سياسية

كارثة صحية: لماذا لا يتوقع متضررو السيول غيث الحكومة؟.. لأنها ذات حكومة العام الماضي

[JUSTIFY]في (صالحة) حيث لا شيء يصلح للحياة غير الذباب والحشرات التي تتكاثر يوما تلو آخر، كان طفلا ما، على أنقاض منزل ما، يمسك بقطعة خبز بيده اليمنى بينما كانت اليسرى منهكة من هش الذباب، وعلى مقربة من جرذ نافق غير بعيد من قط على حافة جدار متداع، كان يسوِّر مرحاضا هتكته الأمطار وتوابعها من السيول قبل أن تختلط مخلفاته بمائها، ما يجعل النتيجة الحتمية لهذا المشهد العبثي كارثة صحية، بدأت صيحات التحذير منها تتعالى من المواطنين والمختصين على السواء .

بجولة بسيطة في المناطق المتضررة يمكن أن تتيقن أن الأولوية الآن هي رش وتصريف المياه الراكدة، والتي في طريقها لأن تكون “حاضنة مثالية لكثير من الباعوض والحشرات الناقلة لأمراض الإسهال المائي والتايفويد والملاريا” كما يقول الخبير في صحة البيئة أبو ذر محمد عبدالله الذي يشير أيضا إلى تأثيرات “نفوق الحيوانات وانهيار المراحيض”.

وما يحذر منه عبد الله هو عينه الذي يسيطر على محمد صالح الذي لا يبدو مكترثا لفقدان منزله رغم أنه أنفق 10 أعوام لتشييده وهو يقول “الكارثة ليست في انهيار منازلنا، لكن في أننا موعودون بكارثة صحية بسبب تكاثر الذباب والباعوض والحشرات وانهيار غالبية المراحيض”.

وبشيء من الأسى، يكمل عبد الله الحسين ما بدأه جاره صالح “يبدو أن الأمر سيتفاقم لأنه لا توجد أصلا شبكة صرف صحي لتصريف هذه المياه التي يصعب تصريفها بالطلمبات”.

وفيما أعلنت حكومة الولاية أنها شرعت في رش المياه وتفريغها بالآليات مع نشر الفرق الصحية ونصب عيادات للطوارئ، يقول صالح متعجبا بسخرية “الفرق الصحية التي يتحدثون عنها لا وجود لها إلا في وسائل الإعلام”.

والمخاوف الصحية التي تسيطر على المتضررين الآن يمكن اختزالها عند الحاج جابر الذي يتمتع بصحة جيدة رغم سنواته السبعين، اتكأ عليها ليقول وهو يشير إلى صبية كانوا يلعبون بقطع من الطين كانت حتى وقت قريب لبنات من المنزل المتداعي “أنا ﻻ أخاف من الموت بعد كل هذا العمر، لكن ما أخافه هو أن يموت أحفادي بالوباء”.

بالمقابل يوجد من يطمئن جابر على مستقبل أحفاده حتى الآن على الأقل – حيث يقول رئيس نقابة الأطباء بمسشفى الخرطوم محمد عبد الرازق إنه “لم تسجل حالات إصابة بإسهال مائي حتى الآن” وإن كان لا يستبعد ظهور إصابات بالملاريا بسبب ازدياد الباعوض وهو ما ينطوي على خطورة عند الالتفات إلى إحصائيات منظمة الصحة العالمية التي تقول إن 50% من الذين يموتون بسبب الملاريا حول العالم في السودان.

ومن بين كل هذا فإن سبب الامتعاض الحقيقي بالنسبة لغالبية المتضررين هو ما ينبه إليه النور علي متسائلا “الخبراء يحذرون منذ عدة أعوام من تغييرات مناخية لمسناها عمليا العام الماضي، فلماذا لم تتدخل الحكومة وتشيد شبكة صرف صحي تستوعب الزيادة في معدل الأمطار”.؟

وبالطبع لم يكن النور ينتظر إجابة من فرط هذه في الحكومة وهو يختم حديثه “لا أنا ولا جيراني نتوقع أي دعم من الحكومة لسبب بسيط يتمثل في كونها ذات حكومة العام الماضي التي تركتنا في العراء”.!

اليوم التالي
خ.ب[/JUSTIFY]