تحقيقات وتقارير

خصخصة المرافق الحكومية… فشل السياسات

[JUSTIFY]انتقادات كثيرة واجهت تطبيق تجربة الخصخصة من قبل الاقتصاديين منذ أن أعلنتها الدولة في العام 1990 كتجربة بهدف تحسين الأداء الاقتصادي بالبلاد لعدم إسهامها في معالجة مشكلات الاقتصاد بصورة واضحة، ورغم ذلك ما زالت الحكومة ماضية في خصخصة المرافق الحكومية، فقد آلت المؤسسات التي تمت خصخصتها إلى قطاع خاص ضعيف وليس لشركات مساهمة عامة ناجحة مما أدى لتراجع الإنتاج، بينما تدافع الحكومة عن تجربة الخصخصة وتعتبرها الحل لمشكلة الاقتصاد بأن تخرج الدولة من النشاط الاقتصادي وتفسح المجال للقطاع الخاص مع الحرص على عدم تشريد العمالة وزيادة الإنتاج، ولكن حسب قراءة الواقع فإن تطبيق الخصخصة أسهم بشكل كبير في تشريد عدد كبير من العمالة في عدد من المرافق بجانب عدم مساهمتها في تدهور أداء الاقتصاد بشكل واضح، فمؤخراً أعلنت وزارة المالية الاتجاه لخصخصة «7» شركات حكومية في مجال السياحة والصناعة، حيث أوضح رئيس اللجنة الفنية للتصرف في مرافق القطاع العام د. عبد الرحمن نور الدين خلال اجتماع اللجنة بوزارة المالية برنامج التصرف للعام 2014 الذي شمل «14» شركة وهيئة للتصرف فيها منها «7» من الشركات المتبقية من العام السابق والتي يجري العمل فيها بجانب «7» شركات جديدة تمت إجازة التصرف فيها في مجالات قطاعات النسيج والصناعة والمقاولات، وفي وقت سابق اتجهت الدولة إلى خصخصة عدد من المشروعات الزراعية بعدة ولايات إلا أن تلك التجربة واجهت الفشل حيث انخفض نسبة عائد تلك المشروعات بصورة واضحة، فحسب التقارير الصادرة فإن عشرات المرافق العامة جرى التخلص منها بموجب ذلك القانون، بعضها بالبيع بعطاءات والأخرى بدون عطاءات مقابل ديون لبعض أثرياء العرب الذين مولوا أول موسم زراعي للاكتفاء من القمح وهو الموسم الذي شهد تدهورا كبيرا في الإنتاج نتيجة لتلك القروض التجارية خرجت الدولة من أسواق القطن طويل التيلة العالمية من أجل الاكتفاء الذاتي في القمح الذي تحولنا اليوم إلى أننا أصبحنا نستورد «90%» من استهلاكنا المحلي، ومع خروجنا من زراعة القطن تحطمت صناعة الغزل والنسيج بطاقات وصلت إلى «365» ثلاثمائة خمسة وستين مليون ياردة و«72» ألف طن غزول في العام، فيما تخوف عدد من المراقبين تجاه الدولة لخصخصة شركات السكر باعتبارها من المرافق الإستراتيجية المهمة بالنسبة للمواطن باعتبار أن السكر من السلع الضرورية، كما تعتبر تجربة سودانير خير دليل لفشل التجربة التي مر عليها أكثر من «24» عاماً، ومع كل تلك الإخفاقات تصر الحكومة على تطبيق الخصخصة في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد ترديا مريعا رغم الانتقادات التي أطلقها عدد من الجهات كاتحاد العمال والتي وصفها بالمدمرة والمضرة بمصالح العمال، ويرى الخبير الاقتصادي الأستاذ أحمد مالك أن سياسة الخصخصة واحدة من أدوات الفساد الكبيرة التي أضرت بالاقتصاد السوداني باعتبارها بوابة رئيسة دخل بها الفساد، مبيناً أنها واحدة من روشتات البنك الدولي التي ادخلها عبر قضية التحرير الاقتصادي، مشيراً إلى أن خطورتها تمكن في تحويل الملكية العامة إلى شركات خاصة وإخراجها من أدوات الدولة الأساسية وإضعاف النظام فيها، لافتاً لخروج عدد من المؤسسات من ملكية الدولة وعلى رأسها المشروعات الزراعية الكبرى «المناقل.. الرهد.. كنانة»، والمصانع الكبرى والبنوك بما فيها بنك الخرطوم، مبيناً أن الخصخصة التي تمت كانت بأثمان بخسة وإيجارات ضعيفة منها قطاع الاتصالات وهو القطاع الوحيد الذي حقق نجاحات كبيرة بلغت »3« مليارات دولار.

وهذه المليارات بدلاً من أن تضخ في خزينة الدولة أصبحت أموالاً تتدفق خارج البلاد، وهذا أيضا ينطبق على قطاع البنوك وتحرير العملة السودانية فبدلاً ما تدخل تلك الأموال إلى البلاد تخرج منه، أوضح مالك أن جميع المؤسسات التي بيعت كالأسواق الحرة وغيرها كانت النتيجة كارثية بل دمرت تماماً وأضعفت اقتصاد الدولة، ولا تستطيع الدولة تنفيذ تلك البرنامج مرجعاً الأسباب لعدم امتلاكها آليات التنفيذ، وهذه الخصخصة أحدثت مشكلة اجتماعية كبيرة أفرزت آلاف العاطلين الذين أحيلوا الى التقاعد المبكر، وأضاف لا توجد إلى الآن دراسة علمية قدمت لمجلس الوزراء أو البرلمان من جدوى الخصخصة وهل هي مفيدة أم غير ذلك؟

صحيفة الانتباهة
انصاف أحمد
ت.إ[/JUSTIFY]