اشتباك بالأيدي والكراسي .. عندما تغيب الحكمة
ما حدث في مؤتمر شورى حزب المؤتمر الوطني بمحلية المناقل من أعمال عنف وشغب واستخدام للكراسي واشتباك بالأيدي، لا يخرج من هذا الإطار وليس بغريب على مؤتمرات الاحزاب و شورى الوطني، والذاكرة تعج بالملاسنات اللفظية في البرلمان السوداني ولكنها لم تصل الى مرحلة الضرب، وقد أعادت الواقعة الى الأذهان اعتداء القيادية بالحزب الشيوعي فاطمة أحمد إبراهيم على النائب الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم أحد أركان نظام الرئيس الأسبق جعفر نميري، في أول سابقة من نوعها ويقال انها تقدمت نحو المقعد الذي يجلس فيه وضربت الطاولة امامه وابعدت عنه المايكرفون وأوسعته سباً ولم يحرك ساكناً. اضافة الى ذلك التهديد الذي تعرض له ياسر عرمان عندما كان نائباً برلمانياً فقد ادعى عرمان ان النائب ياسين قد أشهر له مسدساً تجاهه كان يقوم بتعميره أثناء الجلسة وهدّده، فاشتكى عرمان إلى رئيس البرلمان ليتم منع النواب بعدها مباشرة من الدخول بالأسلحة إلى قبة البرلمان، وكذلك حادثة البرلماني المثير للجدل حسب الرسول عندما وصل مستوى النقاش بينه ووزير الصحة ابو قرده في قضية «الواقي الذكري» الى مرحلة المشادات اللفظية، والمعلوم أن الساحة السياسية عندما تتحول الى ساحة لتبادل الشتائم والعمل على اسقاط الاخر يعكس مدى تعمق الازمة، وبحسب مراقبين للوضع فهذه الحادثة لا تعد الاولى فقد سبق وأن شهدت ولاية الجزيرة اعمال شغب خلال انعقاد المؤتمر الوظيفي الثالث للوطني، نتج عنه انقسام في القيادات الحزبية بالولاية.
وعالمياً شهد البرلمان الأوكراني مشاجرة عنيفة بين نواب من المعارضة المدعومة من الغرب وآخرين مناصرين للرئيس الحالي، وذلك أثناء مناقشة مشروع قانون لزيادة العناية بلغات الأقليات في البلاد.
ويرى أستاذ في العلوم السياسية ان القضية لا ترقى إلى حجم الظاهرة، فهي تتوسط المسافة بين أن تكون حوادث فردية أو جماعية منظمة مؤكّداً أن التعبير تتعدّد أنماطه باليد والقلب واللسان، وقد يختار المجتمع واحداً من ذلك، مشيراً إلى أن البرلمان السوداني يجوّز بعض الشتائم رداً على من يبادر بها، ولكنّه لا يقرّ مبدأ الاعتداء، ولم تشهد البرلمانات السودانية حوادث عنف سوى تلك المتعلقة بالملاسنات والعنف اللفظي الذي كان سائداً في حقب الديمقراطية، مؤكداً أن بعض الأحزاب كانت في الماضي تعبئ كوادرها ضد الخصوم ولكن اليوم أصبحت الجماهير واعية وتدرك مآلات الإقدام على أي فعل مشابه. وبدوره وصف الاستاذ عبدالله آدم خاطر المحلل السياسي الظاهرة بالايجابية والمبشرة، وقال انها دعوة لتجديد الوضع السياسي بالبلاد واضاف ان المؤتمر الوطني بدأ يفقد السيطرة على الجماهير التي كان يسيطر عليهم بالمال والعقيدة والسياسة، موضحاً أن كل الأحوال أضحت واضحة تماماً فاصبح الفكر هو الاساس في التحولات السياسية خاصة في موضوع الشورى، وتحول العنف المدخر للآخرين الى العنف ضد الذات.
وقال أن هذه الظاهرة تمتد ولكنها ستنتهي في مرحلة من المراحل الحالية من تاريخ السودان، وهي ظاهرة ايجابية تعبر عن حرية الفكر والحوار والنقاش حتى لو كان بالعنف، مؤكداً انها افضل من الاغراء بالمال والعقيدة ويؤكد خاطر أن ما تشهده البرلمانات العالمية من عنف وضرب ومشادات لفظية، يكون العنف فيها لفظياً وعضلياً لقضايا محددة، مؤكداً أنها ظاهرة مبشرة بالخير وأن الحوار سيسود، مقراً بان مسألة العنف في طريقها للزوال، واضاف ان من اهم اسباب هذه الظاهرة فقدان الثقة بين القاعدة والقمة.
صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]