؤثر على وحدته ولذلك نحن ضد هذا التصعيد.

* وهل سينسحب هذا الاستفزاز المتبادل بين الدولتين على سير مفاوضات الدوحة بين الحكومة وحركة العدل؟!

– نعم سيؤثر لأن المشكلة عندما بدأت أصلاً ووصلت للمجلس الوطني وطلبوا من الناس التصويت نحن وقفنا ضد اتفاقية أبوجا ورفضناها على اعتبار أن الفصائل المسلحة المختلفة لم توقع على هذه الاتفاقية والذي وقع عليها فصيل واحد هو فصيل مناوي وأكثر من ستة عشر من الشهود ووقع عن الحكومة مجذوب الخليفة وكان يتولى ملف دارفور ولذلك نعتقد أنه إذا كان وقع فصيل واحد على هذه الاتفاقية سواء إن كان خليل إبراهيم أو غيره أو فصيل واحد فسيصبح مصير هذا الاتفاق سواء إن كان في الدوحة او غيرها فسيلقى نفس مصير أبوجا التي انتهت كاتفاقية في الواقع وحتى أن سالم أحمد سالم الوسيط الذي كان بين الحكومة وحركة دارفور قال إن أبوجا يمكن تعديلها أو تغييرها وإلغاءها لأنها ليست قرآناً ولا إنجيلاً أو زبوراً وطالما هي فشلت في أن تحدث استقراراً حقيقياً في دارفور وإحداث سلام فيمكن تخطيها لشيء آخر والمقصود هنا كل فصائل دارفور، وصحيح أن هناك فصائل خرجت من رحم هذا النظام وخلقت (خِلاقة).

* مقاطعة: هل تقصد حركة العدل والمساواة على اعتبار أن الدكتور خليل إبراهيم قيادي إسلامي؟!

– لا أقصدها، ولكن هناك حركات خرجت (خِلاقة) من رحم هذا النظام وهناك حركات أخرى تصارع ولذا أعتقد أنه وبدون الفرز الواضح وأن تكف الحكومة عن تقسيم هذه الفصائل في أنها تكسب هؤلاء وتضرب أولئك فلن تحل المشكلة، والشيء الثاني أنه وبدون أن يحدث توحيد لهذه الفصائل حول برنامج حد أدنى يتفقون عليه حتى يتفاوضوا مع الناس لن يكون هناك حل وكذلك لا بد للحكومة من أن تشرك كل القوى السياسية في مشكلة دارفور ولذلك نحن نطالب وباستمرار في أن يكون هناك المؤتمر الدارفوري الدارفوري وأن يتشاور الناس فيما سيحدث وسبق وأن قلنا ذلك الحديث حتى فيما يتعلق بالمحكمة الجنائية في ضرورة أن يجلس الناس ويتناقشوا لأن المشكلة ليست واحدة ودارفور ليست معزولة من الأزمة السياسية العامة التي تمسك بتلابيب هذا البلد ولذلك بالضرورة لا يمكن أن تحل بطريقة ثنائية او فردية او خلاف ذلك او تحل وفق أجندة المؤتمر الوطني فهذا لن يحدث وبالتجربة اتضح أن أي محاولة للإنفراد بالرأي في قضايا اقتصادية او سياسية مصيره بعد فترة هو الفشل وهذا هو موقفنا الواضح جداً فيما يتعلّق بموضوع قضية دارفور.

* ما هي توقعاتك للموقف الفرنسي بعد تصعيد تشاد لدى مجلس الأمن حيث تعتبر الخرطوم أن فرنسا هي التي تدفع تشاد للمراوغة والابتزاز؟!

– أود أن أقول لك شيئاً واحداً إنه ينبغي ألا يجعلوا من الأنظمة الخارجية شماعة لإخفاقاتهم فهذا النظام تسبب في هذه المشكلة منذ وقت مبكر عندما كان نظاماً موحداً وهؤلاء الناس هم سبب تعميق المشكلة وتأزيمها وتدويلها عندما جاءت بأناس من الخارج ليحضروا اتفاقية أبوجا وهذا التدويل لم يبدأ الآن بل منذ بروتكول أبيي حيث جاءوا بدانفورث وقالوا له حلْ لنا هذه المشكلة وبروتكول أبيي عمله دانفورث الأمريكي، ولذا أعتقد أن النظام ينبغي ألا يجعل من البلدان الأجنبية شماعة لاتفاقاته ونحن نرفض ذلك ورغم ذلك نعتقد أن النظام يمكن أن يجلس وهذه المشكلة يمكن أن تحل داخلياً لذل خرج النظام من خندقه الحالي وهو متمرس، كذلك حول شعاراته فإذا خرج من ذلك وجلس مع كل القوى السياسية المعارضة ووصلوا لاتفاق فالقضايا يمكن أن تحل وموقف البلدان الأجنبية هو انعكاس لاستمرار تنفيذ سياسات النظام الموجودة في ذهنه وليس لأي شيء آخر.

* يا أستاذ، ألقيت اللائمة على المؤتمر الوطني وقلت إنه لم يجلس مع كل الناس لحل مشكلة دارفور رغم أنه أقام مؤتمراً لأهل السودان بكنانة قبل شهور، ودعا له كل الأحزاب وخرجوا خلاله بنتائج؟!

– لم يدعو له كل الناس وما تسمعي (الكلام الفارغ ده) لأن مبادرة أهل السودان لم تكن هي مبادرة النظام بل هي مبادرة دعا لها منبر دارفور منذ فترة طويلة، وقال إن القضايا التي دعا لها البشير هذه حقيقة هي قضايا موضوعية سلفاً رغم أنه لم يقلها كاملة، ومنبر دارفور الذي يضم كل القوى السياسية وألوان الطيف السياسي وهي موجودة داخل المنبر والذين قالوا بضرورة أن تحل قضايا أهل دارفور العادلة والمعلومة وهي خمسة مطالب أساسية والبشير كرر هذا الكلام ولكن عندما جاءوا في الآخر ليصلوا للحل عقدوا اجتماعاً أولاً في قاعة الصداقة ثم في كنانة ثم في الدوحة فهذا كله يؤكد أنهم غير قادرين للوصول لشيء ولماذا سكر كنانة؟ ولماذا لا يعقد المؤتمر في الخرطوم؟ ويستمر ولذا لم يحدث أي شيء ولا يوجد أي تقدُّم وعلى العكس فخليل هو خليل والفصائل الأخرى مبعثرة وهناك محاولات جارية لتنضم هذه الفصائل ولذلك ينبغي ألا تكون القضية مجزأة أو محاولة للوصول مع طرف أو اثنين لحل المشكلة.

* ألا تعتقد أن التدخل الأمريكي القوي في مفاوضات الدوحة يمكن أن يغير خارطة الاتفاق ويصلوا بالتالي لاتفاق؟!

– هذا وارد ولكن ينبغي ألا يصل الحال بالحكومة حتى تستجيب معه للضغط فلماذا لا تذهب مباشرة للحل ولماذا تنتظر حتى تتدخل أمريكا والموقف الذي اتخذته الحكومة ضد المنظمات موقف بشع حقيقة، وأنا شخصياً ضد طرد المنظمات بإعتبارها كانت تقوم بدور حقيقي والآن سيقومون بإرجاعها مرة أخرى ولكن قد تكون بأسماء مختلفة فلماذا تضع الحكومة نفسها في مآزق كهذا والحلول مباشرة ينبغي أن تذهب إليها.

* يقولون إن الإيدلوجية الفكرية للحزب الشيوعي فشلت في كسب قواعد كثيرة فهل هذا صحيح وأن فكركم فاشل أم هي إدعاءات؟!

– هي إدعاءات كاذبة مربوطة بأن التجربة الإنسانية التي حدثت في الاتحاد السوفيتي وفي بعض الدول في المعسكر الاشتراكي هي فشلت ولكن هذا ليس فشلاً للفكر بل الماركسية هي علم وموجودة ومنتصرة وإذا تابعت فأمريكا اللاتينية مثلاً تسير في هذه الوجهة ذات التطور الاشتراكي وليس أي شيء آخر ولذلك نحن في الحزب الشيوعي إذا كان قد فشل أداؤنا لكان حزبنا انتهى ولكن على العكس فقد عاش الحزب معظم سني حياته تحت الأرض أكثر من 40 عاماً وإذا أنت حضرت المؤتمر الخامس فلا توجد أي مقارنة بينه والمؤتمر الرابع او الثالث وكل الناس الذين حضروا يشهدون أن أكثر من 70% ممن حضروا المؤتمر الخامس هم شباب، وهذا يعني أن الحزب استطاع أن يكسب قوى جديدة وهو قادر على التطور والسير للأمام ومن المفترض أن من يقول هذا الكلام أن يستند على حقائق موضوعية وليس أي كلام وأعتقد أن المؤتمر الخامس هذا كان رداً على كل الذين يقولون بأن الحزب الشيوعي قد انتهى أو تراجع أو حل أو أنه ديناصورات ولذا فقد قام الشباب والشابات أنفسهم بذلك المؤتمر.
صحيفة اخر لحظة