رأي ومقالات

الدكتور نائِل اليعقوبابي : ضرورات تغيير (نظام) القبول في جامعاتنا !!

[JUSTIFY]*(التعليم ليس استعداداً للحياة إنه الحياة ذاتها..).

– جون ديوي – .. أستميح القراء العذر لاستخدام كلمة (نظام) القبول، لأنه في حقيقة الأمر ليس (نظاماً) للقبول، بل هو شرط وحيد أوحد للقبول الجامعي أي اعتماد المؤشر الكمي لما حفظته ذاكرة الطالب في آخر امتحان لمرحلة التعليم ما قبل الجامعي، وبالطبع لا يغيب عن بال أحد أن القبول الجامعي في وضعه الراهن مرتبط مباشرة بالنظام التعليمي السائد في مدارسنا وبنظام امتحاني ينطوي على مثالب عديدة في المواهب والمقررات الدراسية التي يتلقاها الطالب، وهذه العناصر بمجملها لا تشكل معياراً موضوعياً يكفل لنا قبول الكفاءات والمواهب الوطنية الأفضل والأكثر قدرة على تلبية حاجاتنا العلمية والاقتصادية والثقافية الراهنة والمستقبلية.

وبكل صراحة وشفافية أقول: إن اعتماد درجة الشهادة السودانية (الثانوية)، معياراً وحيداً في القبول الجامعي هو أسلوب جائر وإقصائي وكمي، بل إنه يعكس حالة من الكسل واللا مسؤولية وعدم الجدية في البحث عن معايير إضافية أكثر موضوعية وأكثر مسؤولية ولا أدل على عدم مصداقية وعدم موضوعية معيار درجة الثانوية من أن النظام الامتحاني والتعليمي نفسه بائس لأسباب عديدة، حيث إن الامتحانات لدينا- كما أشرت في مقالات سابقة- هي أقرب إلى الحرب منها إلى الامتحانات لأن الطالب يعيش حالة من الرهاب والرعب والتأهب القصوى، وهو إما يربح جولته أو يخسرها خلال أيام معدودات تقرر مصيره حتى لحظة مفارقة الحياة!!

لكن أحد أهم مظاهر بؤس نظامنا الامتحاني هو تناسل إبداعات المدرسين في جميع مراحل التعليم في شكل ملخصات تكون المرشد لطلبتنا في الحصول على الدرجات ولو كان ذلك بتعطيل عقولهم عن التفكير ولا تنجو هذه الملخصات المسكينة من مصيرها المحتوم بعد أداء دورها في القمامة وبعد إثبات طلبتنا قدرتهم على الحفظ والاستخدام الأقصى للذاكرة.

وعليه فإن نظام التلخيص والحفظ الببغائي (حتى للرياضيات والفيزياء) واعتماد حصيلة الذاكرة الامتحانية مؤشراً للقبول الجامعي، يقتل كل عام عشرات المواهب الإبداعية حيث لا سبيل لنا حتى الآن لكشف مقدراتها) ويهدر ثروة بيولوجية مهمة هي الأدمغة الفتية، المرنة القابلة للتعلم واستيعاب المعرفة.

وتكون الحصيلة من نظام تعليمي وامتحاني كهذا، معارف ضحلة، ضبابية وثقافة هزيلة ورؤية باهتة للموضوعات التي درسها الطلبة، وبذلك خسرنا مساحات كبيرة من الدماغ واختزلنا باحات أنشطته الرائعة المتنوعة إلى بُعد وحيد هو الذاكرة الحافظة التي تبقى تحت الاختبار من أجل القبول الجامعي!

فهل تستطيع الذاكرة الحافظة- وحدها- أن تعكس المقدرة الكامنة لأدمغة الطلبة على معالجة مسائل جوهرية وتحليل مفاهيم علمية عصرية أكثر تعقيداً، وابتكار حلول لمشكلات قد لا تخطر على بال أساتذتهم؟! وإذا كان الجواب بالنفي، فإذاً ما البديل؟!

يستحيل الحديث عن خيار أو بديل أوحد لما هو متبع الآن، بل إني أحث وأدعو جميع المعنيين بهذا الشأن إلى أن يطرحوا أفكارهم وآراءهم من أجل صياغة تصور وطني شامل عن نظام عصري للقبول الجامعي، ينطلق من حاجاتنا ويحقق ارتباطنا بالمستقبل على نحو خلاّق.

لذلك سأطرح بعضاً من الأفكار والمقترحات والتساؤلات لعلها تفيد في هذا المجال وهي:
1- أن يكون لكل طالب حائز 80% من معدل درجات الشهادة السودانية (الثانوي) حق الدخول في امتحان القبول الجامعي لأي فرع علمي مهما كان بالنسبة للاختصاصات العلمية ولأي فرع أدبي بالنسبة للاختصاصات الأدبية على أن يتبع ذلك شروطاً للقبول الجامعي، تحددها كل جامعة بشكل مستقل عن الجامعات الأخرى.
وهذه مسؤولية تقع على عاتق كل جامعة مع الأخذ بعين الاعتبار أن مدى تشدد الجامعة وموضوعية معاييرها يدخل في تقويم سمعة الجامعة وهيبتها وجداراتها.

2- أن يدخل الطالب اختبار امتحانات القبول الجامعي حسب التخصص الذي يرغبه، بحيث يحتوي الاختبار على أسئلة تعكس الإجابات عليها مدى صدق الطالب في اختيار رغبته ومدى تفهمه وارتباطه بالاختصاص الذي اختاره ومدى إدراكه للأساسيات التي تؤهله للدخول في هذا الاختصاص وتحدد كل جامعة المقررات أو الموضوعات الخاصة بكل اختصاص.

على أن يقدم الطالب أكثر من اختبار في أكثر من مجال خلال سنة واحدة، وهذه السنة التمهيدية للقبول الجامعي يجب أن تكون بديلاً من السنة الأولى من الدراسة الجامعية.

3- أعطاء نقاط لمستوى التحصيل للطالب في الصفين الأول والثاني الثانوي تضاف إلى مجمل نقاط القبول.

4- كل طالب لا يحقق درجة معينة في اختبار اللغة العربية يحرم من القبول الجامعي على أن يلغى تعليم اللغة العربية في الجامعات بحيث يكون الطالب متمكناً من لغته الأم قبل دخول الجامعة وليس بعد دخولها، لأن الطالب غير القادر على التعبير بلغته الأم عن معارفه ليس جديراً بأن يكون طالباً جامعياً وعلينا ألا نكون أقل احتراماً للغتنا عما يفعل الصينيون واليابانيون مع لغاتهم!

5- أن تولى عناية خاصة لشروط القبول في اختصاصات الرياضيات والفيزياء والكيمياء وجعلها أكثر صرامة بحيث تضمن انتساب طلبة أكثر تفوقاً وأكثر قدرة في هذه المواد إلى الجامعات أو إلى معاهد عليا متخصصة في هذه العلوم مع منحهم امتيازات تشجعهم على الانتساب إلى هذه الفروع حتى تحدث تحولاً في منهاج تدريس هذه المواد في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي.

بقى أن اؤكد مرة اخرى أن المعيار الحالي غير موضوعي ولعله بشكله الحالي يدحض نفسه بنفسه والدليل هو قبول الطلبة في التعليم الموازي أو المفتوح بدرجات أقل من القبول، في نفس الاختصاصات التي قبل بها الطلاب في جامعاتنا الحكومية في المفاضلة الأولى وكأن الأمر لا يتعدى مسألة شراء بعض العلامات للقبول في التخصصات المرغوبة.

والمسألة الثانية التي أود الإشارة إليها هي أن الدولة هي التي تحدد الاختصاصات الأكثر أهمية في خططها المستقبلية وعندما تخلق الحوافز لدخول هذه الاختصاصات فإننا سنشهد تحولاً في رغبات الطلبة بعكس ما هو سائد الآن.

فهل ننحو باتجاه نظام قبول جامعي جديد يحقق مثل هذا الانتقال على أن يكون هذا الانتقال تدريجياً ولكنه ثابت وملحوظ، لأنه ليس من المرغوب الدخول في تغيير فوري قبل إعداد الكادر القادر على إجراء هذا التغيير ورعايته وكذلك قبل إعداد المواد والمقررات التي تضمن إحداث مثل هذه التغيرات!!

الدكتور نائِل اليعقوبابي
*أستاذ سيوسيولوجيا الإعلام

[/JUSTIFY]

‫2 تعليقات

  1. يا دكتور نائل كمان موضوع قبول ابناء المغتربين في الجامعات السودانيه هو برضو بيع وشراء بحيث سد مكتب القبول كل الطرق ماعدا طرق القبول الخاص هل يعقل قبول 12 طالب للطب في جامعة الخرطوم و3 لطب الاسنان و3 للصيدله الخرطوم لطلاب الشهاده السعوديه فقط التنافس فيما بينهم لنيل 18 مقعد من جملة الممتحنين من السعوديه كلها ياخوانا عملتوقدرات وتحصيلي قلنا ماشي في االنهايه لقوها ما زي ما هم عايزين قالو بالكوته لما تسمع بالكوته كأنهم بالجمله وفي النهايه مامون حميده و البقيه منتظرينهم 60 مليون الطب عندهم والما عجبوا اصلا” ما عازمنكم دا كلامهم وفي حاجه ناسياها الناس ان المغتربين ديل ما كلهم اطباء ومهندسين طبعا” المعلمين رواتبهم اصلا” تعبانه في سواقين ونجارين وعمال ديل يطلعوا اولادهم معظمهم فاقد تربوي حاجه في النص بين الثانوي والجامعه يطلع رخصه وينقل كفاله سواق عائله ودا كله من الحاقدين في الوطن و ( آسف علي هذه الكلمه طلعت زب ما بقولوا اخوانا المصريين من بوئي بس ما زي العسل واحد منكوي من ناس الكوته ومكتب القبول الشكيه لغير الله مزله ولكن للعلم ) ليه العداوه ده نحنا ما سودانيين زي طلاب الداخل واللاشنو الواحد من غير خجله يقيف ويقول ليك ديل مرطبين ياخي مرطبين معناه اعداء لليكم ..

  2. I agree with you Mr. Nail

    We have to change this old system with new one to meet the requirements of the age

    I am with you, go ahead.