رأي ومقالات

عصام الحسين : ملثمو الخرطوم .. الرأي والحقيقة

[JUSTIFY]لا أجد في الحوادث والنكبات المتصلة والتي تشهدها الخرطوم، تبرِيراً للسجال الحادث الآن ـ ذاتياً وانفعالياً ـ ولعل من أهم إفرازاته خلط الرأي بالحقيقة وتغييبها بحيث يصعب التمييز بينهما ـ هذه فلسفة تخصني وعلم ببواطن الأُمور لا يقل عنها خصوصية ـ فالأحداث في بلادي مبذولة، لكن الناس يفهمونها كما يستطيعون لا كما ينبغي أن تُفهم، ثم يبالغ (محرضون) في إكبارها وإجلالها إلى حد يشبه التقديس، حتى إذا قاد (مصلحون) حملة تصحيح لبيان الحقيقة ودحض الرأي المخدوم، لم يجدوا آذان تسمع، وألباب تتحسب لعواقب الأُمور. ولكي لا نُؤخذ بالضعف الذي يأخُذ الرجال في حال غُيبت الحقيقة، لا بد من إضافة حرف على سبيل المساهمة في انتشال الذين هم في وهدة من اليأس الناتج عن الجنوح إلى اللامعقول للتخفيف من غلواء العقلانية، ولا بد كذلك من تنكيس شعار التخطي الذي يجعل أجيالاً في حالة انفصال عن الواقع. لذلك دعوني أقول إن الأسباب تسبق النتائج، وعندما يتلازم متغيران أو يرتبطان، فلا ينبغي افتراض وجود علاقة سببية بينهما لأن هناك تفسيرات أُخرى محتملة، وبإسقاط هذه الفرضية على أرض الواقع يلزمنا طرح بعض النماذج.

أولاً: إن كان رهط من قادة الرأي وكتاب الأعمدة عابوا على الأستاذ عثمان ميرغني موقفه من دولة الكيان الصهيوني، فليس من المنطق ربط هذين المتغيرين بما تعرض له المذكور من اعتداء مستهجن كما يحاول الذين يخلطون الرأي بالحقيقة.

ثانياً: إن كان بيان حزب المؤتمر السوداني ارتكز على قيام (ملثمون يرتدون بدل سفاري) بالهجوم على دار الحزب في الرابعة صباحاً والاعتداء بالضرب على سبعة من كوادره والاستيلاء على هواتفهم، وكان المعتدون على الصحفي عثمان ميرغني ملثمون أيضاً، فليس من الحكمة محاولة إلصاق الحادثين بجهة معينة كما يجتهد الذين يخلطون الرأي بالحقيقة.

ثالثاً: إن كان الاعتداء قتلاً على رجل الأعمال المهندس هاشم سيد أحمد أمام منزله بالجريف تم بدافع السرقة، وكان البعض يروج لقيام (ملثمون) بهذا الفعل المنكر، فليس من الكياسة الركون لربط الحادثة بقضية شركة الأقطان لجذب الأنظار ناحية أُناس بعينهم لاعتبارات باتت معلومة حتى للذين بدلوا الرأي بالحقيقة.

نعم.. الأسباب تسبق النتائج، وأنا أعلم أن للحياة أطوار.. وأن الجريمة تتطور في هذا المناخ لتمتد الأيادي لفعل لا يترك أثر، مما يتطلب ابتكار أدوات وأساليب تكشف الغموض حتى لا يجد أصحاب الرأي سانحة في ظل غياب الحقيقة، أقول ذلك وعهدي أنني على ما أنا عليه من وفاء للحقيقة، سانداً ظهري على أحد أعمدتها داعياً الناس: استجابوا أو استهانوا.. ومرجعيتي في ذلك: ما عليك إلا البلاغُ المبين.

صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]