رأي ومقالات

صلاح حبيب : هل العاصمة البديلة ستحل المشكلة؟!

[JUSTIFY]شهدت الورقة الاقتصادية التي جرى تناولها في المؤتمر العام الرابع للمؤتمر الوطني جدلاً واسعاً وساخناً، وطالب البعض خلال تلك النقاشات أن تكون هناك عاصمة تجارية وعاصمة سياسية واقترح نقل العاصمة الخرطوم إلى إحدى ولايات السودان.
إن المناقشين لتلك الورقة وربما من كبار الاقتصاديين ولكن أظن أن المقترح لن يجد قبولاً إذا كان النقاش حول المسألة الاقتصادية، فإذا كان رأي أولئك الاقتصاديين أن نقل العاصمة الخرطوم إلى إحدى الولايات سينعكس إيجاباً على الناحية الاقتصادية فهذا المقترح سالب ولن يحقق أي مصلحة اقتصادية، لأن العاصمة الخرطوم السياسية أنشئت قبل أكثر من خمسين عاماً وأصبحت القبلة والوجهة لكل الناس من الناحية السياسية، فليس من المنطق أن تنقل لتكون هناك عاصمة جديدة يبدأ فيها من الصفر، كيف تبني مطارات من جديد كيف تبني فنادق على مستوى عالٍ من الجودة، كيف تقيم مؤسسات الدولة في تلك العاصمة الحديثة وكم من الزمن يأخذ إنشاء هذه العاصمة، وهل هناك مال يمكن من إنشاء عاصمة بديلة لتحل محل العاصمة القديمة.. ولا ندري ما هي الفلسفة من إنشاء عاصمة سياسية أو تجارية جديدة، وهل وصل السودان من الاكتفاء الذاتي في معيشة المواطنين حتى نفكر في نقل العاصمة إلى سنار أو مدني أو بورتسودان أو أي ولاية من ولايات السودان المختلفة.. لقد وضعت ولاية الخرطوم هيكلاً جديداً يسمح بنقل مكاتب الدولة من شارع النيل إلى مناطق أخرى داخل ولاية الخرطوم، فلم تتمكن الولاية من تنفيذ هذا المشروع وهو أسهل من نقل العاصمة الخرطوم إلى إحدى ولايات السودان، فلم ينفذ (1%) منه فكيف ننفذ مشروعاً ضخماً مثل تأسيس عاصمة، وحتى نقل مطار الخرطوم القديم إلى مقترح مطار الخرطوم الجديد بمنطقة الصالحة عجزت السلطات من إكماله.
إن الحديث سهل ولكن التنفيذ صعب لذا يفترض أن يفكر أولئك الاقتصاديون تفكيراً جاداً فيما يفيد وينفع بدلاً من (طك الحنك) فيما لا يجدي، ويصبح الحديث بمثابة سخرية من أبسط مواطن يقف في موقف مواصلات.
إن المداولات كان بالإمكان أن تقترح كيف تعالج المشكلة الاقتصادية بالولايات وكيفية الحد من هجرة المواطنين من الولايات إلى العاصمة الخرطوم، كيف تقام المشاريع الضخمة بالولايات حتى توقف الزحف المستمر لمواطني الولايات إلى العاصمة. يفترض أن يكون النقاش حول معاش الناس وحل مشاكلهم بدلاً من تكبدهم المشاق وترك أسرهم لشيء مجهول. وقد حدثت إشكاليات لأولئك النازحين من الولايات إلى العاصمة الأم، فظن كل من ترك قريته أو ولايته ليجد الراحة والنعيم بالعاصمة، ولكن يفاجأ أنه جاء إلى عالم مجهول لذا كثرت حالات الانتحار وحالات السرقة والنهب والمباني العشوائية والمخدرات والخمور والدعارة وكل شيء سيء.. لذا الحل ليس في إيجاد عاصمة بديلة ولكن الحل في إيجاد بدائل لاستقرار المواطنين بولاياتهم بدلاً من تلك البهدلة.

المجهر السياسي
خ.ي[/JUSTIFY]