رأي ومقالات

تهاني عوض: هووووي يا ولد ( المطلقة ) دي كان عرستها ما عافية منك دنيا وآخرة !!

في ضل شدرة نيم فى نص الحوش وذلك (الزير) النديان المربوط عليها بحبل دبارة، ثم لقاى الزير الذى فى بعض الاحيان تزاحمك فى الشرب منه (سخلات) البيت ،،، وبالقرب من تلك (الاوضة) الوحيدة التى تتحدى بوقفتها تلك اهرامات بعانخي ، وجبال ( توتيل) ، و طبقات الزبالة عليها كانت قد انهكت حائطها.. ولأن الترميم فقط من (عيد) الى (عيد) حيث يعود (العيد) بزبالة جديدة تختلط فى (الفريق) روائح صناعة الخبيز وخمير الزبالة ودخان (الطلح )و (الهشاب) وبعض الحنين..والغريب فى الأمر ان تلك (الغرفه) بحنيتها تسع (الجميع).. الوالد والوالدة وكوم هيل شفع ,,تتحدى تلك (الغرفة) ايضا فصول السنة التلاته فالفصل الرابع _فصل الربيع_ يصنعه الجو الأسرى بدفء مبالغ فيه ,,الرملة الحمرا على حائطها الداخلى وحدة فى اللون ,, ممزوج بصوت ( ود أبرق) على ( أشجار النيم) الظليلة.. وعنقريب ( جلد) منجور من شجر (السنط) وقد تهلهلت ( أرجله) وما زال يقاوم عاديات ( الزمن).. في ذلك (العنقريب) جلست حاجة ( الروضة) متمحنة في ولدها اللي هسع ما عرس ولا طارئ سيرة ( العِرس) ..وغمغمت بكلمات مبهمة في (سرها) .. ربما ندهت للأولياء.. ربما استنجدت بشيوخ القباب .. ربما توسلت (بالشيخ أبو كساوي) .. وأخرجت من صدرها (آهة) حرى وزفرات مريرات ..وقالت الليلة دي وحاة شيخي (التوم ود بانقا) الموضوع دا بنجضو ..آنشوف اخرتا المفعوص دا شنو !! وبينما كانت حاجة الروضة تسترسل في أفكارها وتناجي شيوخها.. وقفت جنبها بتها (العازة) البكر الماعندها حظ.. التي قعد معاها زوجها اربعة شهور و بعدها سافر إلى (ليبيا) وليهو 13 سنة،،،حاتل هناك .. لا جوابات لا مصاريف،، لاخبر لا أتر .. وقفت فوق راس أمها وقالت ليها : يا ها دي القهوة يُمـــة.. واتهجمت حاجة (الروضة) وصرخت: بسم الله خلعتيني وقطعتي قلبي .. سمح يا بت حشاي.. تعالي ختيها لي قدامي في التربيزة دي.. اها إن شاء الله تكوني قليتي لي معاها (الجنزيل والكُنبة)؟ انا القهوة البلا زنجبيل بتعمل لي وجع راس.. آآآي يمة قليت مع البن (الحبشي) الجنزبيل والكنبة..انتي ما شامة ريحة الكنبة والجنزبيل؟ لالا ما شامها قالوا ليك أنا (شمامة) ؟ أنا لي اربعة يوم (الزكمة ) كتلت حيلي..وهردت لحمي، وهرست عضامي ، وكرعي ما شايلاتني ، ما شايفة (نخرتي) سايلة شوووو زي موية الإبريق ؟! وفجأة باب الحوش حق الزنكي القديم كركب .. يا النبي نوح ..وانتبهت الأم كانو عضتا عقرب وقالت : بسم الله دا منو الجاينا دا .. كدي ناوليني توبي حق(الزراق) يمكن ضيف.. وناولتها (العازة) توب (الزراق) المشرور في الحبل .. ومن بعيد لاح (العوض) وهو يمشي ويتهوزز زي الزرافة في جلابيتو (الزبدة) البيضاء الجا بيها من السعودية .. و كوركت حاجة الروضة بطول حِسَها .. هو دا انت يا حبيب قساي.. تعال اقعد جنبي بي جاي.. ومالك مغبر كدي؟ كنت في المقابر ولا شنو ؟
آآآي يمة مشينا الدافنة ودي رجعتي .. (العوض) جا قعد جنب أمو في العنقريب..وفجأة
إلتفت حاجة (الروضة ) بعصبية زائدة ناحية بنتها.. هي يا (العازة) ما تقيفي فوق راسنا كدي وتشربي دمنا..عليك الله امشي جيبي لاخوك كوز موية من (التيبار) البارد داك ..وما تنسي تغسلي الكوز بالليفة والصابونة.. !
وتحركت العازة نحو (التيبار) المربوط في شدرة (النيم).. وهي تجرجر خطواتها وترخي اضانها لحديث امها مع أخيها (العوض).. . وتشعر في قرارة نفسها إنو امها عايزة (العوض) عشان تناقمو في موضوع العرس.. وأكيد مرة العوض حتجي تسكن معاهم في البيت دا وتبقى الكل في الكل لانو العوض هو البيصرف على البيت بعد وفاة أبوها وسفر زوجها الما معروف خبرو شنو …وهي ذاتها ما عارفه نفسها كان معرسة كان مطلقة ولا ارملة !!!
وتنحنحت حاجة (الروضة) و عاينت للعوض في عيونو وقالت ليهو بدون مقدمات : إنت يا (العوض) يا ولدي ما بتدورني أفرح بي جديدك واشيل وليدك؟!
– ليييه يا يمة بتقولي كدا ؟!
– نان شنو انت مما جيت من السعودية دي ما ليك 17 يوم .. كل يوم من الدغش تمرق تفر على البكيات .. وما خليت ليك (بكاء) ما مشيت ليهو ..نان موضوع عرسك بطنشو كدا لمتين ؟ لما أموووت يعني ولا شنو ؟!
– الله يديك العافية يمة ، ويطول لينا في عمرك .. أانا قلت أول بالتبادي نخلص من (الواجب) وانتهي من ناس الفواتح والبكيات ديل .. وبعدين نشوف الموضوع دا .. ولسه اجازتي باقي فيها شهرين ونص !!
– عاد يا ولدي العرس ما بدور ليها تجهيزات.. بدور ليهو مراتب،، وبدور ليهو ملايات ، وبدور ليهو عفش وفرش و دق (ريحة) وخمرة ، ودلكة ، وتجهيز شرموط .. هسع الشهرين ديل ديل بكفن ..ما يجرن زي الهواء .. أها بتدور بت منو ؟ اي بت تختارها أنا معاك ..بس انت قوووول يا ود حشاي!!
وتلفت (العوض) وقال ليها وهو يتلعثم ويحك في اضانو .. وعينو في الواطة بدور بت حاج اللمين..!!
– وووب عليّ ..حاج اللمين منو؟
– حاج اللمين ود الهراش!!
-كر علي قبلك ووحدك دا مش بياع الفحم سيد اللوري المكسر الوقع في الترعة؟ اجي يا ود امي ..وهو حاج اللمين دا عندو بنيات للعرس ؟ ما ياها واحدة عذبة ومسنوحة عرسوها وطلقوها ..ما يها المسيخة الغبشاء الضعيفة زي القصبة.. الفقر النقر قبال ما تتم ليها حول رجعوها بيت ابوها!!!!! بري ..بري وحدها وقبلا!!
– آآآي بدور (أمونة) يمة !! وما داير لي اي واحدة غيرا ! يا هي يا بلاش!!
واتصلحت حاجة (الروضة) في قعدتها وقبلت عليهو وعيونها زي الشرار من الزعل والغبينة وقالت ليهو : انت يا ولد مطرطش؟ ولا ماك صاحي ؟ ولا شارب ليك شي؟!! دي مطلقة ومسنوحة ولميضة ومتفلهمة وكاتلا البوبار… ما ياها دي الشغالة في (الشفخانة) تتضاحك اليوم كلو مع العيانين ؟؟ مالك ما شايف بنات خالك الزي (الصيد)؟ ولا غبيان من بنات عمك (الحُرات) ؟ يعني يا ولدي تصوم وتصوم وتفطر ليك على بصلة ..!! انا اتحزمت واتلزمت وداينتا الله أكان تبقى (أمونة) المطلقة دي اخر البنوت ما بعرسا ليك .. اجي يا اخواني .. هو يعني من قلة البنات ولا من عدم النسوان في الحلة !!! وحاة سيدي (الحسن ابو جلابية) كان جبت لي سيرتها تاني لاك ولدي ولا بعرفك وترجع لي لبن شطري!!! وما عافية منك دنيا وآخرة كان عرستها !!!
وذهل (العوض) من ردة فعل أمه الغاضب.. واسودت الدنيا في عينيه، وللحظة انهارت كل أحلامه التي ظل في بلد الغربة ينسج فيها أيام وليالي وشهور.. والتي كانت فيها تداعب ذاكرته صورة (أمونة) بت حاج اللمين .. فتاة حبه القديم منذ أيام الطفولة.. وكلما تذكر (ابتسامتها) العذبة ، وملاقتو ليها عند شدر (الترعة) توج في قلبو.. وتبق زي لهيب حطب السنط !!!

تهاني عوض

تعليق واحد

  1. ماشاء الله عليك
    ياتهاني كتابه وإسلوبك جميل
    أكيد إنتي بدور صاحبة القصه.