ثقافة وفنون
القطار في الغناء السوداني – بكاء ودموع ومناديل
دموع وبكاء ومناديل *
إذا كان السودانيون ينظرون بشيئ من التقدير للخدمات الجليلة التي أسداها لهم القطار في مسيرته الطويلة معهم بنقل أمتعتهم وجلب حاجاياتهم وأشياءهم ، إلا أنهم لم يسامحوه مطلقا ولم يدعو له بالسلامة يوما ؛ لأنه هزّ مشاعرهم وأحاسيسهم وجرح كبريائهم وعذبهم ومزّق وجدانهم وأهانهم وأجرى دمعهم ، ولم يضعفوا أمام شيئ مثل ضعفهم أمام رحلة القطار لأنها تنتزع أفئدتهم ودموعهم ، فكل رحلة للقطار هي أنهار من الأذي وجبال من الهموم ولهذا سموه ( فراق الحبايب) .
تخيل أن أحدهم بلغ به الياس والوله أن قال :- ( يا القطار تدشدش يا الشلت محبوبي !!! ) لم يحفل أبداً بحجم الاضرار والخسائر التي تسببها دعوته تلك .
لم يبلغ من الفنانين مرحلة من التعبير عن مشاعر الحزن والفراق مثلما ما غنى محمود تاور .
أبكن ياعيوني الدم الله البى فراقنا حكم
سكان الأبيض جو وفي المحطة ودعو
نبي الله العليك نزور وفي العين تخسر البابور
ياالرهد صباحك نور تحتفل بملك الحور
الليلة القطار صياح وفي ميعادو ستة صباح
شال الرايقة ما برتاح وسبب لي ألم وجراح
في أم روابة سو الويل وطالب كوستي أرض النيل
يا الخليت بنات الجيل وشايل مني جدي الريل
الليلة القطار فراق وأدعج لبسوهو العاج
فراق الرايقة ما بنطاق زي الأكسجين في الصاج !
وهناك من سبقت أنفاسهم رحلة القطار ومنهم فضل المولى زنقار
من بف نفسك يا القطار
ولهيب صدرك يا القطار وين الحبيب ؟
زي ما شلتو جيبيو يا القطار
لكن بس نفذ القدر
أيه سبب لي الكدر
غير عجلاتك يا القطر
ومنهم من سالت دموعه سخينة لحظة الوداع
لما القطر صفّر شالو
دموعي من عيني سالو
أمسى وبات كيف حالو ؟
ياربي طاريني في بالو
آه أنا مانسيتو
ودعت الحبيب وبكيتو
( عثمان الأطرش)
ومنهم من شعر بالذل والمهانة
قطارو حلا ياناس قطارو حلا
ترك لعمري الآلام والمذلة
( العطبراوي)
وقليل منهم من جبر القطار بخاطره
أحمد الله أنا خاطري انجبر
وجاني زولا شايل خبر
قال لي محبوبتك في القطر
(عثمان اليمني)
وقليل منهم من توسل للقطار وكان له رجاء فيه
قطار الشوق متين ترحل تودينا
نزور بلداً حنان أهله وترسى هناك ترسينا
قطار الشوق حبيبنا هناك بيحسب في مسافاتك
ولو تعرف غلاوة الريد كان حركتك عجلاتك
لكن البكاء كان سيد الموقف دائماً
القطر القطر نويت السفر
ودعت حبيبي ودمعي انهمر
( سيد خليفة )
ومنهم من عدّ النجوم وحاسب الثواني
في الرصيف مستني وللثواني بحاسب
أمتى يظهر نورو الليهو ديمة أراغب
الاشرجي تراهو للإشارة أداهو
نزل السمفور وللمرور أداهو
قلبي زاد خفقانو وزاد كمان في ولاه
للحبيب الماري الليهو زاد شوقي
القطار يتهادى
حلّ في وادينا
يلا نجري نشوفو المن زمان ناسينا
في السلامة سلامة
آه انا الجنيته وفي المحطة بكيتا
يا القطار تدشدش يا الشلت مريودي
د. عبدالفتاح سليمان
قانوني وكاتب صحفي
هل مازال في القلب دفقة حب يا اخي المبدع عبد الفتاح سليمان … عرفناك مبدعا منذ ان عاشرناك في الثانوي ومن ثم كلية القانون .. الى الامام كما عودتنا.