رأي ومقالات

خالد حسن كسلا : قانون لمشروع الجزيرة وانتظار السد

[JUSTIFY]جاء الحديث الآن وبالتحديد أمس الأول عن إعداد قانون جديد لمشروع الجزيرة خلافاً لقانون 2005م، كما أوضح ذلك رئيس لجنة التنمية الزراعية بالبرلمان السيد بلال عوض.

وإذا عدنا إلى قراءة القانون السابق نجد أن القائمين عليه بالفعل بذلوا جهوداً مضنية في التفكير القانوني لاخراجه بصورة تسهم في احتواء المشكلات التي نبتت في المشروع بعد زيادة التعداد السكاني. لكن رغم ذلك لم يكن هو العلاج الناجع. وذلك لأن مشكلات المشروع في الأصل ليست قانونية وإنما فنية. وحل المشكلة الفنية يكون بتوفير الإمكانات. فمثلاً نجد أن جزءاً عظيماً من المشروع يواجه مشكلات العطش، وهو القضية الكبرى لأن المزارعين يحتاجون إلى الري طبعاً، وتكلفة معالجات انسياب الري تبقى مكلفة جداً وتصل إلى عشرين مليون دولار، ولو وفرتها الدولة لعلاج هذه المشكلة «الريوية» سيدخل المشروع من الناحية التجارية سواءً بالتوزيع الداخلي أو الصادر في دائرة الخسارة.

فماذا سيفعل أي قانون لحل مثل هذه المشكلة؟ لن يجدي فتيلاً طبعاً فستكون نفس المشكلات قائمة إلا أن يتكشف النفط داخل أرض المشروع لتوجه بعض عائداته لدعم المشروعات الزراعية وتمويلها في مناطق أخرى.

قانون جديد بتوصيات من المنتجين والمزارعين واتحاداتهم وتكويناتهم وبناءً على ورش وسمنارات أعدت لاصلاح مشروع الجزيرة. هكذا تقول آخر الأخبار حول المشروع الذي لم يزد عرضه في مقابل زيادة الطلب بعد زيادات الاحصائيات السكانية. إن الناس يتعاملون مع المشروع على طريقة «كان كرومة وكان سرور» كما يتأسى البعض على زمان الفن الغنائي الجميل كما يرون. لكن الأمر هنا يختلف فمشروع الجزيرة كان إنتاجه كافياً ومشكلاته قليلة أو معدومة لقلة الناس مقارنة بأعدادهم وكثافتهم في السنوات الأخيرة. ثم إن الاعتماد على الدولة في مشكلات بعينها يبقى لا داعي له وانتظار الدولة لحله يبقى ضياعاً للوقت. نعم الدولة لها أدوار معينة في العمليات الزراعية بالمشروع «الشائخ» ومنها أدوار مهمة وملحة ومكلفة مثل معالجة آثار الطمي التي تتسيب في تعطيش مساحات واسعة تنتظر الري. ولعل مشكلة الطمي سيأتي حلها قريباً بعد الفراغ من إنشاء سد النهضة الإثيوبي. فهل سيلعب دوراً كبيراً في هذا الصدد. وسد النهضة يبقى مفيداً جداً في ثلاثة أمور هنا في السودان. واضافة إلى معالجة الطمي سيفيد البلاد بتقليل الفيضانات الهدامة وامداد بعض القرى السودانية بالتيار الكهربائي مثل ما يفعل الآن سد «تكزي» الإثيوبي الصغير. إن إثيوبيا أتت من عاصمتها عام 1972م اتفاقية أديس أبابا، وكانت هي الحل الأمثل لمشكلة الجنوبيين الوجودية، إلى جانب حسم فاتورة تكلفة الأمن والاستقرار بالنسبة للدولة. ثم من إثيوبيا انطلقت عمليات هدم هذه الاتفاقية بعد تمرد كاربينو وقرنق، فقد كانت أول معسكرات خارجية للتمرد هناك.

لكن فوائد سد النهضة الإثيوبي في السودان ستكون مستمرة طبعاً بخلاف اتفاقية أديس أبابا التي كان السودان محسوداً فيها. ومشروع الجزيرة يحتاج إلى واحدة من فوائد سد النهضة وليبق في انتظارها. لكن القوانين يمكن أن تفيد جانباً بعينه، لكنه ليس مربط الفرس، وقد يُثارحوله الجدل كما أثير حول قانون 20005م. مشروع الجزيرة ينبغي أن ينظر إليه بأنه بدا في أوضاع مختلفة جداً عن الأوضاع الآن. والمفروض إعادة هيكلته فنياً. وأن يكون له امتداد في البطانة مثلاً لأسباب أهمها زيادة السكان حوله وداخله.

صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]