خالد حسن كسلا : زيارة «مشار» هل أبيي سودانية؟!
السودان عنده قضية أبيي أهم من قضية الحكم في جوبا، ولذلك لا بد من أن يطرح أمام مشار السؤال عن تصريحه أيام اشتداد الحرب ضد جوبا وحالة الاستقطاب التي تصريحه حول تبعية «أبيي». فالرجل كان يقول إنها تتبع لجنوب السودان بعد انفصاله، ويقول هذا بدون علم ولا هدى ولا كتاب منير.
والحكومة هنا يمكن أن تتعامل مع زيارته أو معه شخصياً إذا زار البلاد علناً أو سراً كما قالوا إنه زارها سراً بمعزل عن تصريحاته باعتبار أنها كانت لغرض معين، والغرض مرض كما يقول المثل. وتقدير الحكومة وتفهمها لتصريحات مشار بشأن أبيي أيام «الكتمة» التي ألمّت بالحركة الشعبية، نحن نستوعبه، لكن مثل مشار الذي يتاجر بالتصريحات حول تبعية «أبيي»، لا أرى قيمة لزيارته في إطار العلاقات بين البلدين.
وإن كنا ننظر إلى ضرورة استقرار دولة جنوب السودان الوليدة من أجل استقرار الاستثمار في إنتاج النفط الذي يستفيد منه السودان، فإن أي اتفاق مستقبلي بين الفرقاء في جوبا تستفيد منه بالدرجة الأولى الحركات المتمردة ضد الخرطوم، وما ستناله الخرطوم من عائدات رسوم تمرير النفط الجنوبي وآخرها مائة وخمسون مليون دولار لن تغطي فاتورة الحرب التي تجد إشعال نارها التمويل والدعم من حكومة الحركة الشعبية في جوبا.
والخرطوم ليست هي التي تحدد جدول وقف إطلاق النار في جنوب السودان، فهذا تحدده واشنطن بمعادلة معينة في المنطقة لصالح السياسة الخارجية الأمريكية.
زيارة مشار ترى لماذا؟ هل ليكسب السودان وضعاً إقليمياً يليق به تجاه قضايا القارة الإفريقية؟! بماذا سيستفيد من هذا الوضع الوهمي وهو يرزح تحت عقوبات اقتصادية أمريكية ويعاني من محاولات استرداد حلايب وأبيي.
إن مثل مشار إذا زار السودان ضيفاً أو حضر إليه لأنه يملك فيه عقاراً فخماً مثلاً فهذا شأنه، أما السودان فلا حاجة له إلى زيارته، تذهب أموال نفط الجنوب إلى المتمردين ودعم الفرقتين التاسعة والعاشرة التابعة للجيش الشعبي بقيادة سلفا كير لضرب السودان منذ إعلان انفصال جنوبه، لكن هذه الأموال تبخل جوبا بها على المتأثرين بالسيول والأمطار في المدن والقرى السودانية بمن فيهم أبناء الجنوب الذين أكثروا الإقامة هنا بعد انفصال إقليمهم أو من عادوا مع موجة العودة العكسية بعد أن اختبروا شعارات الحركة الشعبية الجوفاء.. فقد وجدوا أن «السودان الجديد» يعني الصومال الأخرى هنا في السودان. إن مشار سيعود إلى جوبا إذا أمد الله في أجله، ولن يخذل «قطاع الشمال».. ستعود «حليمة لقديمها»، وسيستثمر مشار حينها تصريحه حول تبعية «أبيي» إلى جنوب السودان.
ربما يحسب مشار تصريحه بمنطق أن المصريين الذين يحتلون حلايب التي لم تكن تابعة لمحمد علي باشا قبل فتح السودان، يقولون إنها مصرية. لكن هل جلس الرجل الذي أدمن تجارة التمرد لنفرز له الأوراق لكل قضية؟ إن المنطقتين سودانيتان.
صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]