محمد محمد خير

الانتصار بالدعاء!

[JUSTIFY]
الانتصار بالدعاء!

تمام الساعة الثامنة من يوم الثلاثاء الماضي، وقعت في مدينة البليدة بالجزائر، معركة الهوية والإسلام، لم تكن تلك المعركة بين حكومة إسلامية وفصيل علماني متمرد، ولم تكن سجالاً يستهدف الحكم بأفضلية، كانت مباراة في كرة القدم بين المنتخب القومي الجزائري ومنتخب بوركينا فاسو!.
الظروف التي جرت فيها المباراة سبقها خروج كل المنتخبات العربية، خرجت الأردن في مباراة الملحق مع أرجواي، وودعت تونس البطولة بعد أن تبادل محترفو الكميرون الفرص الصائبة في مرمى أبو القاسم الشابي فلم ينكسر القيد!.
كانت فرصة “أم الدنيا” ضئيلة لأنها خسرت في أكرا بستة أهداف كان من شأنها إنهاء حالة التوتر في مصر بإعادة الشرعية، لكن نواطير مصر وثعالبها كانت تعقد أملاً على مباراة أخرى تؤكد أن شباب مصر لا يعرف الاستكانة في اتجاه الأمل، غير أن النضال تكسرت فصعدت غانا وانزوى لسان عربي فصيح، وهكذا اكتسبت مباراة الجزائر بعدها القومي، وطابعها الحضاري ـ فصارت دون مقصاد الرياضة- تعني الانتصار للعروبة وعقيدة الإسلام. قبل الدخول في تفاصيل تلك المعركة القومية التي خاضتها الجزائر باسم المتنبي وأبى حيان التوحيدي يجدر بي أن أرسل تحية خاصة لحزب البعث العربي الاشتراكي في “القطر السوداني” على موقفه المبدئي من الجبهة الثورية وطروحاتها العرقية بالخلاف الذي أبرزه الحزب مع قيادة “الإجماع” فكلما شكت العروبة جرحها، هب العراق مطبباً ومشافياً!.
كان عرّيف تلك الموقعة المذيع حفيظ الدراجي الجزائري الذي يعمل لـ”قناة الجزيرة الرياضية” لم يكن الدراجي ينقل تفصائل مباراة طابعها التمريرات القصيرة والطويلة، بل كان يخاطب وجداناً عربياً إسلامياً وكان يقول بالحرف الواحد: هذه المباراة تخوضها الجزائر باسم كل “جريح في السودان” في تلك اللحظة أحسست بجرح يفتش عن جبهة نزفته، أحسست بعروبتي وإنتمائي لبهاء الثقافة العربية الإسلامية، فصرت أشاهد المباراة بجرح الهوية.
الله أكبر.. الله أكبر… لا إله إلا الله.. الله أكبر.. ولله الحمد.. لم تكن هذه التهاليل في مكة المكرمة.. ولم تكن في طواف الإفاضة كانت من إستاد البليدة بالجزائر.. كان يرددها المذيع حفيظ الدراجي الذي انصرف كلياً عن تفاصيل مجريات المباراة ولاذ بالمقدسات والأدعية والإنهاض القومي.. وكنت أردد من السودان من خلفه هذه التهاليل واستل من شاربي سيفاً!! في “دربكة” أمام مرمى بوركينا فاسو استجاب الله لدعاء حفيظ الدراجي بقدم “بوعرفه” الذي أحرز هدف العروبة فيممت حمير وقريش وجهينة الوجه صوب “ريودي جانيرو” الله أكبر.. الجزائر تأهلت ياعرب.. الله أكبر اللسان العربي مازال مبيناً.. الله أكبر.. يبقى المجد والشرف.
مع إطلاق صافرة النهاية كان حفيظ الدراجي يبكي بأعلى صوت ويضيع صوته لأن “العبرة سدت حلقو” أما أنا فكنت استذكر سطوراً في حب الجزائر كتبها واسيني الأعرج فيما كانت دمعة تراودني على نفسها!!.
[/JUSTIFY]

أقاصى الدنيا – محمد محمد خير
صحيفة السوداني