منوعات

رحابة البيت الكبير.. غياب خصوصية التربية بأمر الأسرة النووية

[JUSTIFY]من السلبيات الشائعة في حياتنا والتي تؤثر في المجتمع، هي تربية الأبناء بين أسرتين أو أكثر، حيث يجدون الكثير من الدلال غير المطلوب خاصة من (الجد والجدة) ما يؤثر في سلوكهم مباشرة، فعندما يخطئ أحد الأبناء يذهب ليحتمي بأحد الطرفين، لذلك كثيراً ما تطرأ مشاكل بسبب تباين الرؤى في التربية بين أفراد الأسرة الممتدة، فتكون النتيجة فشل الأبناء وتشتيت شملهم.

التلذذ بالهروب

أبناء يقطنون بين أسرتي الأم والأب، فعندما يرتكب الصغير خطأ ما، فإنه يجد من يهرب إليه فيحتمي تارة بأسرة الأم وأخرى بأسرة الأب، ويكون فرحاً بهذا الهروب ويتلذذ به، وهكذا ينشأ الأبناء عنيدين وربما فاشلين، ولربما يلازمهم الفشل طوال حياتهم في التعليم وسلوكهم الاجتماعي العام والشخصي، ويصبحون لاحقاً وكأنهم منبوذون من قبل المجتمع.

كثير من ينشأون ضمن الأسر الممتدة بهذا الصيغة آنفة الإشارة، ينحون في صباهم الباكر إلى ارتكاب أنواع من السرقة أو المتاجرة في الممنوعات بأنواعها، وكل ذلك يعود لتلك التجاذبات والتباينات في التربية الناجمة عن اختلاف الرؤى التربوية بين أفراد الأسرة الممتدة الذين يعد أي واحد منهم نفسه أباً أو أماً للطفل، بينما يضيع هو بينهم.

(اليوم التالي) طرقت القضية الشائكة، واستطلعت عينات عشوائية وعرضتها لتحليل سلوكي واجتماعي متخصص :

*حسن التصرف

ابتدر الحديث السيد محمد الأمين قائلاً: أصبحت الأسر الممتده تساعد الأطفال على ارتكاب الكثير من السلبيات، فبدل من أن تربي الأبناء على القيم الفاضلة والأخلاق والصدق، وتواجههم بأخطائهم وتقومها وترشدهم إلى سواء السبيل، فإنها تداري و(تغطي) على أخطائهم وتوفر لهم الحماية من العقوبة، وبالتالي ولأن الطفل في هذه المرحلة ينزع نحو تقليد كل ما يراه، فلابُد لأسرتي الأب والأم أن تتجاوزا تعارض الرؤى التربوية بينهما، وأن تتوافقا على خطوط عريضة يتم بموجبها حل الخلافات والمشاكل وتقريب وجهات النظر والابتعاد عن الانفعالات التي تترك انطباعاً سلبياً وأثراً نفسياً عميقاً في نفوس الأطفال مستقبلاً.

يضيف (محمد) يتحتم علينا ضبط تصرفاتنا أمامهم لأن هذه المرحلة العمريه تمثل اللبنة الأولى لتكوين شخصية الطفل، ولأن الأسرة الممتدة تختلف فيها الآراء، فإنها تمثل محيطاً للتعارضات والتباينات ما يتطلب الكثير من الشفافية في مسألة التربية. يمضي (محمد) قائلاً: زمان الحبوبة كانت تقوم بدور المربية، ولكن الوضع تغير الآن وأصبح مختلفاً، حيث أصبح الأب والأم منشغلين بالحياة في عالم مفتوح على مصراعيه على الثقافات الأخرى، ولم تعد الحبوبة مشغوله بالأبناء مثل ما كانت عليه سابقاً، الأمر الذي يتطلب منا جميعا مراعاة أطفالنا منذ الصغر حتى لا نتحسر عليهم في الكبر.

*الحبوبة بتسد الفراغ

وفي السياق، قال السيد (عادل فتح الرحمن) الأسرة الممتدة لها أثر كبير وعظيم في تربية الأبناء، فالحبوبة والجد بما يتوفرا عليه من خبرات كبيرة وقيم عظيمة يغرسانها في الأبناء تضمن نشأتهم معافين من كل العيوب.

رأي آخر

يعد (عادل) أهمية الأسرة الممتدة في تربية الأطفال تفوق أهمية الآباء والأمهات خاصة في هذا الزمان الذي لم تعد الأم موجودة في المنزل. ويضيف: هنا يأتي دور الأسرة وخاصة (الحبوبة) في سد هذا الفراغ، ولقد تراجع دور الأبوين في التربية بسبب عوامل كثيرة، منها انحسار دور الأسرة الممتدة، وتعقيدات الحياة التي أدت لخروجهما معاً إلى العمل، وفعالية تقنيات التواصل الحديثة، وأثرها البالغ في الحياة الاجتماعية.

هذه الأمور، جعلت الأبناء عقب زواجهم ينفصلون عن أهلهم ويستقلون بحياتهم، إلا أنه وبالرغم من انحسار دور الأسرة الممتدة ظل الترابط الاجتماعي بالزيارات والتواصل قائماً إلى يومنا هذا.

* لا غنى عن البيت الكبير

تقول بحسرة إن ظروفها الخاصة جعلتها تقطن مع أسرتها بعد أن فقدت زوجها الذي ترك لها طفلين، ما حتم عليها اللجوء لأسرتها التي ساعدتها كثيرا في تربيتهما خاصة والدتها التي لعبت دوراً بارزاً في العبور بها وبطفليها إلى بر الأمان وساعدتها على تجاوز كافة عقبات التربية. وتضيف أنها لم تعترض يوماً على تدخل أخواتها في تربية أبنائها ولم يحدث أن انفعلت أو عبرت عن عدم رضاها بمعاقبة أحد إخوتها لأبنها، باعتبارهم يهدفون إلى تقويمه وتصحيح أخطائه ولا يريدون له إلا الخير وإسداء النصح.

عقابيل التستر

إلى ذلك، اعتبرت الباحثة الاجتماعية الأستاذة (ثريا إبراهيم) أن الدور الأساسي في التربية يقع على كاهل الأبوين، ومن بعد ذلك تأتي أدوار بقيه أفراد الأسرة، مشيرة إلى أن تدليل أحد الأبوين أو الجدين ربما يؤثر في نشأة الابن وتربيته باعتبار أن الطفل يكون ميالا للاعتماد عليهم، مضيفة أن العقاب القاسي غير محبذ لجهة تأثيره في نفسية الطفل ما يجعله أكثر عناداً. وأردفت: لازم يكون هناك وعي من الكبار بتلك الأشياء والابتعاد عن المجاملة والعفوية في التربية، وينبغي مراعاة تلك الأشياء في التربية. وختمت قائلة: إن العادات والتقاليد السائدة في المجتمع سلبية جداً كالتستر على الخطأ وعدم وضع خطوط حمراء للأطفال والشباب. ونادت بعدم مجاراة الأسر لأشياء الأبناء وعدم التطبيب على الجرح، وكلها أمور مهمة وضرورية كي يكون البيت الكبير أكثر أمنا ونفعاً في تربية الأبناء.

اليوم التالي
خ.ي[/JUSTIFY]