أبـيي .. أحــداث في يــوم الزيـــارة!
توجد منذ أمس في منطقة أبيي، بعثة رسمية من الإتحاد الإفريقي، تمثل مجلس السلم والأمن الإفريقي تتكون من أربعة عشر سفيراً من الدول الإفريقية المكوِّنة للمجلس بالاتحاد وستة من كبار موظفي المجلس، وهذه الزيارة تأجلت من قبل حيث كان مقرراً لها الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر الماضي واعتذرت حكومة السودان عن استقبال هذا الوفد وتم إرجاء الزيارة إلى الخامس من نوفمبر الجاري.
وبالرغم من موقف مفوضية الإتحاد الإفريقي القوي من استفتاء دينكا نقوك الأحادي ورفض الاعتراف به، إلا أن شبهات أُثيرت حول موعد الزيارة السابق المتزامن مع موعد الاستفتاء الأحادي الذي تم في السابع والعشرين من الشهر الماضي، ولم تسلم هذه الزيارة أيضاً في توقيتها من بعض التساؤلات المشروعة والشبهات.. لكنها في النهاية تمت بموافقة حكومة السودان.
صاحبت هذه الزيارة أحداث غريبة ومؤسفة يجب التوقف عندها وقراءة ما وراءها بدقة وحذر، فقد هاجمت مجموعات من غلاة دينكا نقوك وخاصة عضوية الحركة الشعبية في المنطقة وأعدادهم تتراوح ما بين خمسمائة إلى ألف شخص، مقر بعثة اليونسيفا «القوات الإثيوبية» التي تتولى تأمين المنطقة والفصل بين الأطراف، وحاولت هذه المجموعات الوصول إلى وفد مجلس السلم والأمن الإفريقي الذي يُقيم هناك، وكان هذا الوفد يتأهب، بعد جولة وطواف استمر لساعتين في مدينة أبيي، لمقابلة قيادات دينكا نقوك في اجتماع تم الترتيب له داخل مقر البعثة، بالرغم من مخالفة ذلك للاتفاق الذي أُبرم مع الرئاسة المشتركة لإدارية أبيي «أجوك» القاضي بعدم عقد أي فعاليات شعبية وجماهيرية ولقاءات داخل مدينة أبيي منعاً للاحتكاكات المحتملة أو بروز مشكلات ومواجهات بين المسيرية ودينكا نقوك، وحدد للاجتماعات واللقاءات الشعبية للوفد مع الطرفين أن تكون في مناطق خارج المدينة، دينكا نقوك في منطقة «أقوك» جنوب بحر العرب، والمسيرية في منطقة «دفرة» شمال بحر العرب..
ولأسباب غير معلومة قرَّرت بعثة اليونسيفا الموجودة داخل مدينة أبيي، عقد لقاء قيادات أبناء دينكا نقوك مع وفد مجلس السلم والأمن الإفريقي داخل مقرها في أبيي، وفي ذلك مخالفة لصريح الاتفاق مع الرئاسة المشتركة «أجوك»، ومع ذلك لم يلتزم دينكا نقوك ولا قياداتهم بواجب احترام البعثة الإفريقية الرفيعة، فهاجموها وخلعوا البوابة الرئيسية للمقر ولولا اضطرار القوات الإثيوبية لاستخدام الرصاص الحي وتفريق المجموعات المهاجمة لحدث ما لا تُحمد عقباه..
السبب الرئيس في ذلك أنَّ مجموعات دينكا نقوك التي يقوم بتحريضها دينق ألور وبقية قيادات الحركة الشعبية من أبناء أبيي، وجدت أن موقف الاتحاد الإفريقي الرافض للاستفاء الأحادي الذي أجرته قبيلة دينكا نقوك حول تبعية المنطقة، فيه إضعاف لقضيتهم وإبطال فوري لمفعول الاستفتاء الذي وُلد في الأساس ميتًا وبلا مفعول يُذكر، ولذلك ثارت حالة الغضب وتم تحريض هذه المجموعات لتعبِّر عن ردة فعل عنيفة تجاه وفد مجلس السلم والأمن الإفريقي الزائر للوقوف على مجمل الأوضاع في أبيي.
في كل الحالات يجب النظر في الأساس ليس للغضب الذي يجتاح دينكا نقوك من موقف الإتحاد الإفريقي، ولكن إلى الجهات الدولية وداخل دولة الجنوب في الفضاء الإفريقي التي تشجع على مثل هذه الأفعال الأحادية والتشنجات والجرأة على وفد مجلس الأمن والسلم الإفريقي.. ولماذا تعجز حكومة دولة الجنوب عن لجم التصرفات الصبيانية لبعض قياداتها وإلزامهم بموقف الدولة الجنوبية المعلَن، ومعروف طبيعة وكيفية القرار وتنفيذه في هذه الدولة.. فإذا كانت حكومة السودان استطاعت تهدئة الموقف وضبط النفس نوعاً ما مع اعتراضنا على درجة ومستوى هذا الموقف الذي نراه ضعيفاً للغاية وليس فيه مساندة قوية للمسيرية، فعلى حكومة الجنوب أن تكون أكثر وعياً والتزاماً بمصالحها ومصالح شعبها مع السودان الذي تريد مجموعات داخل أبيي وخارجها جعلها منصة لضرب علاقة البلدين التي تبدو حتى الآن مرهونة بالتزامات متبادلة بين قيادتي البلدين…
[/JUSTIFY]
أما قبل – الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة