منى سلمان

أبشر .. واشكر الغنّاية نقدا

[ALIGN=CENTER]أبشر .. واشكر الغنّاية نقدا !![/ALIGN] بعد انتهاء تقديم وجبة الغداء في مناسبة زواج احدى بنات الأسرة، تنحيت جانبا وتخيرت كرسي (مطرّف) على جانب الحوش، ضمن صفوف الكراسي الممتلئة بالسيدات والشابات من كل الاعمار، نتابع (الغنّاية) التي توسطت المجلس ورفعت عقيرتها بغناء تجاوبت معه الموجودات بفتور، لأن الغناء والغناية حسب تقييم الموجودات كانت (دقة قديمة)، رغم اجتهادها في الكشكرة لهن باغنية (الليلة من وين .. إنتو عايلة تملا العين )، مصحوبة باشارة من يدها اليسرى شملت بها الحاضرات بينما انشغلت يمناها بـ لبع الدلوكة ..
رويدا رويدا سرت (الهوشة) في الحاضرات و(قامت) بـ البعض منهن فتوسطن الساحة وانهمكن في العرضي والبشري، وتسللت الايدي نحو (المحافظ) لاخراج النقود، وتبارين على القائها في صحن الصيني (الغريق)، الذي وضعته (الغنّاية) على تربيزة امامها كي تغري به النساوين على (النقّيط) ..
تشتت تركيزي بين متابعة (الربّة) العامرة أمامنا، وبين مراقبة العيال الذين انشغلوا بالجري والتنطيط غير بعيد عن مجلس الغناء، عندما اقترب مني صغيري (اسامة) .. يبدو أنه كان يتابع ما يحدث في الساحة من بعيد، شدّني من طرف ثوبي كي انحني واسمح له بالهمس في أذني ففعلت .. فقال لي بالحاح:
يا ماما اديني ألف جنية عشان أختّها للمرة دي في الصحن !
تبسمت وأنا أحاول ان اخفي الغبطة والدهشة التي تملكنتني من جينات (الجعلنة) الوراثية، التي اورثت صغيري (الهوشة) وحب الشكر من بدري !
اعتذرت له بـ (ما شايلة لي ألف جنية) ولكنه واصل في الحاح:
ما مشكلة ان شاء الله ألفين أو خمسة ألف .. بس أي حاجة يا ماما.
تدخلت خالته التي كانت تقف بجواري وعبّرت عن سعادتها بـ (الجعلي) الصغير بأن نفحته ألفين (صم)، بعد أن اشترطت عليه أن يذهب لـ يبشّر في الغناية قبل أن يضع الالفين في الصحن .. ففعل حلاة حلاتو …
ظلت الحادثة محور تعليقاتنا في المساء بعد أن انفض سامر الغناء، وحاز اصرار الغنّاية على وضع الصحن امامها استحلابا لـ النقطة الكثير من المناقشات والتعليقات، فقد كانت المغنيات والمداحات قديما يمارسن تلك العادة، كما كانت البعض منهن يستعينن بـ تقنية (الايحاء التنقيطي) حيث يقمن بإعطاء بعض مساعداتهن نقودا قبل الحفل، كي يقمن بـ تنقيطهن بها أثناء الغناء وذلك بغرض تسخين السوق وتحفيز المعازيم والمعزومات على حزو حزوهن وتنقيط المغنية بالفيهو النصيب ..
كان التعبير عن الطرب (نقدا)، مع الهوشة المصاحبة لسماع الشكر الذي تبرع في نظمه الغنايات، عادة قديمة يتشارك فيها الجنسان رجالا ونساء، وان كانت رهافة قلوب الرجال وحساسيتها للطرب وسرعة استجابتهم للاستفزاز (الشكري) أعلى من النساء .. حيث كان التعبير النقدي عن الطرب مصاحب ببعض العادات غير الصحية المقرفة بمعايير اليومين دي، فقد تعارف على أن يندفع (المطروب) .. دي على وزن المجذوب .. يندفع لمنتصف الساحة فيصول فيها ويجول ما شاء له الله من عرضي وبشري، وعندما يبلغ به الطرب منتهاه يدخل يده في جيبه ويخرجها بالمقسوم من العملة الورقية، ثم يقوم بلحسها كي يستعين بـ لعابه على لصقها فوق جبين الغناية !
تطور نظام (التنقيط) مع الزمن والتأثر بثقافات البذخ البرجوازي الواردة، من اللصق في الجبين والخت في الصحن، إلى تكليل المغنّية بالعقود المصنوعة من رزم النقود ونثر مطر الكاش فوق رؤوس المغنيات، الذي قد يفيض فيتطاير ويسقط على حجور المحظوظات من المعازيم على طريقة (رزق المساكين من جيوب المنطربين).
لذلك كانت المغنيات التفتيحة يستعينن بـ (اللقاطّات)، تكون مهمتهن هي الاسراع بتلقيط النقطة المتناثرة من تحت اقدام المدعوات قبل أن يقمن بهبرها .. فمن ضمن ما سمعت في ذلك اليوم كانت قصة المبالغات التي صاحبت زواج ابنة أحد اثرياء المدينة، حيث غُمرت المغنّية التي احيت حنّة العروس بفيضان عارم من (النقطة)، التي انهالت عليها بالعملات الصعبة ورزم الآلاف بالمحلي الجديد، حتى فاضت تلك الرزم وتناثرت على المدعوات، اللائي لم يترددن ثانية في حشرها داخل المحافظ، بعد اطمئنانهن لفتوى قلوبهن التي افتتهن بأن مغانم حرب الطرب حلال زلال للمساكين والمسكينات ..
وقد حلفت احداهن بأنها تلقت على حجرها رزمة تحتوي على مبلغ سبعمائة وخمسين ألف بالتمام والكمال، لذلك لم يكن من المستغرب حضور نفس المغنية لرقيص العروس في اليوم الثاني وهي مدججة بدستة لقاطّات !

لطائف – صحيفة حكايات
munasalman2@yahoo.com

‫9 تعليقات

  1. 😎 😎 😎 اولاً التحية لكى على متابعاتك الاجتماعية وكل مايخص مجتمعنا السودانى وماله من عادات وتقاليد والحمدلله سوداننا الحبيب يمتاز ناسه الطيبين بالطرب وحب المجاملات وينتظرون بفارق الصبر زمن المناسبة حتى يستمتعون الطرب الجميل طبعاً زمان كان ايام المناسبة على الاقل سبعه ايام بالتمام والكمال كما يقول اهلنا الطيبون وكان لها طعمها الخاص وظروف الحياه كان مساعداهم وكانوا يسمونه بيت اللعبة اما الان فهو يوم واحد ونمشى ساعة الحفلة اذا كانت فى او وقت الغداء وتعقبه الفنانه وطبعاً نقيط الفنانه بعتمد على حسب القبيلة التى ينتمى لها اهل المناسبة وبختها لو كانو جعلييييييييييييييييييييييين :lool: :lool: :lool:
    والتحية لابنك الجعلى وربنا احفظو اكييييد ابوهو جعلى وربنا اكتر الافراح
    الى اللقاء فى مناسبة قادمة
    مع تحياتى جعليييييييييييييية……………………

  2. هذه عاده ليست جميله لانه تستفز الاخريين ولا يمكن ان يبنى بيت بهذه الطريقة لانه بدا على جرف هاو…. اعتقد حتى لو الانسان يملك مال عليه ان يراعى مشاعر الاخريين ويمكن ان يقدم هذا المال صدقه لمن يستحق لان مثل هذه العادات يجب ان لا تترسخ لدى الصغار لتورث طباع مبنى على البذخ لاننا علينا ان نغتدى بالرسول صلى الله عليه وسلم فى حديث الاسراف مذموم والانسان لا يجعل يده مغلوله الى عنقه ولا يبسطها كل البسط فخير الامور اوسطها … هذه هى من ضمن الاسباب التى تجعل العنوسة منتشرة فى الوسط السودانى كما تجعل عزوفا عن الزواج لان الزواج فى مفهومه الاسلامى الذى نحن ندين به سترة وليس اسراف ذلك يؤدى الى نتائج وخيمة فى المجتمع السودانى من العيب فينا اننا ناخذ العادات دون دراستها ودون تحليلها من حيث ايجابياته وسلبياتها صحيح ان الانسان يفرح ولكن الفرح لا يتم باذاء الاخريين ولا تحميل النفس ما لا طاقة لها هذه هى صميم تعاليم الدين الذى نحن نحمله فى اعتقادى ان الخطوة الاولى هى المقياس الحقيقى لبداية الحياة الزوجية ان الانسان الصادق هو الذى يطبق ما يعتقده فى حياته اليومية لاننى اتالم عندما يكون الزواج بهذه الطريقة البذخية وتجرح الشباب الذيين يبحثون عن الزواج انا اؤمن بحرية الفرد فيما يفعل ولكن عندما تقوم بفعل عام عليك ان تحترم مشاعر الاخريين ولا لما ذكر فى المقال ان بعض النسوة يحملن ما جاد به المال هلى حجورهن وهذا يدل على التناقض الاجتماعى لان مساعدة الغير هو الاهم وازالة الالم عن الاخريين ما دام لديك فضل زاد فليعد به على من لا زاد له واتمنى ان تكون هنالك منظمات خيرية هدفها دراسة المحتاجيين بصورة علمية لتقليل مجتمع الفقر …. عموما ان المقالة صورت واقع الحال بتجرد دون لبس او اضافة

  3. ابشري بالخير

    والله موضوعك دا شدة ما سمح كان في طريقة نحنا زاتو هسي ننقط ليك هنا بالريال والدولار 😀

    أنا الجعلي نقيطي سيل ومطر
    فوق الوجيه الضواي متل القمر
    أبشري بت السلمان الفارس وعنتر
    جعلية وأصيلة حفيدة المك نمر
    نحنا جاهزين بس أنتا تأمر أمر

    😀 😀

  4. لك التحيه اختى منى \ الموضوع جميل وماشاء الله عليك كتاباتك رائعه شكرا ليك

  5. طبعا يامنى نحن الجعليين قاعدين على الهبشه فى موضوع الغنى وخاصه غنى ناس حميرا والجود ودودو وحديثا ناس البشيرا وكبوشيه اول مانسمع صوت الشتم بنبقى فى عالم تانى من الجلد والعرضه والنقوطه وحاجات تانيه حاميانى… شاعرنا قال حصل صحاك عز الهجعه صوت شتما بعيد مخنوق وجاتك شخره الطمبارى مشتاقا يسوى القوق واتلفحت نص من توبك الجرجار على الدلوكه سايق سوق وتلقى هناك ولاد بلدك بنات بلدك يعلو الصفقه تقدح فى القلوب الشوق ونغم الفال ابشرا يابنات بالخير والجنيات تقوم لى فوق وكم زغروده تتفقع تفور بالناس بعد ماتروق يعوم الوز صدوروا تشابى للمجهول ومابضوق ويتقدم عريس السمحه شايل صوتوا كانوا بسوقوبيهو النوق والعنجاوى ينزل فوق ضهورن بس تقول منشحطه فوقا بروق …هناك الحال مغير جد وهيجه الناس تفوت الحد وكان حجازا مد اليد بتسمع كع كع كع …… مبروك ابنك حافظ على الجينات الجعليه ومابقى جعلى صعيد ساكت

  6. الموضوع شيق اخت منى وربنا يديك العافية دائما لما نقرأ لك نعيش حياتنا السودانية الحقيقية ونستمتع بذلك ونتذكر مواقف وقصص الله يقويك ويبرى قلمك دايما

  7. السلام عليكم ام اسامة
    يا اختي ما تشوفي لينا عروس ما شرط تكون فنانة انشاء الله لقاطة اخير لينا من الغربة ده واخوك بيعرف يسوق يعني ممكن نسوق ليهم الحافلة ونشيل الساون والشهادة الجامعية ده نعلقها في الحيط للاولاد.
    بس اسامة ده اعملي حسابك لو كبر قروشقكم لكها بضيعها ليكم.:eek: