مصطفى أبو العزائم

الذاكرة المتبددة..

[JUSTIFY]
الذاكرة المتبددة..

أكثر من ثلاث ساعات قضيتها يوم أمس، داخل مقر الاتحاد الوطني للشباب السوداني، تحديداً في ورشة أعدتها أمانة الإعلام عن السياسات الإعلامية للاتحاد في دورته الجديدة، وما حدث داخل الورشة من نقاش فني وتفصيلي قد لا يهم القاريء كثيراً، لكن الذي استوجب الوقوف عنده هو حرص أمانة الإعلام الجديدة – وعلى رأسها الأستاذ محجوب أبو القاسم – على الاهتمام بالكوادر الإعلامية الشابة ورفع قدراتها من خلال التدريب والتأهيل، وتفعيل الشباب بما يحقق التنمية والإنتاج، إضافة إلى رفع وتقوية الانتماء الوطني والبعد عن القبلية والجهوية.. ثم اهتمام الأمانة بالتوثيق ضمن أهداف عديدة، وفي هذا اعتراف بأننا نبدد ذاكرتنا ولا نحتفظ بالأحداث موثقة مثلما يفعل الآخرون.

كان ملفتاً أن يكون هناك اتفاق تام على نبذ القبلية والجهوية، والعمل قدر الإمكان للابتعاد عنها، رغم أن بعض السياسيين يجرجرون الناس جراً لتلك التهلكة، كأنما لم يعوا دروس انفصال الجنوب وأزمات دارفور المتلاحقة وعناوين نارية مشتعلة تارة تكون أزمة الشرق وجبهته، وتارة تكون أبيي وتارات النيل الأزرق وأخرى جنوب كردفان، وما لا نعلم من أحداث في رحم الغيب، لا يعلمها إلا الله.

والذي أثار اهتمامي الشخصي قضية التوثيق، وذلك دفعني إلى أن أتساءل بكل صراحة ووضوح: (مَن مِنّا يوثق لعمله أو حياته إن كان يعمل في مجال العمل العام، أو حتى المتخصص؟..)، قطعاً لا أحد يفعل ذلك، وبعدم وجود فعل التوثيق، نوصف بأننا أمة شفاهية، لا تدون تاريخها، ولا نجد توثيقاً إلا لدى قلة قليلة، أو في تقارير الدولة الرسمية، خاصة في المجالات الأمنية، وهذه قطعاً لا سبيل لها يقدمها للعامة.

تجربتي الشخصية في التوثيق، جعلتني أدوّن الأحداث، ومدى ارتباطها بي كصحفي يعمل في هذا الحقل الملغوم، وربما أكون قد سجّلت تجربة إنشاء «آخر لحظة» وإعادة إصدارها بتفاصيل دقيقة، شملت الاجتماعات الأولى، وشكل العلاقات القائمة بين الأفراد والشراكات، والتقارب والتباعد بين الشركاء، والتناقضات، والأطماع، وأشكال الصراحة الموجودة أو الغائبة، باختصار كل التجربة، بحلوها ومرّها، مع آراء صريحة وجريئة حول الناس والأحداث، بتفاصيل تصلح لأن تكون نواة لمسلسل تلفزيوني طويل.

كم تمنيت أن يقص كل من في يده القلم، قصة ميلاد صحيفته وعمله ونجاحاته وإخفاقاته، وتجاربه، وكذلك الساسة، وكل من عمل في المجال العام، لأن في الذي نكتبه (تنفيس) و(رأي شخصي) في الأحداث وصناعها، وقد يكون هناك بعض القسوة في الطرح، والجرأة في التناول، لكن كل ذلك مهم ليس على مستوى الشخص فقط، بل على مستوى المهنة.
[/JUSTIFY]

بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]