تحقيقات وتقارير
توحيد منابر التفاوض ..قوى دفع متعددة في محرك قاطرة الحوار
“بن شمباس” .. توحيد قوى الدفع
نقلة جديدة ومهمة، شهدها اجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي بـ”أديس أبابا” قبل أيام، تمثلت في التوصية التي ألقى بها الممثل المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي “محمد بن شمباس” داخل الاجتماع والتي دعت لإدماج أعمال وجهود الوساطة المتعلقة بقضية دارفور، وتلك المتعلقة بالشأن السوداني إجمالاً في آلية واحدة، ما يعني دمج كافة المنابر التفاوضية في منبر واحد. واقترح “بن شمباس” أن تكون الآلية الموحدة تحت قيادة الرئيس “ثابو أمبيكي”، ولم يعدم “بن شمباس” التبرير لهذه التوصية، وتوسل إلى تسويق مقترحه بالتنبيه إلى ضرورة دمج وربط القوى الدافعة المختلفة لتصبح قوة موحدة متمثلة في (الآلية الأفريقية رفيعة المستوى، و(اليوناميد)، بجانب قطر، والإيقاد والجامعة العربية)، حتى تعمل كوحدة وساطة مترابطة ومتناغمة. وطرح “بن شمباس” على الاجتماع كيفية إدماج مفاوضات سلام دارفور داخل ما وصفها بـ(الفرصة الأشمل) التي أتاحتها مبادرة الحوار الوطني التي تنتظم الداخل السوداني.
المجتمع الدولي .. اكتشاف جديد
وبما أنه لم يعد هناك شأن قُطري داخلي خالص، فإن عاملاً مهماً ـ رغم أنه حاضر منذ زمان بعيد في الشأن السوداني ـ إلا أنه بدا حاسماً في هذه المرحلة، وهو البعد الدولي وموقف المجتمع الدولي من خطوات ومسارات الحوار الحالية، خاصة في ما يتعلق بالرؤية حول مدى تعدد أو توحيد منابر الحوار السوداني . وقد تكشف مؤخراً وصول المجتمع الدولي لقناعة بأن مشاكل السودان واحدة ومتشابهة لكنها مطروحة في منابر مختلفة، وهذا ما أكد عليه المحلل السياسي المهتم بالشأن الدارفوري “عبد الله آدم خاطر” في إفادته لـ(المجهر) أمس(الاثنين)، مشيراً إلى أن دراسات متأنية أوصلت المجتمع الدولي لاكتشاف أن مشاكل السودان غير منفصلة عن بعضها وهي(القبضة المركزية الحادة، وانعدام وضعف التنمية في الولايات، وقضايا الديمقراطية والمشاركة في الشأن العام للسودانيين كافة). وأشار “خاطر” إلى أن المجتمع الدولي توصل بعد تجارب اتفاقيات “نيفاشا” و”أبوجا” و”الدوحة”، إلى أن الأفضل للشعب السوداني وأطراف النزاع وللقوى الدولية، التوصل لحل الأزمات السودانية كحزمة واحدة بعيداً عن تناقض المنابر وسعياً لتكاملها. ووصف “خاطر” مقترح “بن شمباس” بأنه هو الأنسب. وقال: (“بن شمباس” لا يعبر عن نفسه بل يعبر عن وجهة نظر المجتمع الدولي).
الوطني ..ترحيب حذر
رأي الحكومة والحزب الحاكم وموقفهما من توصية مسؤول (اليوناميد) هي الأهم، لأن الحكومة هي المعني بدرجة أكبر بإنفاذ هذه التوصية، ولأن القضية حاسمة. ورغم تصريح مسؤول ملف دارفور “أمين حسن عمر” المنشور قبل أيام بـ(المجهر)، بأن ملف دارفور يعتمد على وثيقة “الدوحة”، وأنه لا وجود لمنبر جديد للسلام، إلا أن القيادي بالمؤتمر الوطني “الفاضل حاج سليمان” صرح لـ(المجهر) أمس، بأن المقترح سيخضع لدراسة من قبل حزبه لتلمس إيجابياته وإمكانية نجاحه، ومدى التزام الأطراف الأخرى به. وقال:(لا نستطيع القول بأنه مقترح مقبول أو مرفوض)، لكن “حاج سليمان” استدرك مؤكداً أن طرح قضايا السودان في حلقة واحدة أفضل من توزعها على أكثر من حلقة. وقال: (من حيث المبدأ هو مقترح مقبول وسيتم عرضه على الجهة المعنية داخل الحكومة، بجانب الأطراف الأخرى المعنية بالحوار). وقطع بأنه ليس هناك ما يمنع مناقشة كل القضايا في منبر واحد. وقال:(لأن الهدف هو الوصول إلى معالجة لمشاكل البلد). وأضاف: (إن كان هذا هو الطريق الأقرب للحل فهو مقبول).
استبعاد تأثر منبر “الدوحة”
أول ما يتبادر للذهن عند الحديث عن توحيد منابر الحوار والتفاوض حول القضايا السودانية والتي على رأسها قضية دارفور، يبرز التساؤل حول مصير منبر “الدوحة” الذي احتكر مناقشة الأزمة الدارفورية منذ عدة سنوات. المحلل السياسي “عبد الله آدم خاطر” بدا واثقاً بأن وثيقة “الدوحة” المطروحة كمدخل وحيد للتفاوض مع حركات دارفور لن يتم المساس بها، بل أكد أن المنبر الواحد المقترح سيضيف مزايا جديدة للوثيقة، وأنه سيوسع مشاركة الدارفوريين في بناء السودان. ولفت إلى أنه في حال إدماج منبر “الدوحة” إلى جانب (إعلان باريس) و(اتفاق أديس) في منبر موحد، فإنه سيتيح إشراك كافة المكونات السودانية تحت مظلة دعم دولي أوسع. ونبه إلى أن وثيقة “الدوحة” ستكون إحدى الركائز الأساسية التي سيُبنى عليها المنبر الموحد. وأبدى ثقته بأن الحكومة ستقبل مقترح “بن شمباس” باعتباره الخيار الأفضل.
منبر “أديس” أحد مداخل المسار الجديد
ولأن قضايا السودان متشعبة ومتعددة المنابر، فلا يمكن إغفال قضيتي المنطقتين (جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان)، المحصورتين في منبر أديس التفاوضي بين الحكومة والحركة الشعبية (قطاع الشمال). وبالنظر للتأكيد أعلاه من القيادي بالحزب الحاكم “الفاضل حاج سليمان” بأن الخيار الأفضل هو توحيد حلقات معالجة الأزمة السودانية، فإن الخبير في الشأن الدارفوري “عبد الله خاطر”، أشار إلى أن منبر “أديس” ومنبر “الدوحة” سيكونان مدخلاً ومرتكزاً للمنبر الجديد المقترح، دون الانتقاص من مكتسبات وميزات أي منهما.
المعارضة .. مطلب قديم
لم تمل المعارضة السودانية بمختلق اتجاهاتها بالمطالبة منذ أمد بعيد بضرورة توحيد منابر معالجة الأزمة السودانية، وتحذيرها الدائم من مخاطر تجزئة الحلول، وهو ما أكده رئيس الهيئة العامة لتحالف المعارضة “فاروق أبو عيسى”لـ(المجهر)، بأن المعارضة ترفض بشدة تجزئة قضايا الوطن بالتفاوض مع حركات دارفور على حدة، وقطاع الشمال من جهة أخرى، دون إدراج قضاياهما ضمن الحل الشامل لأزمات البلاد
المجهر السياسي
تقرير- عقيل أحمد ناعم
خ.ي