الحصاحيصا .. قصة أكبر مقبرة للمبيدات في أفريقيا !!
هذا التقرير يعكس مدى خطورة الوضع البيئي الذي يهدد حياة وأرواح المواطنين والكائنات الحية الأخرى في الحصاحيصا المدينة الثانية بولاية الجزيرة. عند صدور التقرير الأمم المتحدة للتنمية في أغسطس 1992 تفاعلت معه العديد من جمعيات حماية البيئة العالمية وبعض الجمعيات المحلية والتي بذلت جهداً كبيراً في التخفيف من حدة تنامي الخطر إلا أن الوضع البيئي لا يزال ينذر بالعديد من المخاطر التي تهدد حياة المواطنين إذ أن الخطر لا يزال قائماً والسلطات لم تحرك ساكناً لاحتواء الوضع الذي بدا يأخذ عدة أشكال أكثر تعقيداً على صحة المواطنين والبيئة. وزاد الطين بِلة، اختفاء المبيدات مؤخراً من مخازن مشروع الجزيرة. من الدراسات الجديرة بالاطلاع لاحتوائها على معلومات حديثة وقيمة أصدرها مكتب البحوث والمعلومات بتحالف مزارعي الجزيرة والمناقل، بعنوان التلوث البيئي والأخطار الصحية الناتجة عن الاستخدام غير السليم للمبيدات بمشروع الجزيرة والمناقل، الدراسة جاءت رد عملي وعلمي على تقرير لجنة تاج السر الذي لم يتطرق مطلقا للعامل البيئي بالجزيرة، احتوت الدراسة على مؤشرات تصبح خارطة طريق من أجل إصحاح البيئة بمناطق مشروع الجزيرة.
بداية الكارثة:
من موقع مخازن المبيدات التابع لمشروع الجزيرة وعند محطة قرشي 4 كيلومتر شمال الحصاحيصا وفي العام 1987 انطلقت الكارثة الكبرى لأكبر تلوث بيئي عرفه السودان والقارة الأفريقية. كميات كبيرة من براميل المبيدات السامة والتي حُرِّم استعمالها نظراً لخطورتها على الكائنات الحية والإنسان على وجه الخصوص وهذه المواد السامة تحتوي على مادتي DDT والإندوسلفان (دايانا) التي دار حولها جدل عالمي بتحريمهما لاحتوائهما على ترسبات مسرطنة في الدم.التخزين الخاطئ في العراء مباشرة ولفترات طويل أدى الى تأثر البراميل التي تحتوي على هذه المبيدات القاتلة بالتعرض لحرارة الشمس ومياه الأمطار مما أدى الى تآكل البراميل بفعل الصدأ لتتم عملية تسرب كميات كبيرة من هذه المبيدات على الأرض مباشرة. وعندما صدرت التوجيهات بحظر استخدام هذه العينة من المبيدات لجأت إدارة المخازن الى التصرف ببيع البراميل بعد إفراغها من المبيد وذلك بسكبه على الأرض مباشرة وعندما فاحت الروائح المنبعثة وأصبح من المتعذر احتمال ذلك لجأت إدارة المشروع الى القيام بطمر المبيد المتجمع على سطح الأرض بالتراب سطحياً واستخدام القطن والبذرة لامتصاص المواد السائلة وهكذا قامت إدارة مشروع الجزيرة بارتكاب أكبر جرم بحق مواطني الحصاحيصا الذين تضرروا كثيراً شأنهم كمواطني شيرنوبل السوفيتية بعد كارثة المفاعل النووي ومواطني بوبال الهندية التي مات العديد منهم إثر تسرب الغازات السامة، حيث يقضي المتسببون في هذه الكوارث عقوبة السجن لارتكابهم جريمة ضد الإنسانية بعد أن تم تعويض أسر الضحايا وهنا لا يزال من تسببوا في كارثة مبيدات الحصاحيصا لم تطالهم يد القانون ولم تقم السلطات بتقديم أي تعويض لازم للمتضررين وللمدينة المنكوبة .
آثار الكارثة: عند ازدياد شكاوى المواطنين قامت العديد من الجمعيات بزيارة المنطقة وقد جاءت الإفادات التي تم جمعها من سكان الموقع الأكثر تضرراً ملخصة في كتاب الأستاذ أحمد محمد سعد (أطلال من الرماد أم العودة الى الغابة) حيث جاء ما يلي:”منذ وصولنا بدأنا نشتم روائح غريبة وقبيحة قادمة من جهة المقبرة وحظيرة الأسمدة والمبيدات وبعد فترة من الزمن بدأنا نشعر بضيق في التنفس وفقدان الشهية في الأكل – نأكل تأدية واجب – ثم بدأنا نشعر بفتور ووجدنا الحركة صعبة وقد زادت الأعراض عند النساء والأطفال ثم ظهرت حساسية الجلد والعيون وتوفي ما لا يقل عن ستة أطفال بالتسمم الحاد، يظهر على الطفل تشنج ينتهي بالموت وتوفيت فتاة عمرها 18 عاماً بالسرطان ” وقد سجلت العديد من حالات نفوق الحيوانات وبدأت تسجل مستشفى الحصاحيصا العديد من الحالات المستعصية على العلاج والتي تنتهي بالوفاة وأصبح السكوت على هذا الأمر غير محتمل فبدأت السلطات في التدخل لاحتواء الأمر حتى لا يزيد من الحملة المعادية على النظام والذي ظل معزولاً داخلياً وخارجياً.
حماقة النظام ومكابرته وقتها أسهمت في مضاعفة الآثار الخطيرة والمتزايدة لهذه الكارثة. لم تقم الحكومة بالإعلان لهذه الكارثة بالقدر الذي يدفع بالمتطوعين والمانحين من تشكيل حملة عالمية لإنقاذ أهل الحصاحيصا من هذه الكارثة والتي ما زالوا يدفعون ثمناً لها أرواحهم وصحتهم وأجيالهم القادمة. من ضمن الممارسات الخاطئة تعاملت الحكومة مع هذه القضية من منظور حماية النظام على حساب حماية البيئة، حيث قامت بمنع العديد من المنظمات العالمية من الاقتراب من الموقع وصادرت سجلات من تم إيقافهم ولم يسلم من ذلك حتى طلاب الجامعات (طالبات كلية الأحفاد الجامعية اللائي تعرضن للتوقيف والتحقيق من قبل السلطات الأمنية بالحصاحيصا) الذين توافدوا على المنطقة لتجميع البيانات والإفادات التي قد تكون معيناً لدرء آثار هذه الكارثة. قامت إدارة المشروع في إعادة مسلسل المعالجات الخاطئة حيث تم استقطاب دعم بواسطة بعض الهيئات الأممية لتتم (بعزقة) الدعم المالي في بناء سور وبطريقة غير علمية وأقل ما يمكن وصفه بالبدائي على حسب ما جاء في تقرير د. عيسى محمد عبداللطيف من متحف التاريخ الطبيعي بجامعة الخرطوم حول معالجات مشكلة مبيدات الحصاحيصا المقدم لجهات عديدة من ضمنها المجلس الوطني الانتقالي وذلك بتاريخ 11/11/1995.
بدأ يتضاعف تركيز التشبع في المياه الجوفية لتبدأ مراحل الموت البطئ لمواطني المدينة من جراء تلوث مياه المدينة والمنطقة الشمالية على وجه الخصوص حيث تم رصد سبع حالات وفاة بالسرطان في شهر رمضان المنصرم وحده بالإضافة الى الحالات الأخرى غير المعلنة وتزايد حالات الفشل الكلوي والإصابة بسرطان الثدي وحالات الإجهاض المتكررة والمفاهيم الخاطئة حول السرطان المرض الفتاك جعلت الكثيرين يخفونه ليكابدوا في صمت ومعاناة. بعد انقضاء عقدين من الزمان على حدوث هذه الكارثة إلا أن مقبرة المبيدات ما تزال نشطة وترسل في تحذيرات الخطر وعند قيامي بالتقاط هذه الصور من موقع المقبرة لهذا التقرير بدأت شخصياً أشعر بحالات من هرش في جميع أنحاء جسمي وشعور بالغثيان واحمرار في العين وضيق في التنفس على الرغم من أني لم أمكث سوى بضع دقائق. التقيت بالعامل عبدالله أحمد والذي يقيم ويعمل حمالاً في المخازن والذي أفاد بأن المقبرة التي تبلغ مساحته 50×30 متر بعمق 3 أمتار كل الذين عملوا في تفريغ البراميل داخلها أصيبوا بأمراض خبيثة غير معروفة وتوفاهم الله جميعاً أكثر من 12 شخص ما زال ذويهم يقيمون بكمبو العمال بالحصاحيصا.
وأخيراً .. !! ما يزال الخطر قائم وآن الأوان أن تطلق الحكومة نداء استغاثة للعالم من حولنا لإزالة الضرر الكبير الذي يتعرض له المواطنون في الجزيرة وفي الحصاحيصا على وجه الخصوص بالإضافة الى التحقيق الجنائي بصورة جادة لمعرفة كميات المبيدات المختفية وأين وكيف اختفت ومن الذي قام بتسريبها لأن عمل كهذا أخطر من الحرابة إنه طاعون يفتك بالجميع يجب على الحكومة وأجهزتها الأمنية كشف الحقيقة كاملة بأسرع وقت وتقديم الجناة للمحاكمة العادلة.صحيفة الجريدة
حسن وراق
ت.إ[/JUSTIFY]
هو في الحقيقة موضوع مهم جداً التحقيق في هذه الكارثة لكن هنا يبرز سؤال مهم للغاية:- نسبة لكثرة المواضيع التي تحتاج لتحقيقات في هذا البلد المنكوب، نُريد أولاً أن ننظم هذه المواضيع في كشف يُوضع بأمانة ومن ثَمّ يُبحث في المواضيع حسب الأهمية من ناحية الأخطار على الإنسان والحيوان والأرض ، وبعد ذلك يُبدأ في نظر الحلول بعد ترتيب أولوية المواضيع لكثرتها، والله يكون في عون من يُريد ترتيبها ومن يُريد أن يُعالج ما يحتاج للمعالجة حسب الأولوية لو كان هناك من يهتم بأمر البلد وإنسان البلد المغلوب على أمره.
[B][SIZE=4][FONT=Arial Black]اكثر مناطق فيها سريطانات ( الشمالية ) و (الجزيرة ) حتى الاطفال الصغار الآن انتشر بينهم
[/FONT][/SIZE][/B]