قانون لحظر “العلمانية الإقصائية”!
آخذين في الإعتبار أن هنالك تحولا ديموقراطيا حقيقيا لا يمكن عرقلته أو إعاقته … فقد انتهى عهد الحكم المطلق وفقد صلاحيته وصار شيئا من الماضي، بل حتى التعويل على “ديموقراطية مجزوءة” تزاوج بين صندوق الاقتراع “المصنوع” وقمع التظاهر السلمي بات امرا ذا تكلفة أغلى من تكلفة النزول إلى اللعبة الديموقراطية وامتلاك كافة أدواتها الحقيقية لا المصنوعة.
هذه القضية لم تعد محل نقاش ولكن السؤال الحقيقي”ثم ماذا بعد الانتقال”؟! وكيف يمكن أن يكون التحول آمنا وسلسا؟! أو بأقل الخسائر؟!
بالتاكيد أي توجهات إقصائية ستؤدي إلى الخروج من التداول السلمي لاستخدام القوة وفي هذا الصدد هنالك طرفان يمارسان التوجهات الإقصائية والتي تقوم على تصور وضع ديموقراطي مع إلغاء الطرف الآخر. وحتى نكون عمليين يجب أن نركز على حماية التحول الديموقراطي وذلك بأن نباغت هذه التوجهات الإستئصالية مبكرا ونحدد النوع الخطير منها ويتم إحباطه بتواثق مدني ثم بالقانون والدستور… لا بد من “حظر إستباقي” لأنشطة الإقصائيين “… نعم حظر مباشر ومعلن ومبرر وليس إجراءات إستثنائية أو مواقف إختيارية … بل حتى الطرف الذي لا يلتزم بالحظر يشمله الحظر… لانه موقف وطني لا بديل له.
في ما يخص الإقصاء الذي يتم باسم التوجه الإسلامي فيجب تمرير الخطة الوقائية ضده بكل المستويات المذكورة بيد أنني أعتقد أن التوجهات الإقصائية الإسلامية إلى زوال فالتجربة الحالية وضعت التوجه الإسلامي في موقف المدافع والذي تتعقبه دوائر دولية وتبذل مجهودا للقضاء عليه.
من جهة اخرى فإن التوجه الإقصائي العلماني تهب “رياح التدخل الأجنبي” لصالحه مما يجعله أشد خطورة وفاعلية من التوجه الإقصائي الإسلامي ومن مشكلاته أنه يلجأ إلى إساءة توظيف التحول الديموقراطي ومباديء ومفاهيم حقوق الإنسان بغرض القضاء على الفكر الإسلامي فيؤدي هذا إلى تنامي الإقصاء الإسلامي الذي بدأ يضمحل وبذلك تمنح “العلمانية الإقصائية” التطرف والإرهاب باسم الإسلام قوة إضافية وتنعشه من حالة أشبه بالموات.
ضرورة المرحل تقتضي قانون حظر سياسي مبكر للبؤر والشخصيات والكيانات الداخلية والخارجية التي تدعو لإقصاء الإسلاميين وتربط بين إزالة التجربة الحالية وإزالة الفكر الإسلامي وإقتلاعه من جذوره. وقد يقول قائل لماذا لا يكون مثل هذا التشريع أو التوجه عاما وشاملا لكل الأطراف … جوابي أن هذا التعميم والتهويم ضار وغير منتج وغير عملي، فالتجربة الإسلامية صارت أضعف من أن تطغى على احد لكن هنالك تحفز واضح من بعض “البؤر العلمانية” واطراف مسنادة لها تمتلك نفوذا وتمولا طائلا … هذا التحفز والإستعداد المبكر ينبغي أن يكافح في أطواره الاولية … ليدخل السودان في تجربة ديموقراطية مستقرة ومعافاة.
لا يجب أن يشمل هذا التوجه أي عزل للمذهب العلماني بل أن من ضمانات الاستقرار وجوده وطرح نفسه دون دون توظيف المشترك بينه وبين الدول الغربية للعمالة ضد الفكر الإسلامي أو حتى الجماعات التقليدية والاحزاب الوطنية الاخرى … العلمانية الوطنية المعتدلة يجب أن تنال مقدارا من الحماية ولكن يجب عزلها من العلمانية الإقصائية و”فك الإرتباط”.
المقصود فقط هو تحقيق المصلحة العامة وحماية الاستقرار والتحول الديموقراطي وحقوق الإنسان بفصل قاطرة واحدة من عدة مقطورات … فالتوجه الإقصائي العلماني يمارس الإرهاب الفكري لكل من يحاور الفكر الإسلامي أو يفاوض النظام … كما أنه يشوش على وجود العلمانية الوطنية الخالصة غير المستقطبة خارجيا … باختصار هذا التوجه يعتبر زناد القنبلة التي تنفجر وتقضي على السودان قضاء مبرما!
هذا التوجه هو العائق الحقيقي والأكبر لأي تحول ديموقراطي أو تطور في وضع حقوق الإنسان.
[/JUSTIFY]
نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني