جعفر عباس

التسول مهنة مربحة جدا جدا

[JUSTIFY]
التسول مهنة مربحة جدا جدا

قبل سنوات كنت ضيفا على الأمير مشعل بن محمد بن سعود في الشاليه الخاص به في قرية النخيل في الدمام بالمنطقة الشرقية في السعودية، وفي ذات جلسة على شاطئ البحر، كان بين الحضور شخص طاعن في السن وحسن الملبس ويعقب على ما يقال شعرا او استشهادا بآية قرآنية، وبعد الانتهاء من تناول وجبة العشاء، تسلل ذلك الرجل خارجاً، وانفجر الأمير ضاحكا.. ثم أجرى اتصالا هاتفيا قصيرا، وضحك مجددا وقال: الشيخ راح يتعشى مع جماعة الأمن في مدخل القرية.. ثم شرح كيف ان ذلك الشيخ الوقور مدمن تسول، ثم همس لي الأمير: اطلب من الشيخ مساعدة مالية ثم انظر رد فعله.. فقلت: يا شيخ فلان أنا من شمال السودان وقد شتت الحرب الأهلية أفراد عائلتي فاستقر بعضهم في الصومال وأفغانستان، وجزاك الله خيرا يا شيخ لو أعطيتني بعض المال، و..«.. لم يدعني أكمل، لأنه انفجر باكيا.. أحسست بالحرج الشديد لأن كذبتي جعلت الرجل يحزن لحال أهلي ولكن طبطب الأمير على كتف الشيخ وسأله عما يبكيه فتحول بكاؤه إلى نشيج جعل جسمه كله يهتز.. وبصوت متهدج قال ما معناه: توسمت فيك الخير يا جعفر وحسبت أنه طالما أنت صديق الأمير أكيد عندك فلوس وبطلع منك بعطية طيبة.. تقوم تشحت مني؟ حسبي الله ونعم الوكيل.. وشرع في البكاء مجددا.. بكاء حقيقي بدموع وبلاوي تنزل من فتحتي الأنف.. والله العظيم هذا ما حصل.. ثم نهض وتركنا وهو يلعن حظه الأغبر الذي جمعه بجعفر.. ثم شرح الأمير كيف أنه عندما يذهب هذا الرجل إلى البنك فإن المدير شخصيا يخرج لاستقباله لأن رصيده يتراوح بين 300 مليون و400 مليون.. صحت: تتكلم جد؟ أكد الأمير أن الرجل جمع مئات الملايين من التسول فسألته: ما عنده بنت عانس فاتها قطار الزواج؟ أجاب الأمير: وهل تعتقد ان شخصا مثله يفكر قط في الزواج والإنفاق على الزوجة والأطفال.
كانت بداية العلاقة بينهما عندما كان الأمير مشعل يتجول ذات عام في الحرم المكي بحثا عن مكان يصلي فيه، عندما أتاه صاحبنا وقال له: تفضل، أنا حاجز لك مكان في الصف الأول.. واتضح انه لا يكتفي فقط بالتسول، بل يبيع مكانا في الصف الأول في الفروض الخمسة لمن يعرف أنهم أثرياء ثم يطاردهم طالبا «البقشيش»، وبعد منع التسول في الحرم حاول مشعل كفالته وتخصيص سكن وراتب له ولكنه يأتيه ثم «يزوغ» لبضعة أشهر.. ثم شنت السلطات في مكة حملة على من يحجزون أماكن للصلاة حول الكعبة ويبيعون المكان الواحد بما يعادل 300 دولار، خسئ البائع والمشتري.. ومن نوادر شيخنا هذا أنه استوقف سيارة أمير يحكم إحدى مناطق السعودية، ولم يكن مع الأمير مال فتناول من سائقه 500 ريال وأعطاها إياه، وعينك ما تشوف إلا النور.. صار الشيخ يصيح بأعلى صوته: وش أقول للناس؟ الأمير فلان بن فلان ما يعطي فقير مثلي إلا مثل هذا المبلغ الهزيل.. أين أنت من أخيك فلان الذي لا يمكن ان يعطي السائل أقل من 20 ألف ريال.. طلب منه الأمير ان يهدأ ويركب معه سيارته واصطحبه إلى متجر واستدان منه 20 ألف ريال لإسكات المتسول الارستقراطي.
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

تعليق واحد