محمود الدنعو

عودة ليبرمان وتراجع السلام

[JUSTIFY]
عودة ليبرمان وتراجع السلام

منتدى (سابان) الذي يعقد سنوياً في العاصمة الأمريكية واشنطن المخصص لبحث العلاقات الأميركية الإسرائيلية ويجرى خلاله التأكيد الأمريكي على ضمان أمن إسرائيل، حمل هذا العام آراء وتوقعات متناقضة بين واشنطون وتل ابيب بخصوص مستقبل المفاوضات الفلسيطينة الإسرائيلية الرامية إلى إرساء تسوية سليمة لأزمة الشرق الأوسط، وعبر وزيرا خارجية البلدين عن رؤيتين مختلفتين وهما اللذان كانا يعزفان لحنا واحدا، ففي الوقت الذي عبر فيه الوزير الأمريكي جون كيري عن رؤية متفائلة بشأن عملية السلام قدم الوزير الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان صورة قاتمة مستبعدا التوصل إلى اتفاق سلام دائم أو حتى مرحلي مع الفلسطينيين في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن المفاوضات الجارية معهم (آلت إلى طريق مسدود).
يبدو الوزير الأمريكي كيري أكثر حرصا على استمرار عملية التفاوض حتى في ظل قناعة الطرف الإسرائيلي بأنها وصلت إلى طريق مسدود لأن كيري الذي يولي هذا الملف اهتماما خاصا يرى أن الطريق الوحيد لضمان أمن إسرائيل على المدى البعيد يمر عبر المفاوضات الجارية مع الجانب الفلسطيني حسب كلمة ألقاها أمام المنتدى حول خلاصة لقاءاته مع المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين خلال زيارته الأخيرة إلى القدس، وأشار إلى أن بلاده تنسق مع المسؤولين الأردنيين والفلسطينيين من أجل التوصل إلى موقف يحترم أمن إسرائيل وسيادة فلسطين، وأكد حق الفلسطينيين فى تأسيس دولتهم، التي انتظروها زمنًا طويلًا، مشددًا على أهمية إدراك الأردن وإسرائيل أنهما سيملكان جارًا موثوقًا ومسئولا، وليس دولة فاشلة تعيش بينهما.
قناعة كيري بضرورة الاستمرار في التفاوض تعززها كلمة الرئيس الأميركي باراك أوباما امام ذات المنتدى بإن بلاده توصلت إلى قناعة مفادها أن حل الدولتين في الصراع العربي الإسرائيلي يتضمن بقوة الضمانات الضرورية لأمن إسرائيل.
لاشك أن المفاوضات الشاقة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني مرت بمراحل صعبة وكادت أن تتجمد مرة أخرى عندما أعلن الجانب الفلسطيني الانسحاب احتجاجا على استمرار حكومة نتياهو في سياسة بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية، ولكن المثابرة في تجاوز صعاب التفاوض من شأنها أن تكلل الجهود فى الختام باتفاق ينهي الصراع الأزلي بين الطرفين، فهذا الصراع لن ينتهي إلا على طاولة التفاوض، رغم آراء ليبرمان المتطرف الذي في غيابه حقق التفاوض تقدما ملحوظا ولكنه بعد عاد إلى موقعه في الخارجية يريد هدم عملية التفاوض، والضغط على الجانب الفلسطيني لتمرير اتفاقا يخدم أمن إسرائيل في الأساس وليس اتفاقا يهئ لقيام دولتين، ونقطة الخلاف الراهنة في التفاوض هي إصرار الجانب الإسرائيلي أن دولة فلسطينية المستقبلية يجب أن تكون منزوعة السلاح، وأن تتمكن إسرائيل من أن تبقي على وجود عسكري طويل الأمد على الحدود مع الأردن، بينما يصر الفلسطينيون على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم ولكنهم يقبلون بنشر قوة دولية.

[/JUSTIFY]

العالم الآن – صحيفة اليوم التالي