سرقتها التكنولوجيا: براءة الأطفال.. بلاغ تحت عنوان خرج ولم يعد
أسباب كثيرة سهلت الغزو التكنولوجي، أهمها وأعظمها تغيُّر مفهوم التربية لدى الأمهات والآباء بادعاء الرقي والتطور، ما جعلهم يدأبون على إلهاء الأطفال عبر الأجهزة الإلكترونية بشتى أنواعها (ألعاب فيديو، موبايلات، إلى آخره)، الأمر الذي يضيق مساحة التواصل بينهم، ويعلي من قدر (الفردانية)، لذلك كان لابد لنا من أن نسلط بصيص ضوء على هذه الظاهرة التي تعمل بدأب على قتل روح الطفولة في أبنائنا مع مرور الوقت.
إذن، فلنبحث معاً، عن الأسباب التي جعلت الأسر متقاعسة إلى حد كبير عن رعاية أبنائها وإلهائهم بالتكنولوجيا؟ ولنطرح عديد الأسئلة حول التأثيرات السلبية والإيجابية لهذه الظاهرة؟ وكيف يمكننا استعادة الروح الطفولية البريئة مجدداً؟
ما وراء الظاهرة
أرجعت (صفاء محمد المصطفى): انشغال الأسرة عن رعاية أبنائها إلى التكنولوجيا نفسها بجانب قضاء ساعات أطول في العمل من أجل توفير لقمة العيش، واعتبرت (صفاء) أن للتكنولوجيا إيجابيات بقدر ما لها من سلبيات، إذ تجعلهم يطلعون ويتعرفون على العالم من حولهم ويواكبونه، لكن أهم سلبياتها وأخطرها، بحسب (صفاء) هي أن التكنولوجيا تسرق براءة الأطفال، ولكن يمكننا استعادتها فيما لو أولى الأبوين أطفالهم بعض الرعاية، ومنحوهم بعض الوقت بالجلوس إليهم والتحدث معهم.
عزلة وانسحاب من المجتمع
من جهته، عزا الكاتب (محمد الخير حامد) إفراط الأطفال في استخدام التكنولوجيا إلى جهل الوالدين بالآثار السلبية المترتبة على ذلك، هو ما يجعلهم يتخلصون من إزعاج أبنائهم عبرها، فيتركونهم أوقاتاً طويلة يتداولون الألعاب، متناسين آثارها السلبية التي أثبتتها الدراسات والبحوث. وأضاف (محمد الخير): بالطبع هنالك آثار إيجابية مثل تنمية المهارات وتدريب العقل على سعة الخيال، وتفتح الآفاق، والتعلم والتطور المستمرين، لكن إذا ما وصل الأمر مرحلة الإدمان فإن النتيجة ستكون حتماً سالبة، وبالتالي تؤثر في الأطفال صحيا ونفسيا وتصبح سبباً مباشراً لأمراض عديدة كالعزلة والسرحان والانسحاب من المجتمع. واستطرد (الخير) قائلا: يجب على الآباء والأمهات الاهتمام بأطفالهم والمزاوجة بين البرامج العديدة، ما بين الخروج بهم للترفيه وحثهم على الاختلاط المستمر ببقية الأطفال، وما إلى ذلك من وسائل أخرى.
وفي السياق ذاته، اعتبرت (وفاء نور الدائم) الطفل السوداني مظلوماً، إذ يتهافت والداه للصعود به إلى أرقى مستويات العولمة، إيجابية كانت أم سلبية، متناسيين تربيته بصورة سليمة. وأردفت: العيب ليس في الطفل بل في من يساعده على اقتحام هذا المجال، وعدم توعيته بالمخاطر التي تحدق به جراء ذلك.
ثقافة العري
إلى ذلك اعتبرت (غادة حمدي) التأثيرات السلبية الناجمة عن استخدام الأطفال للتكنولوجيا، أكثر من الإيجابية، وبررت ذلك بأن التقنيات الحديثة منفتحة على ثقافات عديدة، وعلى موضوعات لا تتناسب مع البنية النفسية للأطفال، ولا مع أعمارهم، وأن الاطلاع عليها يمثل خطراً داهماً حتى أفلام الكرتون التي يُبث فيها الكثير من العري والاختلاط وقصص الحب بين الصغار.
وأضافت: عدم مراقبة الأم لما لأطفالها خطأ تربوي لا يغتفر. وانتقدت (غادة) الأسر، وخاصة الأمهات اللاتي يلجأن لإلهاء الأطفال عبر حثهم على مساهدة كل شيء، واعتبرت ذلك تخلياً للأمهات عن دورهن في رعاية الأبناء، وتركهم نهباً لما أسمته بالإعلام الخبيث، ونصحتهن برقابة أبنائهن والاطلاع على المواد التي يشاهدونها أو يلعبون بها، وناشدت من أسمتهم بالمخُلصين من أبناء الوطن بالوقوف صفاً واحداً وبقوة ضد الاستخدام غير المرشد والسلبي للتكنولوجيا، وذلك عبر النهوض بتوعية الناس عبر وسائل الإعلام
اليوم التالي
خ.ي