سياسية

هل ينجح “راديسون” في ما فشلت فيه “قاعة الصداقة”؟

[JUSTIFY]أديس الإثيوبية وتوقيع سوداني جديد وذات (الشاهد) أمبيكي حاضر وسط الرباعي (المهدي.. عقار.. غازي.. وأحمد سعد عمر) حضور المهدي برفقة عقار مع الوفد الذي غادر الخرطوم ممثلاً لآلية الحوار (6+7) من أجل الجلوس والتفاكر حول قضايا الراهن الوطني وحول مستقبل الحوار الاجتماع الأول تنبئ أخباره بأن حالة من التفاؤل سادت المجتمعين عقب جلسة المباحثات الأولى.

المشهد برمته يعبر عن حالة (انتقال) بعملية الحوار الوطني الذي ابتدر بلقاء (قاعة الصداقة) على مقربة من مقرن النيلين إلى فندق (راديس بلو) بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا وهو الانتقال الذي يهدف وبشكل رئيس إلى حقن (الحوار الوطني) بأنسولين الاستمرارية. فعضو وفد الآلية للمفاوضات غازي صلاح الدين رئيس حزب الإصلاح الآن المعارض تحتفظ له الصحف بالقول: “إن الحوار الوطني يعيش في غيبوبة” وإن ذهابه إلى أديس أبابا باعتباره مسؤولاً عن ملف الحركات المسلحة في آلية الحوار يعضد الخطوات في طريق التسوية السلمية للقضايا المختلف حولها (سودانياً).

لكن يبقى سؤال: هل ينجح فندق (رأديس بلو) في ما فشل فيه اجتماع قاعة الصداقة وهل تتحول عملية الحوار الوطني نفسها إلى عملية (مستوردة)؟ الإجابة عن سؤال ما يمكن أن يحدث مستقبلاً وما يمكن أن تفرزه نتائج المباحثات يتعلق بشكل كبير بما حدث قبلها. فغازي وسعد عمر يمضيان في مسيرتهما من أجل اللحاق بعضو آلية الحوار الوطني ورئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي. فـ(الردة) التي تبنتها الحكومة عقب إعلان الرئيس البشير خطاب (الوثبة) دفعت بالرجل لمغادرة سفينة التسوية من الداخل وهبطت طائرته في باريس موقعاً على ميثاق مع (الجبهة الثورية) التي يلتقيها الآن غازي ورفيقه برعاية من الآلية الافريقية وبمباركة من الخرطوم، مباركة لم يرتفع بها الصوت كما كان يحدث سابقاً ولكن في ذات الوقت لم تطلها ألسنة النقد والرفض.

نقل الحوار إلى أديس أبابا يرى البعض أنه قد يتواءم مع ما طرحته الحكومة في سبيل سعيها الدءوب من أجل الوصول إلى تسوية مع كل فرقاء المشهد السوداني بينما ينظر إليه البعض بأنه محاولة منها لإثبات حسن النية مع المجتمع الدولي وتغذية رصيد الثقة بينها والمعارضة المسلحة من جانب. وهو ما يمكن أن يصب إيجابياً في الوصول إلى الاستقرار الشامل باعتباره مطلوب المرحلة في البلاد.

يبدو حمل الحقائب والذهاب بها لأديس وكأنه اعتذار عما حدث في المرحلة السابقة واعتراف بقصور يمكن معالجته. لكن المشهد في أديس أبابا لا يمكن فصله بأي حال من الأحوال عن عموميات المشهد السوداني الآن ويمكن قراءته أيضاً من خلال وجود الإمام الصادق المهدي هناك بمعية المبعوث أمبيكي، فاللقاء بين الحكومة والجبهة الثورية يبدو وكأنه قطع للطريق أمام ميثاق باريس وبالتالي تحجيم لدور الإمام الصادق المهدي الذي وجد مكانه في الضفة الأخرى من النهر بعد أن كان لضفة (الوطني) أقرب.

ويمكن أن تساهم الخطوة الجديدة من هناك في تقليل حدة الاحتقان والمساهمة في إيجاد حلول خصوصاً في ظل بروز اعتراف وإن كان ضمنياً من المجتمع الإقليمي بالجبهة الثورية واعتبارها أحد مكونات المستقبل السياسي في السودان، بحسب ما يقول المحلل السياسي الدكتور خالد التجاني الذي يبدو مستغرباً من الخطوة الأخيرة التي يمكن أن تضيف على المشهد السوداني مزيداً من التعقيدات. وهي تعقيدات سيجد الوطني نفسه مواجها بها.

التجاني يرحب بتوجه الخرطوم إلى عدم التصعيد, ولكنه لا يراه كافيا بالطبع إن لم يرافقه تفاهم مع السيد الصادق المهدي, فكيف يتم التفاوض مع الحركات التي وقع معها المهدي وتتجاوزه, بيد أن سيناريو ترك الأمر كله للجنة الحوار الوطني دون توفير ضمانات جدية لإنجاح مسعاه تعني أن الغرض هو امتصاص هذه الضغوط بأكثر من الخضوع لها, وفي هذه الحالة فإن رد الفعل من الأطراف الأخرى داخلياً وإقليمياً ودولياً هو الذي سيحدد مسار هذا الطريق. ولم يستبعد التجاني لجوء الحكومة للخطة (ب) أو يمكن تسميته بخيار “الانتخابات أولاً” مع إبقاء باب “الحوار الوطني” مشرعاً على احتمالات مفتوحة وعلى الأصعدة كافة.

الاحتمالات غير المحسومة ربما تظل من العوامل التي تطارد مشهد أديس أبابا الآن مع احتمال أن ينفض سامر المجتمعين دون الوصول إلى غاية ينتظرها السودانيون وهو المشهد الذي يعيد ما حدث في قاعة الصداقة وتكون نهايته بأن (ما عجزت عنه الخرطوم فإن أديس عنه أعجز) لكن في المقابل فإن المتفائلين يرمون بثقلهم على أدوات الدفع القادمة من الخارج من أجل حث السودانيين على الاتفاق على الحوار والعمل على عدم تضييع فرصة ربما تكون الأخيرة

اليوم التالي
خ.ي[/JUSTIFY]