عالمية

أمهات غزة..يقفزنّ بصغارهنّ سبعة حوائط

[JUSTIFY]تصرخ “نهى أسعد”، بكل ما تملكه من صوت” فزعا” و”خوفا”، من الشظايا التي غمرت غرفة نومها، بفعل القصف الإسرائيلي لأحد المنازل المجاورة لبيتها.

وتهبّ أسعد “32 عاما”، والأم لطفلتين “توأم”، لاحتضناهما رعبا من تحولهنّ إلى أرقام عاجلة، تزيد من عداد دم ضحايا الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة لليوم 24 على التوالي.

وتود أسعد كما تقول، لوكالة الأناضول لو أنهّا تتحول إلى “قطة”، كي تحمل صغارها وتقفز بهم من حائط إلى آخر هربا من الموت.

وتُضيف وجسدها يرتجف:” لم أعد أحتمل، الموت يلاحق أولادنا، في كل مكان، في الشارع، والبيت وغرفة النوم، أريد أن أقفز بهم بعيدا، تماما كما تفعل القطة الخائفة على صغارها”.

ومنذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، لا يكاد يمر يوم دون أن يتحول عدد من الأطفال إلى أخبار عاجلة في قصف يحوّل أجسادهم إلى أشلاء، وقطع متفحمّة.

وأول أمس قتل 10 أطفال، وأصيب 45 آخرين بجراح بعضهم خطيرة في قصف إسرائيلي، استهدف منتزهًا في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.

وشرعت إسرائيل قبل 23 يومًا، بشن حربٍ على قطاع غزة أطلقت عليها اسم “الجرف الصامد”، وتوسعت فيها الخميس الماضي(17 يوليو/تموز) بتنفيذ توغل بري، مصحوباً بقصف مدفعي وجوي وبحري كثيف، أدى إلى مقتل أكثر من 1300 فلسطيني، وجرح أكثر من سبعة آلاف آخرين، بينهم 287طفلا، وفق تأكيد مصادر طبية فلسطينية.

وتضع الطفلة “سنابل عاشور” ابنة الستة أعوام، يديّها على أذنيها، كما لو أنهما “ملتصقتان منذ الولادة، فصاحبة الجسد الغضّ، المرتجف خوفا من الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، لا تُزحزح يديها في محاولة بريئة منها لإخفاء أصوات القصف العنيف والغارات المتكررة ليل نهار.

وتقول والدتها “دعاء” لوكالة الأناضول، إنّ طفلتها على هذه الحالة منذ أول يوم للحرب قبل 22 يوما، وكلما أرادت إنزال يديها بدأت في الصراخ بشكل هستيري.

وتتابع:” الأمر بات أكبر من أن يتحملّه أطفالنا، فهم لا يأكلون، ولا تعرف عيونهم طريقا للنوم، ولو ابتعدنا قليلا عنهم، يصرخون خوفا”.

وأين ستذهب بأطفالها هربا من الموت، الذي يحوم في كل مكان، كما تقول منى سعيد الأم لثلاثة أطفال.

وتُضيف لوكالة الأناضول:” طفلتي نور 6 أعوام، تصرخ فزعا في كل ليلة، من أصوات القصف التي تهز أرجاء المنزل، بالأمس أخذت تبكي، وجعلتني أبكي معها عندما قالت لي (ماما رجعيني (أعيدني) لبطنك بديش (لا أريد) أن أموت”.

وكأنهم باتوا هدفا رئيسيا للطائرات الإسرائيلية، فأطفال غزة يقتلون في كل دقيقة، كما يقول “حسام عبيد” (37 عاما) الأب لطفلتين.

ويُضيف لوكالة الأناضول:” بالأمس وبعد زيارة خاطفة قام بها أقارب لنا، أخبرّتهم بتوخي الحذر، وعدم المشي في جماعة، وأن يتفرقوا في السير، فمازحني أحدهم ( ليس معنا طفل)”.

ولا تغدو تلك العبارة مزاحا كما ترى “سمية إبراهيم” وهي أم لثلاثة من الأطفال، إذ تؤكد لوكالة الأناضول، أن صغار غزة باتوا هدفا لطائرات إسرائيل.

وتُضيف:” وكأن الحرب شُنت، لأجل قتل هؤلاء، وسحق طفولتهم وبراءتهم، فقدوا كل معالم الحياة، تتحول أجسادهم إلى أشلاء، وشبح الموت يُلاحق أرواحهم البريئة”.

وما تحمله أياديهم من دُمى، وألعاب، وما تركله أقدامهم من كرة قدم، هي عبارة عن أهداف لإسرائيل وفق الأب سالم النمرة، والذي يُضيف ساخرا:” ماذا سنفعل؟ أين سنذهب بأطفالنا، يلهون يقتلونهم، ينامون يقصفونهم”.

وهذه الحرب لم تخلف آلافا من القتلى والجرحى، وحسب كما يقول درداح الشاعر أستاذ علم النفس بجامعة الأقصى بغزة، بل تكفلت في قتل وإبادة الطفولة.

وأضاف الشاعر في حديث لوكالة الأناضول:” الأطفال لا لغة على شفاههم، سوى أين القصف؟، متى ستضرب الطائرات؟، عقولهم لم تعد تحتفظ بالصور الجميلة، والقصص التي تحكي عن الخراف والأرانب، هم ضحايا هذه الحرب، إما قتلى وإما جرحى، أو يذرفون الدمع”.

وأكد الشاعر أن الطفل وليد بيئته، وما يسمعه ويشاهده، مشددا على أن أطفال قطاع غزة، يحتاجون بعد الحرب إلى برامج مكثفة للعلاج النفسي، وإزالة ما اختزنته عقولهم من صور سوداء.

ويُشكل الأطفال وفق إحصائيات مركز الإحصاء الفلسطيني نسبة 60 % من سكان قطاع غزة, يعاني 30% منهم بحسب إحصاءات حقوقيـة أمراضاً نفسية متعددة منها الخوف الشديد وأعراض الصدمة النفسية والعصبية جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على مدينتهـم.

علا عطاالله/الأناضول[/JUSTIFY]