عالمية
السيسي يتجاوز «عقدة» الـ«100 يوم» الأولى
تشكلت نقطة الاختبار الأولى يوم 24 يوليو (تموز) من العام الماضي، وكان السيسي على موعد مع القدر، حيث دعا بوصفه قائد القوات المسلحة خلال كلمة ألقاها في حفل تخريج الدفعتين 64 بحرية و41 دفاع جوي جميع الفعاليات السياسية إلى تحمل مسؤوليتها في مواجهة ما يحدث في البلاد، قائلا: «أطالب المصريين الشرفاء بالنزول غدا الجمعة بالقاهرة والإسكندرية وجميع المحافظات حتى يعطوني تفويضا وأمرا حتى أواجه العنف والإرهاب المحتمل».. وخلال أقل من 48 ساعة، امتلأت شوارع مصر وميادينها في القاهرة والأقاليم بالحشود من البشر، توثق مطلب السيسي، في عرس شعبي استمر حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي، وقدرت وكالات الأنباء العالمية المشاركين بأكثر من 30 مليون مواطن.
وكانت عبارته الشهيرة «الشعب المصري لم يجد من يحن عليه»، توثيقا آخر لمحبة ستدوم، لرجل أصبح بين ليلة وضحاها بطلا قوميا في نظر أغلب المصريين، الذين طمعوا فيه ولم يجدوا غيره بديلا يقود سفينة الوطن في مرحلة حاسمة من تاريخه. وفي مستهل أغسطس (آب) الماضي، وبعد تولي السيسي مقاليد الحكم في البلاد، أطلق إشارة البدء في «مشروع قناة السويس الجديدة»، عابرا بجدارة شعبية نقطة الاختبار الثانية، ومعيدا المصريين إلى زمن المشروعات القومية الكبرى، فتسارع المصريون إلى تمويل تكاليف المشروع عبر شهادات استثمار، في مشهد أعادهم إلى زمن السد العالي.
استوعب السيسي هذه العقدة التي دشنها الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، وسقط في شركها، بعد أن وعد بحل حزمة من القضايا الملحة والمعقدة، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا خلال الـ«100 يوم» الأولى من حكمه، لكن وعوده كانت مجرد فقاعات للوصول إلى كرسي الحكم، الذي غادره مبكرا إلى السجن.
وعلى عكس مرسي، لم يعد السيسي بحلول سحرية لمشكلات البلاد، الذي يدرك حجم ترديها على شتى المستويات، وإنما دعا إلى العمل، والصبر والتحمل والإخلاص، والتخلص من الأنانية وإيثار الذات.
يلخص الأسطى صبري، صاحب ورشة حدادة بمنطقة بحي «ميت عقبة» الشعبي بالقاهرة الأمر قائلا: «حكاية الـ(100 يوم) أشبه بنكتة بايخة، فلا يمكن لأي بشر أن يحل مشاكل بلد في 100 يوم، فما بالك ببلد مثل مصر، مشاكلها أصبحت كالأمراض المزمنة، بعضها يحتاج للاستئصال، وبعضها يحتاج لمشرط جراح ماهر».
ويتابع الرجل الستيني وهو يرتشف كوب الشاي: «الرئيس الذي يقول هذا يبيع الوهم للناس ويخدعهم، ولا يمكن أن ينجح. والعبرة أمام أعيننا في الرئيس الإخواني محمد مرسي. الشعب المصري التف حول السيسي، ومنحه شعبية كبيرة واستثنائية، لأنه شعر بصدق هذا الرجل وإخلاصه ومحبته لمصر». ثم متابعا: «تعال نشوف السيسي عمل إيه منذ توليه الرئاسة في 8 يوليو (تموز) الماضي؛ صارح الناس بحقيقة الأوضاع في البلد، وحين أعلن سياسة التقشف، ورفع الدعم عن أسعار الوقود، وتطبيق الحد الداني والأقصى للأجور، على الكل بلا استثناء، بدأ بنفسه، فتبرع بنصف مرتبه ونصف ثروته لدعم ميزانية الدولة، مقدما نموذجا حيا لكل أفراد الشعب».
وعلى غرار الأسطى صبري، يرى خبراء وسياسيون أن الجرأة في حل المشاكل الاقتصادية واستغلال شعبيته لفرض التقشف أبرز إنجازات السيسي حتى الآن، إضافة إلى البدء في إقامة عدد من المشروعات القومية والبنية التحتية، من أبرزها مشروع حفر قناة السويس الجديدة، الذي تجاوزت صكوك شهادات الاستثمار فيه من قبل المصريين سقف الـ60 مليار جنيه المطلوبة للمشروع. ويلفت الخبراء إلى أن كل هذا يعد مؤشرا إيجابيا دالا، يعزز فرص نجاح السيسي في قيادة البلاد إلى بر الأمان والتقدم.
إلا أن سعاد، وهي سيدة خمسينية تعمل اختصاصية اجتماعية في مجال التعليم، ترى أن الشعب المصري ينتظر من الرئيس السيسي اتخاذ موقف في إعادة توزيع الثروة، التي نهبت في الرشى والتخريب، خاصة إبان نظام مبارك.
وتصيف سعاد: «بدأنا فعلا نشعر بأن هيبة الدولة ودولة القانون في الطريق للعودة بقوة. وما يطمئننا أكثر أن الرئيس السيسي أتى من نسيج الدولة المصرية، ومن الجيش، أكثر قطاعاتها وفاء وإخلاصا للشعب، لكن طريق السيسي القادم يجب أن يتضمن إنجازا على الأرض للمواطن البسيط، ويجب أن يشعر محدودو الدخل بأن هناك إنجازا سريعا وعملا حقيقيا يقدم لهم».
وعد الخبراء من ملامح إنجازات السيسي السياسية عودة مصر بقوة إلى مسرح السياسة عالميا واستعادتها دورها قوة إقليمية مهمة، ورمانة ميزان في المنطقة العربية والشرق الأوسط بشكل عام. وهو ما برز جليا في تعامل مصر مع مشكلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مؤكدة أنها طرف أساسي في معادلة الحل، لا يمكن تجاهله.. لكنهم في الوقت نفسه حذروا من مغبة توتر العلاقات مع حماس، التي أشادت بدور مصر في التوصل إلى حل للأزمة، وأنه يجب البناء على هذا الموقف وتنميته بشكل سليم.
من جانبهم، يتخوف نشطاء سياسيون من إعلاء هاجس الأمن على حساب الحريات العامة، وطالبوا بضرورة إعادة النظر في قانون التظاهر وتعديل بعض نصوصه، التي تحد من سقف هذه الحريات، بحسب رأيهم. كما طالبوا السيسي بالإفراج فورا عن كل سجناء الرأي في مصر، حتى تنطلق مصر إلى المستقبل من دون ضغائن وأحقاد في النفوس.
وحتى الآن أصدر الرئيس السيسي 14 قرارا جمهوريا، تنوعت ما بين مجالات اقتصادية وسياسية وقضائية، كان من أبرزها قرار بإنشاء اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، وتختص بإعداد وبحث ودراسة مشروعات القوانين والقرارات الجمهورية وقرارات رئيس مجلس الوزراء اللازم إصدارها أو تعديلها لضمان عدم تعددها أو قصورها أو تناقضها أو غموضها والعمل على ضبطها وتوحيدها. كما أصدر قرارا يحدد 42 ألف جنيه حدا أقصى للأجور للعاملين بالدولة، وقرارا بقانون لتعديل «الضريبة على الدخل»، يستهدف توزيع أعباء الإصلاح المالي والاقتصادي على أوسع قاعدة ضريبية ممكنة، فيما عدا محدودي الدخل، وتوسيع القاعدة الضريبية للممولين لتحقيق العدالة الضريبية والبعد الاجتماعي. أيضا أصدر قرارا بتشكيل المجلس الاستشاري لعلماء وخبراء مصر، ومن ضمن أعضائه الدكتور أحمد زويل، والدكتور مجدي يعقوب، والدكتور نبيل فؤاد، والدكتور فيكتور رزق الله، والدكتورة ميرفت أبو بكر، والمهندس هاني عازر.
ويخلص الأسطى حسن قائلا: «مصر المحروسة، ربنا وهبها السيسي في لحظة حاسمة. أنا عايز منه المزيد من المصارحة والشفافية، لأن غالبية الشعب يحبه.. وهو قال مصر أم الدنيا وإن شاء الله هتبقى قد الدنيا. ربنا يوفقه وإحنا معاه على الحلوة والمرة».[/JUSTIFY] [FONT=Tahoma] الشرق الأوسط
م.ت
[/FONT]
مبروك لمصر السيسي وفعلا مصر المأمنه ربنا نجاهم من جحيم الأخوان .