خالد حسن كسلا : الاتحــادي الديمـقراطـي فـي خطــر
فما من مسؤول حزبي أو ناشط سياسي أو مراقب أو كاتب صحفي علق على حالة هذا الحزب إلا وأشار في حديثه إلى أنه ليس كما كان بالأمس أيام الأزهري وبقية العقد الفريد الذين رحلوا عن الدنيا.
وقد كان آخر تقييم لواقع هذا الحزب في حديث أحد المنشقين عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم ووزير الدولة بوزارة العدل الأسبق الأستاذ أمين بناني. كان ضمن حواره مع هذه الصحيفة يوم أمس، حيث قال:«لا يوجد شيء اسمه الحزبي الاتحادي الديمقراطي ويوجد تيار اتحادي عريض، والميرغني يعوّل على الطائفة».. انتهى.
وتقييم يصدر من سياسي محنّك مثل بناني لا يكون مجرد هتاف كيدي في حملة انتخابية أو مهاترة مثل «القندول حرق القطية».
وخطورة مثل هذا التقييم لحزب كبير مثل حزب الحركة الوطنية الأول هذا تكمن في توقف عملية استقطاب العضوية، حينما تكون صورته في أذهان الأجيال الجديدة إنه حزب بلا هوية سياسية ولا برنامج حكم اقتصادي وتنموي.
وإنما فقط حزب يريد أن يستأثر بالسلطة ليتمتع بالامتيازات على مستوى قيادته. نعم يمكن تزيد عضوية بعض الأحزاب الأخرى، لكن ستمضي عضوية تيار الاتحادي الديمقراطي وحزب الحركة الوطنية الأول في انحسار. قد يأتي وقت ويكون فيه الحزب الاتحادي الديمقراطي من حيث حجم العضوية مثل الأحزاب المتوقفة النمو أو شبه متوقفة النمو مثل أجنحة أحزاب البعث والحزب الشيوعي والمجموعة الخارجة منه التي تسمي نفسها حركة حق.. وقال مؤسسها الخاتم عدلان إنه خرج من الحزب الشيوعي لأن الماركسية ـ التي يقوم عليها الحزب ـ ما عادت منتجة للمعرفة. وسنتحدث عن الخطر الذي فيه الحزب الشيوعي السوداني بعد مثل حديث الخاتم هذا.. وقبله انهيار المعسكر الشرقي. فهو الآن جنازة بحر. ولا يطرح فهم سياسي، ولا يملك هذا طبعاً للشعب السوداني، وإنما يطرح بالهمس مفاهيم معينة ليهيئ المجتمع لتقبل عضويته أو التعاطف معه، وكان يمكن أن يحدث هذا دون الارتباط بأفكار ماركس وأنجلز ولينين.
فهي أفكار ساذجة طبعاً أو هكذا تتراءى الآن في هذا العصر، ويمكن أن تزاحم طقوس اليهود والصليبيين النصارى لكنها لا تساوي شيئاً طبعاً إلى جانب الطرح الإسلامي.. المهم في الأمر هنا هو أن هناك مؤشرات تصوّر الخطر الذي فيه الاتحادي الديمقراطي بأجنحته الثلاثة أو الأربعة إذا قلنا هي «الميرغني» و«جلاء الأزهري» و«الهندي» و«الدقير». فهؤلاء جميعاً يمكن أن يتوحدوا ويوحدوا مرشحاً رئاسياً لهم في الانتخابات القادمة لكن ما قيمة وحدتهم وتوحيد مرشحهم دون جماهير تحملهم على الفوز الانتخابي كما في ثمانينات وستينات القرن الماضي. الآن يمكن أن تتوحد مثلاً أجنحة حزب البعث لكن جميعها لا تملأ عضويتها بنطوناً واحدة.
وكذلك أحزاب اليسار «شيوعي» و«حق» و«ناصري». والخوف الذي ينبغي أن يشعر به الاتحاديون تحت قياداتهم الأربعة من أن تصبح هذه القيادات رؤوساً بدون أجساد.
ويبدو أن بعض المراقبين يلمح إلى أن قيادة الميرغني للحزب الاتحادي الديمقراطي «الأصل» أو كل الأجنحة الاتحادية حتى تتوحد ليست مناسبة باعتباره زعيم طائفة معينة، وأنه غيرمستوعب لمتطلبات الحزب لصالح مستقبله القريب.
ويقول بناني أيضاً في «الإنتباهة» أمس «الميرغني يتعامل مع الحوار بتهاون حتى أنه لم يحضر جلسات الحوار، وأرسل أحد الجنرالات القدامى لكي يمثلوا الحزب في الحوار ولم يرسل أي سياسي كبير في الحركة الاتحادية حتى يعكس روح هذه الحركة ومواقفها».. انتهى.
لكن الميرغني يربطه بالحكومة ما هو أكبر من المشاركة في الحوار وأعمق، وهو مشاركة ابنه في السلطة بمنصب مساعد رئيس الجمهورية، مع أن ابنه نفسه لا يريد أن يكون فعالاً أو لم يستطع في هذا المنصب مع أنه يمثل فيه حزبا كبيرا، وهذا أيضاً جزء من الخطر الذي فيه الحزب.. أو التيار الاتحادي.
«والسياسي الكبير» الذي يشير إليه بناني في الحركة الاتحادية هو الذي ينبغي أن يكون مساعد الرئيس؟
صحيفة الانتباهة
ت.إ[/JUSTIFY]