كسير مجاديف!!
جاءاني في الصحيفة أمس دون معرفة مسبقة أو موعد مضروب في نهاية الدوام، وكنت وقتها ألملم أوراقي وأنتوي المغادرة، وبعد السلام وقبل أن تبدأ في الحكي حاولت أن أتفرس ملامحها لعلي أقرأ شيئاً أعرف من خلاله سبب الزيارة، وكل النتيجة التي وصلت اليها أنهما شابان أسمران يشبهان معظم شبان البلد دي المرهقة عيونهم لأسباب كثيرة، إما بسبب الحيرة أو العطالة والفلس أو كثرة التفكير في المستقبل غير المضمون، والمحصلة في النهاية إرهاق تحمر منه العيون وحزن يكسي الوجوه عرفاني باسمها محمد عباس، وإسماعيل حسن، وأنهما قد تقدما في شهر فبراير الماضي بمقترح للسيد والي الجزيرة لإقامة مهرجان ملتقى الشعوب والثقافات للسياحة والتسوق بولاية الجزيرة، وأنهما من شدة إيمانهما بالفكرة (تصيدا) السيد الوالي في مناسبة خاصة، وقدما له الملف (ولو أنهما جاءا عبر سكرتارية فلربما لم يريانه حتى الآن) وما بين القوسين من عندي أتي.. المهم أن الرجل قرأ الملف وأعجبته الفكرة ووجه وزير ثقافة الولاية بأن يجلس مع هؤلاء الشباب المدفوعين بحب مدني ودعم شبابها لقيام هذا المهرجان، خاصة وأن الشباب أكدوا أنهم ما دايرين قرش أحمر من الولاية، والأمر سيكون برعاية شركات راعية وبدعم أهل ود مدني الأوفياء، ووصل الجميع إلى أن المهرجان سينفذ في (15) اكتوبر لكن جاءت كارثة الفيضان ليؤجل إلى (27) نوفمبر، لكن أيضاً جاءت الاحتجاجات والمظاهرات الأخيرة لتؤجل الفكرة، رغم أن هؤلاء الشباب أكملوا تصورهم واتصلوا بالسفارات والجاليات لإتمام هذا المهرجان الكبير، لكن حدثت الكارثة بالنسبة لهم عندما استقال وزير الثقافة الذي كان مؤمناً بالفكرة وداعماً لها بسبب مرض الغضروف، وتولي مقعد الوزير نائب الوالي الذي (قلب التربيزة في وجوههم ولخبط الحكاية من أول وجديد).. وقال لابد أن تدفع الولاية في هذا المهرجان، ونصب نفسه رئيساً للجنة العليا.. وبصراحة هذا محير فكيف يستقيم أن تجد الولاية من يتكفل بنفقات المهرجان لكنها تصر أن تدفع!( وتدفع) دي طوالي وراها لجنة عليا لا أدري ما سببها، والشركة صاحبة الفكرة هي المنفذة والمتابعة والملزمة بتنفيذ البرنامج (ولكننا بلد اللجان الحيرت الجان)، المهم إتمطت الفكرة بقدرة قادر وتحولت إلى إعلانات في الصحف- على حد قول هؤلاء الشباب- وقذف بهم خارج الملعب، وعندما أصروا على أن الفكرة فكرتهم ويريدون توضيحاً لهذا الموقف، أخبروهم بأنهم سيعطوهم (500) ألف أو (500) مليون بالجديد (ويطلبوا الله)، هذا بالضبط ما حكاه لي هؤلاء الشباب الذين شعرت بالغبن والحرقة في كل تفاصيل الحكاية التي كانوا يؤملون أن يجعلوا منها حدثاً عالمياً يجذب السواح إلى مدينة ودمدني، المدينة المناسبة لمثل هذه الفعاليات.. الغربية أنهم أخبروني أن وزير الثقافة رفض مشاركة فنانين من مدني مقيمين الآن في الخرطوم بدعوى أنهم غير موجودين بالمدينة، وهذا لعمري حديث غريب، والوزير يعلم أن المعايش الجبارة من جعلتهم يسكنون الخرطوم رغم حبهم وعشقهم الذي لا يقبل المزائدة، فيا سيدي الوزير أنت لم (تبوظ) مهرجاناً حلم به هؤلاء الشباب ولكن (بوظت) كل مساحات الأمل والعمل في داخلهم.. فمن يعيد لهم حلمهم الضائع؟!!.
كلمة عزيزة:في خبر منقول على واحدة من نشرات الأخبار أن مجلس الولايات أمس أجتمع بخصوص المد الإعلامي والهجمة الشرسة للعولمة تجاه شبابنا، لكني لا حظت حاجة غريبة أن هذه الجلسة المحضورة كلها لشيوخ تعدوا الستين وليس فيها شاب واحد يعبر عن وجهة نظر جيله في ما يقال، يعني هؤلاء السادة كانوا يحدثون أنفسهم وصدى صوتهم لم يبارح الضفة التي يقفون فيها،، الغريبة أن إحدى المتداخلات قالت في كلمتها إنها توصى بالتوجه الشباب نحو الإنشاد الشبابي وتوجيه الشباب نحو تجربة سامي يوسف، وما عارفه سامي يوسف ليه يعني الصحوة ما لها؟ وأولاد البيت مالهم؟ معتز صباحي ذاته بمدح ماله !! يا أخوانا دي مصيبة شنو!.
كلمة أعز:السيد والي الجزيرة الذي استجاب لفكرة الشابين أعلاه تؤكد أن بعض المسؤولين (لو ختوا) من يربطونهم بالمواطن لقدموا لهذا الوطن الكثير، لكن نسوي شنو مع من يقبضون رواتبهم مقابل العرقلة وكسير المجاديف.
[/JUSTIFY]عز الكلام – آخر لحظة
[EMAIL]omwaddah15@yahoo.com[/EMAIL]