جمال علي حسن

إستيكر.. “البلد دي انتهت”!

[JUSTIFY]
إستيكر.. “البلد دي انتهت”!

أغلب المثقفين السودانيين صاروا يطالعون أخبار السياسة على عجل بعد أن فقد بنظرهمجميع السياسيين دهشتهم.. الكثير من القراء يطالعون تلك الأخبار فقط بغرض تأكيد حكمهم الصادر مسبقا الذي يلخصون به الواقع في عبارة (البلد دي انتهت) دون رغبة في تناول التفاصيل أو مناقشة الحلول..

وهذه العبارة المحبطة تساعد في رفع سقف تصوراتهم للحل إلى درجة (غير الممكن) وكأن البلاد ماتت وشبعت موتا ولم يتبق أمام المجتهدين سوى مواراة الجثمان..

هذه العبارة الكسولة هي التي تجعل قيادات سياسية تسلك طريق القوة (وشارع الهوا) وتحمل السلاح دون أن تشعر بحرج بافتراض أن الجماهير ستنظر إلى (تاتشرات) المجموعات المسلحة على أنها عربات إسعافقادمة لإنقاذهم وإنقاذ البلد.. وهذا ما يروج له بعض المصادرة عقولهم والكسالى والضعفاء..

(البلد دي انتهت).. هذه العبارة العاطفية الصادرة من أعلى سطحالعقل المغلق بالضبة والمفتاح هي التي أحالت ساحة الرأي والمقالات الصحفية إلى أستديو لعرض مهارات مثيرة في منافسة الساحة الصحفية.. لا مكان للتعاطي مع الأفكار والحلول لذلك يكتب الصحفيون مقالات سينمائية.. وأخرى درامية.. وثالثة لترك انطباع بأنها مقالات خارقة يرسل كاتبها إيحاءات بأنه يعلم ما لا تعلمون من خبايا وخفايا وأسرار..

عبارة (البلد دي انتهت) هي أس المشكلة لأنها العبارة المسؤولة عن الخواء والسطحية وتقبل الناس لكل شيء شاذ وغريب على أنه متوقع وعادي..

وهذه العبارة هي التي تجعل المثقف يتعامل مع محاولات تشخيص المشكلة الآن مثل مطالعتك لروشتة دواء تم إحضاره لمريض أعلن الأطباء عن وفاته قبل قليل..

هذه العبارة هي السبب في تحجيم الوعي السياسي بقضايا البلد..إنها مثل (إستيكر) تم وضعه على كل البضاعة السياسية والأفكار والخيارات مكتوب عليه (غير صالح للاستعمال)..!!

هذه العبارة لا تفيدنا بشيء حتى لو أردنا التغيير وحاولنا حشد طاقاتنا لتدارك أوضاع البلد والإسهام الإيجابي في إيجاد حلول..نتواجه بها ككلمات وإحساس وسلوك وحالة من التبلد تدهمنا (البلد دي انتهت) ثلاث كلمات مخدرة.. أفيون.. حشيش.. هل تعلمون من المستفيد منها..؟

مستفيد منها من يعتبر أن وجوده ووصوله للسلطة مرتبط بتكفين جثة الوطن وقراءة الفاتحة عليها.. مستفيد منها سائق (تاتشر) الإسعاف القاتلة..!

قولوا لنا ماذا سيكون موقف التحالفبين قوى المعارضة والجبهة الثورية لو قبلت الحكومة غدا بالجلوس مع قطاع الشمال بغير شرط الحكومة بأن ينحصر الحوار حول المنطقتين..

هؤلاء كل نيرانهم وبنادقهم مرتبطة بالخلافحول شرط الحكومة بأن يكون التفاوض محصورا في ملف جنوب كردفان والنيل الأزرق.. بمعنى أن الطاولة جاهزة وحديث الصادق المهدي صحيح أن تحالف المعارضة مع الجبهة الثورية تكرار لسيناريو التجمع مع الحركة الشعبية حين دخلت الحركة الشعبية في نيفاشا واقتسمت السلطة مع المؤتمر الوطني وتركت عمامات قادة التجمع حائرة متأسفة..

باقان في حوار أجريته معه في كادوقلي قال لي إننا ناضلنا وأخذنا حقنا بالقوة فهل يريدنا الشمال أن نناضل نيابة عنهم..؟! وقال: مثلما أخذنا حريتنا بأيدينا عليكم أن تنتزعوا حريتكم بأيديكم.. وكذلك سيقول لكم عقار لو قرر الذهاب للتفاوض مع الحكومة..

كنا سنحترم ونوقر ونؤيد تحالف أبو عيسى لو اشترط على قيادة الجبهة الثورية تسريح مليشياتها المسلحة والانضمام للتحالف كفصيل سياسي معارض .. واستبدال الرهان على عبارة(البلد دي انتهت) بعبارة أخرى أكثر موضوعية تقول (هذا النظام الحاكم قد فشل)..

[/JUSTIFY]

جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي

تعليق واحد