منوعات

تجريف الموتى: أحمد شرفي.. عذاب في الحياة وفي الممات

[JUSTIFY]قصة تخنق الحلق، ومشاهد تحكي الإهمال، ومناظر تستحي العين أن تراها، فإذا كان إكرام الميت دفنه، فإن هذا الدفن ينبغي أن يليق به وبحرمة موته.

يبدو الوضع هنا في مقابر (أحمد شرفي) بُعيد فصل الأمطار، مناقضاً لهذا (الإكرام)، زيارة واحدة إلى هناك تجعل جسدك يقشعر، فرط (أذى) تلك المشاهد، فقد تعرضت بعض القبور إلى الجرف بفعل السيول والأمطار، التي صارت حفراً عميقة بها فأضحت مأوىً للكلاب الضالة، فيما أصبح أخرى أثرا بعد عين، انمحقت تماماً، ثم نبتت عليها الكثير الحشائش والشجيرات الصغيرة.

تجريف الموتى

التقينا بالمشرف على المقبرة (هاشم مختار) فتحدث إلينا قائلا: الأمطار جرفت أكثر من ثلاثة آلاف قبر، فقمنا بالتعاون مع الدفاع الشعبي والخدمة الوطنية بردم أكثر من ألف منها، ومازال ثلثاها بحاجة إلى الترميم والتحسين. وأضاف: المقبرة الآن تحتاج إلى دعم كبير، لأن هذا العمل فوق طاقة المنظمة، صحيح أن هناك بعض الخيرين يساعدوننا في هذا العمل لكن الواقع يحتاج إلى جهد أكبر من ذلك بكثير.

(صهينة) رسمية

للسور قصة أخرى، أضحى عبارة عن حفرة ضخمة بها كمية هائلة من الأوساخ والنفايات خاصة الناحية الشرقية، حيث أصيب بتلف بالغ، وتفاقم الأمر بعد أن قام عمال هيئة المياه بالحفر تحت السور لمعالجة تسريب مائي ثم تركوا (حفرتهم) كما هي، فهطلت الأمطار وحدث ما حدث.

وكشف (هاشم) عن أنه خاطب الهيئة بهذا الخصوص أكثر من مرة، بل ذهب بنفسه إلى مديرها المهندس (جودة الله عثمان)، ولكن لم يحدث شيئاً، إذ لم يجد أي استجابة. واستدرك قائلاً: المهندس نفسه رآها حين حضر لتشييع أحد المتوفين، رغم ذلك ما زلنا ننتظر.

استطرد (هاشم): أما مساهمة المحلية في ترميم (مقبرة أحمد شرفي) التي تعد أكبر مقبرة في ولاية الخرطوم لم تكن بالحجم المطلوب الذي يغطي الحاجة الفعلية، فمساحة المقبرة الواسعة جعلت نقل الرمال إليها بغرض الترميم يحتاج إلى معينات مادية وبشرية كبيرة، والمحلية ساهمت بعشرة (درداقات) فقط، أما المنظمة (حسن الخاتمة) منحتنا (5) قلابات رملة، وبعض الخيرين تبرعوا بـ 6 قلابات، علاوة على أننا نتسلم هذا الدعم على مراحل، لضيق المكان، كما أن هنالك صعوبات أخرى لا زالت تواجهنا أهمها نوعية تربة المقبرة الصالحة لنمو الحشائش، وأغلبها من نوع (الضريساء) ما يجعل من سير الدرداقات عليها معضلة أخرى تحتاج إلى المعالجة.

دردقات بإطارات ركشات

اضطرت المجموعة المشرفة على العمل لاستبدال عجلات الدرداقات بعجلات ركشات حتى تتحمل هذه الطبيعة القاسية، كما أن كاميرانا رصدت مجهودات خاصة ببعض الأهالي، وهم يقومون بترميم مقابر موتاهم بعد أن تعرفوا على ما حاق بها من أضرار خلال زياراتهم.

يقول أحد هؤلاء الأهالي: حضرت لزيارة قبري والدي وعمي فوجدتهما بصورة صعبة وغير لائقة، جرفتهما مياه الأمطار وأحالتهما إلى حفر، انتظرت حتى توقفت الأمطار وجفت الأرض قليلا، ثم جئت لإصلاحها. من ناحية أخرى وجدنا بعض الزوار، وقد فوجئوا بما رأوا، ووعدوا بإصلاح مقابر ذويهم على نفقتهم الخاصة.

مكب للنفايات

على بوابة مقابر أحمد شرفي الشرقية نهض مشتل لبيع الزهور والورد والشجيرات، رغم غرابة الفكرة إلا أن نفايات المشتل غالباً ما ترمى داخل المقابر التي أصبحت مكباً لها، الأمر الملفت للنظر فى مقابر أحمد شرفى هو الاضاءة النهارية الساطعة، فكشافات المقابر كانت مضاءة عن آخرها (نهاراً جهاراً)، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الإهمال الواضح في الوقت الذي تحتاج فيه المقبرة إلى توفير (مليم واحد) بغرض ترميمها.

1410269230311 اليوم التالي
خ.ي
[/JUSTIFY]